القامشلي – نورث برس
ينشغل كاوا دوكو (35 عاماً) وهو من سكان مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا في معظم الأوقات بالبحث عن حلولٍ بديلة لتأمين الكهرباء لمنزله في ظل انقطاع كهرباء الأمبيرات عن حيه وقلة ساعات تغذية النظامية مع اشتداد حرارة فصل الصيف.
وتعاني بعض الأحياء في القامشلي من انقطاع تام لكهرباء الأمبيرات بعدما قرر أصحابها إزالتها “بحجة ارتفاع تكاليف التشغيل”، فيما تعاني أحياء أخرى من انقطاعات متكررة والتي تستمر لأيام وأحياناً لأسابيع، “بحجة أعمال الصيانة.”
وتنقطع لعدة ساعات بشكل يومي أثناء التوقيت المخصص لتشغيلها في أحياء، ويرجع أصحاب تلك المولدات السبب إلى أعطال.
ويتساءل سكان عن طبيعة تلك الأعطال اليومية والتي تحدث غالباً في نفس الساعة من كل يوم، ولم لا يتم تعويضهم في ساعات أخرى وخاصة أنهم يدفعون كامل رسوم الاشتراك نهاية كل شهر.
ويعتمد السكان في القامشلي وغيرها من المدن في شمال شرقي سوريا بشكلٍ رئيسي في التغذية الكهربائية على المولدات ضمن نظام “الأمبيرات”، إلى جانب الكهرباء النظامية التي تشهد ومنذ شهور تقنيناً حاداً بسبب انخفاض منسوب مياه نهر الفرات.
ومنذ نحو خمسة أشهرٍ، يعاني “دوكو” مع 400 عائلة في حي السياحي من انقطاعٍ تامٍ لكهرباء الأمبيرات بعدما قرر صاحب مولدة الحي إزالتها.
ويقول الشاب إن الكهرباء النظامية لا تصلهم في اليوم سوى ساعتين أو ثلاث ساعاتٍ على الأكثر وغالباً ما تكون في أوقاتٍ لا يمكنهم الاستفادة منها.
وكان تأثير انقطاع الكهرباء واضحاً خلال زيارةٍ لفريق نورث برس للحي الآنف الذكر، حيث كانت معظم المنازل تعتمد على مولدات كهرباء صغيرة خاصة، تتداخل أصواتها مع بعضها مع دخول شوارع الحي، بينما أسلاك المولدة متراكمة ومرمية على الأرض.
“وعود زائفة”
وقبل نحو شهرٍ، اجتمع مسؤولون في مجالس من إدارة المدينة مع سكان الحي لطرح مشاكلهم وإيجاد حلولٍ مناسبة لها “ولكن كان ذلك دون جدوى”، وفقاً لـ “دوكو.”
عدا عن ذلك، قال إنهم كسكان الحي “قدموا أكثر من مرة شكاوي لبلدية الشعب والجهات المختصة بالكهرباء ولم يتلقوا منها سوى وعود زائفة”، على حد تعبيره.
ويحدث هذا في ظل ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة، حيث سجّلت القامشلي خلال الأيام الماضية درجات حرارة تجاوزت الـ40 درجة مئوية بحسب موقع “World Weather Today” المتخصص بأخبار الطقس والأحوال الجوية في العالم.
وتقول وضحة تمو (60 عاماً) وهي من سكان حي الكورنيش في القامشلي، إن المولدة التي يشتركون فيها متوقفة منذ نحو 20 يوماً “بحجة تعطلها وإجراء صيانة لها.”
وتضيف أنه “سبق ذلك توقيف المولدة لمراتٍ عديدة وبشكلٍ متكرر بحجة الأعطال تارةَ ونقص مادة المازوت تارةً أخرى.”
ورغم أن المولدة تبقى متوقفة لأيامٍ عديدة في كل شهر، تدفع “تمو” وباقي المشتركين في الحي رسوم اشتراكهم بالكامل في نهاية كل شهر.
وحاولت نورث برس التواصل مع صاحب المولدة ولأكثر من مرة، إلا أنها لم تتلق أي ردّ.
وتبرر عزيزة جلال وهي مسؤولة في قسم الخدمات في بلدية القامشلي عدم تخصيص مولدات لأحياء تعاني من انقطاع تام لكهرباء الأمبيرات بأنه “ليس هناك أماكن متوفرة لوضع مولدات بديلة عنها.”
وتضيف أنهم وقبل فترة التقوا مع مسؤولين في هيئة التربية للسماح بوضع مولدة في باحة إحدى المدارس “لكنهم لم يسمحوا لنا بذلك رغم إصرارنا على الأمر.”
وتذكر أن هناك مولدات في بعض الأحياء تستهلك قدراً أكبر من المازوت مقارنةً بغيرها ولا يستلم أصحابها كمياتٍ كافية من لجان المحروقات ما يؤدي إلى توقفها في بعض الأحيان.
لكن وفي تصريحٍ سابق لنورث برس، في حزيران/يونيو الماضي، قال محمد صالح عبدو الرئيس المشارك لهيئة التربية والتعليم في إقليم الجزيرة إنهم “سمحوا بوضع مولدات في عدة مدارس لتغذية الأحياء لما لها من فائدة للعامة.”
“تحقيق أرباح”
ولا يختلف الأمر بالنسبة لمولدات تعمل بنظام تغذية 24 ساعة وتتّخذ من “ملعب 12 آذار” موقعاً لها ولديها العدد الأكبر من المشتركين من سكانٍ ومنظماتٍ إنسانية ودوائر عامة ووسائل إعلامية وغيرها.
ويقول مشتركون التقت بهم نورث برس، إنهم “يدفعون مبالغاً ضخمة لصاحب هذه المولدات مقابل الاستفادة من خدمة الكهرباء المتواصلة 24 ساعة ولكن هذا لا يحصل غالباً.”
وكان قد توجه عددٌ منهم إلى بلدية الشعب في القامشلي وقدموا شكاوى عند اللجان المختصة بحق صاحب المولدة الذي يقطع عنهم الكهرباء بشكلٍ متكرر “بذريعة الصيانة.”
وتقول بلدية الشعب في القامشلي إن فريقاً لها تواجد، يوم السبت الماضي، في الملعب للكشف على أعطال المولدات وكان هناك أكثر من ميكانيكي يعملون في أعمال الصيانة.
وللتحقق من الأمر، توجّه فريقٌ من نورث برس، الأحد الماضي، إلى موقع المولدات في الملعب وكانت المولدات متوقفة عن العمل ولم يلحظ الفريق أيّ ورش ميكانيكية تقوم بصيانة المولدات.
وتبرر “جلال” توقف تلك المولدات لساعات عن العمل أنها “قديمة ومن الممكن أن تتعرض لأعطالٍ كثيرة.”
وتضيف المسؤولة في قسم الخدمات لنورث برس، أنه “على المشتركين التحمل لخمسة أيام أو عشرة أيام إن تطلب الأمر ريثما تنتهي الورش الميكانيكية من أعمال الصيانة.”
وتشير “جلال” إلى أنه ليس بإمكانهم فعل شيء ما لم يتلقوا شكاوى رسمية من الكومين وهي أصغر وحدة اجتماعية في الإدارة الذاتية تعمل على تنظيم ومراقبة الخدمات في الأحياء.
ويبدو أن كلام المسؤولة في قسم الخدمات لا يلقى صدى لدى سكان وخاصة أنهم قدموا شكاوي لمرات عديدة، وقالوا إن في إيقاف تلك المولدات أرباح يحققها أصحاب المولدات.