تل تمر – نورث برس
يؤرق تأمين سكن جيد قبل حلول الشتاء تفكير النازح حسين محمد، بينما يعمل في بقاليته الصغيرة بإحدى الأحياء الشعبية ببلدة تل تمر شمال الحسكة شمال شرقي سوريا، نظراً لتهالك جدران المنزل الذي يسكن فيه حالياً.
وعلى غرار العشرات من سكان البلدة، فإن الغلاء الذي تشهده إيجارات المنازل في ظل تراجع الحركة العمرانية وقلة البيوت الفارغة، تشكل معضلة كبرى تعترض ‘‘محمد’’ في تأمين منزل أفضل.
وخلال العامين الأخيرين، تشهد بلدة تل تمر تراجعاً ملحوظاً في الحركة العمرانية بسبب التوترات الأمنية والاستهداف المتكرر من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها على المنطقة.
ولم يسجل المكتب الفني في بلدية الشعب بالبلدة، التابعة للإدارة الذاتية، سوى ترخيصين للبناء خلال العام الأخير، وفق ما قاله كوران محمد عضو الدائرة الفنية بالبلدية، لـنورث برس.
ومنذ أن استولت الفصائل المسلحة الموالية لتركيا على منزله في قرية الشركة بريف مدينة سري كانيه (رأس العين)، قبل نحو عامين، يسكن ‘‘محمد’’ في منزل مؤلف من غرفتين ضمن بلدة تل تمر بعد النزوح إليها مع عائلته.
ويشير ‘‘محمد’’ وهو أب لستة أطفال، بأن المنزل الذي استأجره بـ30 ألف ليرة سورية شهرياً، لا يصلح للسكن، نظراً لقدمه واهتراء جدرانه.
ويضيف: “قبل أيام لدغتني عقربتين في بهو المنزل عندما كنت نائماً في المساء، كما أنه خلال الشتاء الماضي تسربت المياه من السقف.”
ويتساءل “بصراحة لا أعلم ماذا أفعل الآن.”
وفي التاسع عشر من شهر تشرين الأول / اكتوبر 2019، قامت القوات التركية والفصائل الموالية لها بعملية عسكرية في مدينتي سري كانيه وتل أبيض مما تسبب بنزوح قرابة 300 ألف شخص.
واستقبلت منطقة تل تمر عدداً كبيراً منهم، مما دفع الإدارة الذاتية لتحويل المدارس إلى مراكز لإيواء عشرات العائلات النازحة.
ورغم المساحة الجغرافية الصغيرة للبلدة، تقول إحصائيات رسمية من لجنة شؤون المنظمات بتل تمر، إن الهجمات التركية تسببت بنزوح ثلاثة الآلاف عائلة إلى منطقة تل تمر، ويبلغ تعداد أفرادها قرابة 30 ألف شخص، جلهم أطفال ونساء.
ومنذ عدة أشهر، يبحث “محمد” عن منزل بسعر جيد، إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل، “فأغلب البيوت عرضها أصحابها للبيع أو الإيجار بمبالغ تفوق قدرتي المادية.”
وبلغ سعر آجار المنزل ضمن بلدة تل تمر بحدود 100 إلى 150 دولاراً شهرياً، بينما لا يتجاوز دخل “محمد” الشهري 250 ألف ليرة سورية بحدود 75 دولاراً.
ودفع انهيار قيمة الليرة السورية وارتفاع تكاليف البناء بالمتعهدين وأصحاب الأبنية إلى التوقف عن استكمال أعمال البناء وبقيت العديد من الأبنية على الهيكل لأجل غير مسمى.
لكن عبدو بارافي وهو متعهد بناء في بلدة تل تمر، قرر البدء بعمله رغم الصعوبات “لتوفير العقارات للسكان بعد ازدياد الطلب عليها كثيراً.” على حد تعبيره.
وباشر “البارافي” استكمال العمل في تشييد بناية مؤلفة من ثلاثة طوابق وسط البلدة، بعد أن أوقف العمل فيها لأكثر من عام، بسبب التوترات الأمنية التي شهدتها المنطقة.
وقال ‘‘بارافي’’ بأن الاستقرار النسبي الذي شهدته المنطقة خلال العام الماضي واكتظاظها بالنازحين، زاد من الطلب على المساكن، “حتى أنني بعتُ جميع الشقق التي قمت ببنائها حتى قبل أن استكمل بنائها.”
ويسعى المتعهد للاستثمار في المنطقة لتكون بادرة ارتياح للعامة وتشجيعاً لأقرانه المتعهدين على الاستمرار في العمل رغم المخاوف التي تمتلك الكثيرين.
وتدفع قلة الأبنية السكنية وكثرة الطلب على مساكن الآجار ببعض مالكي المنازل إلى الاستغلال. وفقاً لسكان.
وبحسب المكاتب العقارية في البلدة، فإن الإقبال على الإيجار أكثر من الشراء، حيث تشهد عملية شراء العقارات تراجعاً كبيراً مقابل الإيجار على عكس السنوات الفائتة.
ويقول عبدالقادر محمد وهو صاحب مكتب عقاري بالبلدة، إن عملية بيع وشراء العقارات شبه معدومة، “بسبب الوضع الاقتصادي السيء للمواطنين والخسائر التي تكبدها السكان من المواسم الزراعية الحالية.”
ويضيف: “بالنسبة للآجار فهناك طلب كثير عليه، إلا أنه وبسبب اكتظاظ المنطقة بالنازحين وعدم وجود الأبنية، فالحصول على السكن للآجار صعب للغاية.”