تسريبات حصرية لنورث برس تتحدث عن تشكيل حكومة دمشق: مزادات وحملات وجرد حساب

دمشق – نورث برس

كما كان متوقعاً، كلف الرئيس بشار الأسد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسين عرنوس، بتشكيل الحكومة السورية الجديدة، في مرسوم اعتبره كثيرون تحدٍّ آخر للسوريين الذين وبالرغم من أنهم لا يعلقون أية آمال على أي حكومة جديدة، إلا أنهم لم ينسوا بعد القرارات القاسية لحكومة عرنوس.

وهذه المرة الثانية التي يتم فيها تكليف عرنوس تشكيل الحكومة في بلاد تشهد نزاعاً دامياً منذ العام 2011.

وبحسب تسريبات كانت نورث برس، قد حصلت عليها من مصدر مطلع على أجواء الترشيحات، فإن الأسد كان اجتمع خلال الفترة الماضية مع رئيس الحكومة المكلف حسين عرنوس لأكثر من مرة، في إشارة إلى نيته التجديد له وتكليفه برئاسة الحكومة الجديدة.

إعادة تدوير

وقال مصدر خاص لنورث برس، إن توجه القصر الجمهوري، يقضي بإعادة تدوير الوزارات السابقة، بحجة إعطائهم الفرصة والوقت الكافي لتنفيذ مخططاتهم والوعود التي قدموها قبل عام.

وعليه، سيحافظ أكثر من نصف الوزراء على حقائبهم، وخاصةً الوزارات “السيادية” والأساسية، على حد قول المصدر.

وتشمل الوزارات السيادية كل من وزارة الخارجية والداخلية والمالية والإعلام، والتي قال المصدر إنها ستبقى على حالها.

واستناداً إلى التسريبات التي نقلها المصدر، سيبقى وزير الخارجية فيصل المقداد في منصبه، وكذلك وزير الداخلية محمد خالد الرحمون، ووزير المالية كنان ياغي، ووزير الإعلام عماد سارة الذي يقول المصدر إنه باقٍ طالما بقيت لونا الشبل في القصر الجمهوري (مستشارة بشار الأسد الإعلامية.)

حملات لنيل الرضا

يسبق تشكيل أي حكومة جديدة، حملات تسويق وعلاقات عامة، يقوم بها الوزراء الحاليون أو أولئك الطامحين لمنصب في الحكومة الجديدة.

ويقول مصدر مطلع على طبيعة التحضيرات التي تسبق تشكيل الحكومة، إن الوجهة تكون غالباً نحو قادة الأجهزة الأمنية، وأيضاً باتجاه الشخصيات الفعالة في القصر الجمهوري، من أمثال وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام، ومستشارتي الأسد لونا الشبل ولينا كناية، إضافة إلى أسماء الأسد، الشخصية الأهم في القصر الجمهوري، والتي تحتفظ بحصة وازنة في أي تشكيلة حكومية جديدة.

وبحسب المصدر، “الوسطاء كثر ومن بينهم أعضاء في مجلس الشعب، ممن بدأوا عقب الانتخابات الرئاسية بلعب أدوار سمسرة لصالح هذا المرشح أو ذاك، مستغلين علاقاتهم ونفوذهم، وأحد هؤلاء هو نجل سفير دمشق في الهند رياض عباس والذي ينشط في “التوسط” لتعيين أحد المرشحين من محافظة الرقة مقابل مبالغ طائلة تُدفع لنافذين في القصر الجمهوري.”

ويشدد المصدر على أن “الأموال التي تُصرف على شراء (الكراسي) الوزارية تكفي لحلحلة العديد من الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها السوريون، فما بالك بالأموال التي صرفت لدخول مجلس الشعب والوزارة معاً؟.”

جردة حساب

اطلعت نورث برس على بعض أجواء الترشيحات، حيث يقول المصدر إن الأسد اجتمع بالعديد من وزراء حكومة تصريف الأعمال، ومن بينهم وزير الزراعة حسان قطنا.

ويروي المصدر أن قطنا قدم للأسد “جردة حساب” عما أنجزه خلال فترة توليه لوزارة الزراعة، وتفاخر بشكل خاص بأنه استطاع جني مليارات الليرات السورية لـ”الخزينة العامة” من “استثمار الأراضي المزروعة بالفستق الحلبي” في حماة وريف إدلب الجنوبي.

وأثار ذلك إعجاب الأسد الذي تساءل بحسب المصدر عن سبب نجاح الوزير قطنا فيما فشل فيه الوزير السابق أحمد القادري.

وكانت حكومة دمشق قد أعلنت عن مزايدة علنية بدواعي “استثمار الأراضي المشجرة بالفستق الحلبي”، بعدة مناطق بريف حماة وإدلب.

ويأتي ذلك للموسم الثاني على التوالي، حيث أعلن العام الماضي عن إجراءات مماثلة، وقالت إن الأراضي المطروحة للمزاد هي لـ”إرهابيين”، وإن ريع المزاد سيذهب لصالح “صندوق الشهداء”.

من هو “الرئيس المكلف” حسين عرنوس؟

يتحدر حسين عرنوس (68 عاماً) من مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب في شمال غرب البلاد. وتخرج من كلية الهندسة المدنية في جامعة حلب العام 1978.

وشغل مناصب عدة في المؤسسات الحكومية، كما كان محافظاً لدير الزور (شرق) ثم القنيطرة جنوباً. وتسلم وزارة الأشغال في 2013 ثم وزارة الموارد المائية في 2018.

وكان الأسد كلف عرنوس، وزير الموارد المائية سابقاً، في آب/أغسطس 2020 تشكيل حكومة جديدة، بعدما سلمه في حزيران/يونيو 2020 مهام رئاسة الوزراء مؤقتاً خلفاً لعماد خميس الذي اُعفي من منصبه.

وعرنوس مشمول بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على سوريا.

وبموجب الدستور السوري، تنتهي ولاية الحكومة مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، أي كل سبع سنوات، وتعتبر حكومة مستقيلة بعد أداء القسم الدستوري وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال.

وفي السابع عشر من تموز/يوليو المنصرم، أدى الأسد اليمين الدستورية لولاية رئاسية رابعة من سبع سنوات، بعد نحو شهرين من إعادة انتخابه في استحقاق أعلنت السلطات أنه حاز فيه على 95,1 في المئة من الأصوات، فيما شككت قوى غربية وخصومه بنزاهة الانتخابات ونتائجها.

وتقع على كاهل الحكومة مهمة صعبة في وقت تشهد البلاد أقسى أزماتها الاقتصادية، التي خلفتها الحرب، وفاقمتها العقوبات الغربية، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور.

واتخذت حكومة عرنوس السابقة خلال الأشهر الماضية، قرارات قاسية عدة بينها رفع أسعار البنزين غير المدعوم والمازوت والخبز والسكر والرز، في وقت تفاقمت مشكلة انقطاع الكهرباء، جراء نقص الغاز المغذي لمحطات توليد الطاقة الكهربائية، ووصلت مدة التقنين في بعض المناطق إلى نحو عشرين ساعة يومياً.

ويعيش أكثر من ثمانين في المئة من السوريين اليوم تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة.

إعداد وتحرير: رافي طعمة