وجهاء نبل والزهراء: شعار المصالحة الوطنية للحكومة السورية بقي حبراً على ورق

حلب – نورث برس

يعتبر وجهاء في بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين بريف حلب الشمالي، شمالي سوريا، أن شعار المصالحة الوطنية الذي سوّقت له الحكومة لم يُترجم واقعاً على الأرض بعد، إذ ما زالت قرى المنطقة خاوية من سكانها.

ويعتقد هؤلاء  أنه لا يمكن لجهود المصالحة أن تتم ما لم تعد الحياة لطبيعتها في القرى والبلدات بريف حلب الشمالي وغيرها من المناطق التي شهدت اقتتالاً، بالإضافة لضرورة إيقاف انتهاكات تركيا وسياستها في التغيير الديمغرافي شمالي البلاد.

شحن مذهبي وطائفي

وقال أسد الله سمية (45 عاماً)، وهو طبيب أسنان عمل مع لجان المصالحة الحكومية، لنورث برس، إن “المشكلة في منطقتنا ما زالت قائمة على أساس طائفي ومذهبي كما كانت في بداية الأحداث.”

ومع اندلاع الاحتجاجات في سوريا والاشتباكات بعدها، حصل شقاق بين مكونات في ريف حلب الشمالي، خاصةً على أساس مذهبي وسط غض نظر من طرف الأجهزة الحكومية آنذاك. ورغم بسط الحكومة سيطرتها على حلب وأجزاء من أريافها، إلا أنها لم تقم بإجراءات حقيقية من شأنها تخفيف التوتر بين مكونات المنطقة، بحسب “سمية”.

ويرى الطبيب أن “على الحكومة السماح للسكان في بلدات عندان وحيان وحريتان وغيرها من المناطق بالعودة على الأقل، وإعادة الخدمات ليشعروا بالانتماء لمجتمعهم ودولتهم.”

ويضيف: “المصالحة الوطنية التي تنشدها الحكومة لا تتخطى الكلام الإنشائي المخصص للتسويق الإعلامي.”

ومع بداية فتح طريق نبل والزهراء في شباط/فبراير 2016، روّج الإعلام الحكومي لعودة عائلات إلى بلدات تلجبين وحردتنين ومسقان في ريف حلب الشمالي.

لكنها في الحقيقة، بحسب “سمية”، كانت عودة محدودة لبعض الأسر، “كما أن الزيارات التي قام بها المحافظ ورئيس اللجنة الأمنية لطالما تغنت بعودة الحياة للريف، ولكن الحقيقة أن الاحتقان الطائفي ما زال سيد الموقف.”

توجهات وولاءات مختلفة

ويعتقد فيصل العلي (69 عاماً)، وهو مدرس متقاعد وأحد وجهاء بلدة الزهراء، إنه الاختلاف الذي نعيشه اليوم بين مكونات المنطقة ” كان موجوداً، ولكن لم يظهر بسبب السطوة الأمنية الحكومية.”

وأضاف: “بعد اندلاع الحرب، طفت الخلافات على السطح وانقسم مجتمعنا السوري إلى مذاهب وطوائف وقوميات. طبعاً الحكومة تنكر هذا الواقع ولكنه موجود وهي لم تقدم مبادرات حل حتى اللحظة.”

ويرى “العلي” أن السوريين اليوم “مقسمون ما بين تركيا وإيران وروسيا وأميركا، في ظل غياب أي حوار سوري-سوري.”

ويتساءل: “كيف لابن نبل والزهراء التعايش مع سكان عندان إن لم تتم خطوات تصالحية حقيقة بعيدة عن التنظير والشعارات الفارغة، كيف لنا نحن من تحاربنا لمدة عشر سنوات أن نعود هكذا وببساطة وكما كنا سابقاً بدون وجود حل حقيقي.”

ولا تهتم الحكومة بالسلم الاجتماعي والتعايش بين المكونات المختلفة بقدر ما تهتم لتمليع الصورة إعلامياً وإظهار صورة المجتمع كأنه متماسك وموال لها، بحسب سكان بريف حلب.

وهو ما يعتبره “العلي” ” قمة الاستخفاف بالواقع والاستهتار بالأرواح، لاسيما نحن الأقليات  فنحن نعيش في قلق لن يتبدد وسط استمرار الأوضاع الراهنة.”

مخاوف تهجير جديد

وقال محمد علي شربو (65 عاماً)، وهو من أعيان مدينة نبل ومدرس تاريخ متقاعد، إن ما حصل للكرد في عفرين قبل ثلاثة أعوام من تهجير واقتلاع من الجذور على أيدي الفصائل وتركيا يمكن أن يحصل في نبل والزهراء بالرغم من التواجد الحكومي والحضور الإيراني.

وأضاف: “المصالح لا تعترف بالشعوب وحقوقها فتركيا تحول مناطق سيطرتها القريبة لبؤر تشدد وتطرف تنتشر فيها الأفكار التكفيرية.”

وتبقى الضمانة، بحسب “شريو”، هي تنوع المجتمع وتوازنه، والخلل الذي تقوم به تركيا من خلال العبث بالبنية الديمغرافية وممارساتها بحق الكرد سيعرضنا لمخاطر جمة قد يكون أحدها تهجيرنا من مناطقنا.

ويرى مدرس التاريخ أن الحكومة وحلفاؤها معنيون بوقف السياسة التركية شمالي البلاد قبل أي حديث عن مصالحة أو عودة للاجئين.

إعداد: نجم الصالح – تحرير: محمد القاضي