حماة – نورث برس
قرر فواز الحراكي (38عاما) وهو اسم مستعار لأحد سكان حماة عرضَ كليته للبيع على أحد صفحات التواصل الاجتماعي، ليدفع تكاليف علاج طفلته المصابة بمرض السرطان، بعد عجزه عن تأمين تلك التكاليف.
ويقول لنورث برس: “قررت أن أبيع جزءاً من جسدي، فهو الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله في ظل هذا الوضع السيء.”
وتتزايد في مدينة حماة وسط سوريا ظاهرة عرض الكُلى للبيع، على صفحات التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب ازدياد ذوي الدخل المحدود وتناقص فرص العمل وتردي الأوضاع المعيشية التي يعيشها السكان.
وتنتشر الملصقات على الجدران والإعلانات على مجموعات التواصل خاصة بمدينة حماة، عن عرض أشخاصٍ لإحدى كليتيهم للبيع من أجل تأمين لقمة العيش لأطفالهم.
بيع رغم المنع
وبدأ هذا التفكير يدور في مخيلة الكثيرين لقناعتهم أنه الشيء الوحيد الذي بقي لديهم بعد انقطاع كافة السبل بهم.
وتباع الكلية بأسعار تتراوح بين 25-60 مليون ليرة، ويتم إجراء فحوصات تطابق أنسجة قبل بيعها. بحسب أحد الأطباء.
ويعاقب القانون السوري (رقم 30 ) لعام 2003 بالسجن مع الأشغال الشاقة وبغرامات مالية تجار الأعضاء البشرية.
كما ويمنع القرار الوزاري رقم (5) بتاريخ 17/1/2008، إجراء عمليات زرع ونقل الكلى إلا في مشافي محددة في سوريا ويمنع على المشافي الخاصة إجراء تلك العمليات.
ويتم زرع الكلية تحت إشراف الدولة، وبعد موافقة قاض شرعي ولجنة مختصة من المحكمة والأطباء.
لكن ذلك لم يمنع “فواز الحراكي” وأشخاص آخرين تتراوح أعمارهم بين 25 إلى50 عاماً ومعظمهم من فئة الشباب، أن يقوموا ببيع أعضاءهم باسم التبرع.
فبحسب “الحراكي”: “أبيع أحد أعضائي مقابل المال أسهل عليَّ من أن أرى أطفالي وزوجتي ينامون في الشارع جائعين أو يبحثون بين البقايا عن طعام ليتناولوه.”
ولم يمنع تحريم منح الأعضاء مقابل المال من الناحية الدينية الرجل من أن يعرض بيع كليته على صفحات فيس بوك، بعد أن “ضاقت بنا الحياة كثيراً وأوصلتنا إلى مرحلة بيع جزء من جسدنا.” على حد تعبيره.
وأضاف: “أصيبت طفلتي بالسرطان وتكاليف مرض السرطان مرتفعة للغاية بين مصاريف نقل وجرعات وعمليات، وغير ذلك، فلجأت لعرض كليتي للبيع لأنقذها.”
ودفع أشخاص اتصلوا بالرجل مبالغ تتراوح ما بين 20 مليون إلى 25 ليرة سورية لقاء بيعهم كليته، وقد اتفق مع أحدهم، حيث سيقوم بإجراء فحوصات التطابق في دمشق بعد انتهاء العيد من أجل أن يمنح كليته.
ولا يوجد في مدينة حماة أي مراكز لفحص تطابق الأنسجة ويتم تحويل مرضى زرع الكلية لدمشق وهنالك تجرى كافة العمليات.
أسعار زهيدة
وطلب محمود سالم (40 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان حماة، من أحد الأطباء مساعدته في إيجاد من يقوم بشراء كليته، بسبب حاجته الماسة إلى المال وسوء وضعه المعيشي.
لكن الطبيب رفض، وحذره من مغبة فعل ذلك كما حذره من تجار الأعضاء.
غير أن الرجل الذي يعمل في ورشة للخياطة ولا يتجاوز راتبه 75 ألف ليرة شهرياً، لم يقتنع بكلام الطبيب، “سوف أقوم بالذهاب إلى دمشق لأبحث عن مشترٍ لكليتي لكي لا أحتاج أحداً.”
وذلك بعد أن حاول كثيراً البحث عن عمل آخر دون جدوى. على حد قوله.
ويقول حسام الطرقجي (52عاما) اسم مستعار لطبيب في حماة لنورث برس، إن أعداد المراجعين الذين يرغبون ببيع كلاهم تزايدت في الآونة الأخيرة.
ويشير إلى أن العديد ممن أجروا فحوص التطابق غيروا من رأيهم عندما حان وقت إجراء العملية بسبب خوفهم.
“بينما باع العديد منهم كليته مقابل مبالغ زهيدة جداً مقارنة بالصحة والعافية.”
ويضيف أنه قام بتغيير قناعات الكثيرين ممن عاينهم، “أقنعهم بالتراجع عن هذا التصرف.”
وأشار إلى أنه “هنالك من استجاب وغير رأيه وبدأ يبحث عن حلّ آخر لمشكلاتهم، وهنالك من لم يقتنع ولجأ لصفحات التواصل الاجتماعي لعرض كليته للبيع.”
ورصد تحقيق لجريدة البعث التابعة للحكومة السورية العام الماضي، وجود شبكات ضخمة لتجارة الأعضاء البشرية، تنطلق من سوريا إلى دول الجوار، وتقوم بإيصالها إلى دولٍ أوروبية يكثر فيها الطلب على الأعضاء البشرية.
وأشار التحقيق الذي تم حذفه من موقع الجريدة، إلى أن “جريمة الإتجار تتم بشكل علني وشبه علني عبر مافيات داخل سوريا وخارجها.”