عجز مزارعين بريف دمشق عن تخزين منتجاتهم الصيفية لعدم توفر الكهرباء والمازوت
دمشق – نورث برس
باع رامي أبو خازم (41 عاماً)، وهو مزارع في ريف دمشق، إنتاج أرضه من محصول الإجاص وغيره من الفواكه الصيفية بسعر متدنٍّ “مكرهاً”، بسبب عدم تمكنه من تشغيل براد حفظ الفواكه لديه وسط عدم توفر وقود المازوت (الديزل) المدعوم السعر، وزيادة ساعات تقنين الكهرباء.
ويقول مزارعون في مناطق سيطرة حكومة دمشق إن عجزهم عن تخزين منتجاتهم الصيفية، كما كانوا يفعلون في السنوات السابقة، أجبرهم على البيع بأسعار “رخيصة” لم تتناسب مع تكاليف الزراعة.
وتحول زيادة ساعات تقنين الكهرباء وعدم توفر المازوت مدعوم السعر وارتفاع سعره في السوق السوداء دون تشغيل البرادات، وذلك بعد عقبات سابقة واجهها المزارعون أثناء الموسم كارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات.
وتعيش مناطق سيطرة الحكومة نظام تقنين كهربائي حاد يصل في بعض المناطق إلى 20 ساعة قطع، وسط تصريحات حكومية عن نقص التوريدات النفطية وإجراء صيانة لبعض محطات الطاقة الكهربائية.
وفي الثامن والعشرين من الشهر الفائت، قال رئيس الحكومة السورية حسين عرنوس، خلال لقائه بصناعيين في مدينة حسياء بحمص، إن “تأمين الكهرباء ليس بالأمر السهل، لكن توجهنا إلى الطاقات البديلة هو أسرع طريقة لتأمينها للمواطن.”
لكن معظم المزارعين وأرباب المهن والسكان يعجزون عن تركيب تلك الطاقة، في ظل تراجع مستويات الدخل وارتفاع الأسعار.
ويبلغ سعر اللوح الواحد للطاقة الشمسية حوالي 600 ألف ليرة سورية، بينما يبلغ سعر البطاريات المناسبة للألواح حوالي مليون ليرة.
تكاليف وقود
وباع “أبو خازم ” موسم الإجاص بسعر 700 ليرة للكيلوغرام الواحد في سوق الهال بدمشق، لكن سعره في الأسواق يتراوح بين 2500 وأربعة آلاف ليرة.
ويتهم المزارع تجار التجزئة باستغلال وضع المزارعين غير القادرين على تخزين منتجاتهم وعلى تصريفها بسعر يحقق لهم أرباحاً تضمن استمرارهم وأفراد عائلاتهم في أعمالهم الزراعية.
وفي السنوات السابقة، كان المزارع يبيع نصف إنتاجه خلال موسم الإنتاج، ويخزن النصف الأخر للشتاء عندما تكون الأسعار “جيدة” وتعوضه في حال تعرض لخسارة في مبيعاته الصيفية.
ووفقاً لـ”أبو خازم” ومزارعين آخرين، فإن الحكومة تتحمل مسؤولية جزء كبير من خسارتهم نتيجة عدم تقديمها الدعم اللازم للزراعة وتنصلها من توفير المازوت المدعوم لتشغيل البرادات.
وفي العاشر من الشهر الماضي، رفعت الحكومة سعر مادة المازوت من 180 إلى 500 ليرة سورية لليتر الواحد، بينما يتراوح سعر الليتر الواحد في السوق السوداء ما بين 2300 و2500 ليرة سورية، ما يخلق أعباء إضافية على المزارعين.
ومنذ أكثر من عام، تشهد العاصمة وباقي مناطق سيطرة الحكومة أزمة نقص في المشتقات النفطية.
ولم تنجح السياسات الحكومية عبر تقنين تلك المواد من خلال اعتماد البطاقة الذكية والرسائل النصية في إيصال المخصصات لمستحقيها أو تخفيف الأزمات المعيشية.
دعم غائب
ويرى خبير اقتصادي في العاصمة أنَّ سياسة الحكومة اليوم تتجه نحو الصناعة والمنشآت الصناعية وإعادة تأهيلها رغم أن البلد زراعي، ورغم أن الزراعة تشكل إحدى مقومات استمراره “لكن يغيب عنها الدعم والتنمية الزراعية الحديثة.”
ويشير إلى أن أسعار الفواكه خلال الموسم الحالي “غير منطقية، في ظل اضطرار المزارع لبيع محصوله في سوق الهال بسعر متدني، وعجز السكان عن الشراء لانخفاض قدرتهم الشرائية.”
ويرجع الخبير، الذي اشترط عدم نشر اسمه، ارتفاع أسعار الفواكه إلى تجار الجملة الذين يحملونها في برادات شحن إلى دول الجوار كالعراق والأردن والسعودية وغيرها.
وقال إن “آليات السوق توازي نفسها بنفسها، إذ هناك مزارعون يبيعون إنتاجهم في موسمه وآخرون يخزنونه وفقاً للعرض والطلب.”
ولا يختلف واقع الحال لدى المزارع حسن شاهين (45 عاماً) الذي تعرض لخسارة مزدوجة، إذ أنَّ إنتاج أرضه تضرر في بداية الموسم نتيجة عدم قدرته على شراء السماد الكافي لأرضه.
واليوم يخسر “شاهين” جراء انقطاع الكهرباء وعدم قدرته على شراء وقود المازوت من السوق السوداء لتشغيل براداته.
ولا يكفي 20 ليتراً من المازوت لتشغيل المولدة سوى لأربع ساعات متواصلة، بحسب مزارعين.
وورغم أن المزارع “شاهين” لا يملك براداً إلا أنه كان يتمكن من حفظ منتجاته في برادات خاصة، “لكن هذا العام عجزت عن ذلك، إذ يكلف تخزين الكيلوغرام الواحد حوالبي 100 ليرة سورية شهرياً.”