أجور زهيدة وساعات طويلة تدفع عمالاً لترك العمل في الأفران الحكومية بالسويداء
السويداء- نورث برس
يبحث خالد العوض (38 عاماً)، وهو اسم مستعار لعامل ترك العمل في الفرن الحكومي الأول في السويداء، جنوبي سوريا، منذ أسبوع، عن عمل جديد يلبي احتياجات عائلته المكونة من خمسة أفراد.
وبعد ستة أشهر من العمل من خلال عقد لمدة ثلاثة شهور قام بتجديده لمرة واحدة فقط، ترك “العوض” العمل في الفرن، بسبب طبيعة العمل “القاسية” والراتب “الزهيد” الذي لم يتجاوز 50 ألف ليرة سورية.
إضافة إلى حرمانه من بدل المعيشة والبالغ 11500 ليرة سورية، لأنه كان يعمل ضمن عقود مياومة وليست دائمة.
وتشهد الأفران الحكومية في السويداء، تسرب عمال كانوا يعملون وفقاً لنظام العقود بسبب تدني الرواتب التي لا تتناسب مع ساعات العمل الطويلة وغياب الحوافز المالية والمكافآت.
وقال “العوض” إنه لم يكن الوحيد الذي ترك عمله في الفرن، فقد ترك خمسة عمال، بينهم امرأتان، العمل في اليوم نفسه.
والسبب صعوبة العمل على خط الإنتاج لفترات تدوم أكثر من 12 ساعة في اليوم، وذلك لتغطية نقص العمال الذين يفترض أن يكون عددهم 20 عاملاً، لكن الفرن يعتمد على خمسة فقط، بحسب العامل السابق.
وتضم السويداء المدينة ثمانية أفران حكومية و35 فرناً خاصاً.
أما سكان السويداء فيشتكون من تدني جودة الخبز المنتج في الأفران الحكومية، إذ أنه “رديء وغير ناضج” بشكل كامل ولا يبقى صالحاً بعد عدة ساعات.
ويرجع عمال يعملون في تلك الأفران السبب إلى غياب الأيدي الماهرة والخبيرة، إذ توكل تلك المهمة إلى عمال لا يمتلكون أي خبرة تجعلهم يقومون بالإشراف على عمليات العجن.
100 عامل
وتستمر الحكومة السورية بتقليل مخصصات السكان من الخبز، في ظل نقص القمح المنتج محلياً وارتفاع تكاليف الاستيراد.
ومنذ أشهر، تعاني غالبية مناطق سيطرة الحكومة، من انتشار طوابير السكان أمام الأفران للحصول على مادة الخبز المدعوم حكومياً، خصوصاً بعد تطبيق نظام البطاقة الذكية وتحديد مخصصات لكل عائلة بحسب عدد أفرادها.
والأحد الماضي، بدأ تطبيق الآلية الجديدة لتوزيع الخبز بعدة محافظات، وهو ما أعلنه زياد هزاع، مدير عام المؤسسة السورية للمخابز، في وقت سابق من أيار/ مايو الماضي.
والعام الماضي، بلغ عدد العمال والعاملات في الأفران الحكومية 291 عاملاً، ثلثهم من النساء، تسرب منهم هذا العام ما يقارب مئة عامل وعاملة، بحسب حاتم عباس وهو اسم مستعار لمسؤول حكومي في قطاع المخابز.
وذكر المسؤول لنورث برس أن لا أحد يتقدم لملء تلك الشواغر في السويداء.
وحالياً، تحتاج الأفران الحكومية إلى 125 عاملاً وعاملة.
وهذا العام تم إعلان ٧٤ شاغراً، لكن لم يتقدم سوى عشرة عمال، بحسب المسؤول الحكومي.
ويتطلب كل خط إنتاج في فرن حكومي وبشكل نظامي إلى 20 عاملاً للوردية الواحدة.
واقع مستمر
ويومياً، تفوق كمية الخبز المنتجة في الأفران الحكومية والخاصة بالسويداء 75 طناً من الدقيق، لتنخفض منتصف هذا العام إلى 59 طناً جراء انخفاض توريده من حكومة دمشق، وفقاً للمسؤول الحكومي.
ويبدو أن الجهود التي تبذلها مؤسسة المخابز والطحين الحكومية لمحاولة تغطية النقص بعمالة جديدة لا تجدِ نفعاً، مع بقاء الرواتب على حالها وعدم إعادة صيانة الأفران القديمة، بحسب عمال.
وبعد عمل استمر ثلاثة أشهر، تركت حميدة العامر (40 عاماً)، وهو اسم مستعار لسيدة من السويداء العمل في فرن مدينة شهبا الحكومي بريف السويداء الشمالي، “رغم حاجتي الماسة إلى المال لإعالة عائلتي.”
وكانت “العامر” تتقاضى شهرياً 52 ألف ليرة سورية، لكن ذلك لم يكن يغطي احتياجات عائلتها المكونة من ثلاثة أطفال لا تتجاوز أعمارهم عشرة سنوات وزوجها من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وذكرت السيدة أن طبيعة العمل الصعبة وصعوباته لا تتناسب مع الرواتب، لذا توجهت للعمل في تنظيف منازل ميسوري الحال مقابل أجور تقول إنها “أفضل” من راتب في الفرن الحكومي.
وأشارت إلى ست نساء أخريات تركن العمل في اليوم الذي تركت فيه بسبب انعدام التعويضات والاستغلال الحكومي الذي يتعرضن له من حيث ساعات العمل الطويلة دون أي تقدير أو حوافز مالية أو مكافآت.