مازوت التدفئة صيفاً أولوية لسكان في دمشق

دمشق – نورث برس

قامت رانيا خليل (42 عاماً)، التي تسكن في بلدة قطنا غرب دمشق، بشراء مئتي ليتر من مادة المازوت(الديزل)، هذا الصيف، تحسباً لفقدان المادة وغلاء سعرها خلال فصل الشتاء.

وخلال الشتاء الماضي، عانى سكان العاصمة من نقص شديد في مادة المازوت، إضافة لساعات تقنين الكهرباء الطويلة التي تزداد بين الحين والآخر.

وتقوم المرأة التي تعمل في تقطيع البطاطا لمحل وجبات سريعة في المنطقة، بادخار ما تستطيع من المال وشراء كمية عشرين ليتراً كلما استطاعت.

وعلى عشر دفعات، تمكنت المرأة من الحصول على برميل من المازوت للتدفئة، بعد توقعها أن “الحكومة غير قادرة على حلّ هذه المشكلة.”

وتعتبر “خليل” القيام بتأمين وقود التدفئة أولوية بالنسبة للأمور والحاجيات الأخرى، ذلك أن أطفالها الأربعة “عانوا بما يكفي من البرد خلال الشتاء الفائت”.

وتقول إن ساعات التقنين الكهربائي غير مستقرة وتزداد يوماً بعد يوم في فصل الصيف، “ما يبشر بفصل شتاء معتم وبارد علينا الاحتياط له.”

سياسات حكومية

ولم تنجح السياسات الحكومية من خلال رفع أسعار المواد أو  تقنينها من خلال اعتماد البطاقة الذكية والرسائل النصية في إيصال المخصصات لمستحقيها أو تدارك النقص الحاصل في تلك المواد.

وخلال الشتاء الماضي قامت الحكومة السورية بتخفيض مخصصات البطاقة الذكية للسكان من 200 ليتر إلى 100 ليتر.

كما قامت برفع أسعار المشتقات النفطية عدة مرات خلال العام.

والسبت الماضي، أصدرت وزارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق قراراً برفع سعر مادة وقود المازوت من 180إلى 500 ليرة سورية لليتر الواحد.

ولم تخفف هذه الاجراءات من مخاوف السكان من فقدان مادة المازوت خلال الشتاء، إذ وصل سعره في السوق السوداء خلال الشتاء الفائت إلى 2500 ليرة لليتر الواحد.

ويرجح سلمان التخ (37 عام)، وهو اسم مستعار لطبيب أسنان يعيش في العاصمة، أن ترفع الحكومة سعر المازوت مرة أخرى في الشتاء، “ومن المؤكد أنها لن توزع منه إلا كميات قليلة.”

ويقول إن “رفع أسعار المواد المدعومة كالأرز والسكر والخبز وغيرها، كلها علامات واضحة على أن سعر المازوت في السوق السوداء سيتضاعف عما هو عليه الآن.”

وقام الرجل بشراء 500 ليتر، حتى الآن، ويسعى لجعلها 1000 ليتر قبل بداية الشتاء، ليؤمن حاجة عائلته من المادة.

تجارة بالطاقة الذكية

ومنتصف شهر حزيران / يونيو الماضي، أعلن مسؤول في الحكومة السورية أنه سيتم توزيع مادة المازوت عبر الرسائل النصية اعتباراً من مطلع تموز/ يوليو الحالي، بعد تجربة في دمشق وريفها.

وكانت الحكومة السورية قد اعتمدت هذه الآلية في توزيع مادتي الغاز والبنزين سابقاً.

 وتقوم الآلية على إرسال رسالة نصية إلى كل مواطن حاصل على البطاقة الذكية تتضمن موعداً لاستلام المادة مع تحديد مكان الاستلام.

ومنذ  بدء توزيع مادتي الغاز والبنزين عبر الرسائل النصية، أصبح السكان يعانون أكثر من تأخر وصول تلك المواد، بسبب تأخر وصول الرسالة للبعض عن الموعد المخصص لتوزيعها.

 و يتخوف “التخ” وسكان آخرون “من أن يجري الأمر نفسه مع مادة المازوت”.

وازدادت تجارة مواد البطاقة الذكية المدعومة حكومياً ومن ضمنها المازوت، حيث تضطر عائلات تعاني تدهوراً معيشياً حاداً لبيع مواد تلك البطاقات لتأمين مستلزمات أخرى.

وقال جورج بغدي (52 عاماً)، وهو اسم مستعار لسائق سيارة لتوزيع المحروقات في منطقة ركن الدين بالعاصمة، لنورث برس، إن عمله تحول من بيع المازوت إلى التنسيق بين من يريد بيع مخصصاته ومن يريد شراءها بسعر السوق السوداء.

ويحصل “بغدي” بذلك على مبلغ لقاء توسطه بين بائعين ومشترين.  

لكنه لم يكن يتوقع استمرار العمل صيفاً، فما “زال الطلب على المازوت مرتفعاً، ومازال سعر السوق السوداء محافظاً على قيمته.”

إعداد: رغد العيسى – تحرير: حسن عبدالله