سكان في دمشق يتركون أعمالهم أو يتشاركون وسيلة نقل وسط الأزمة

دمشق – نورث برس

ترك عماد فرج (34 عاماً)، وهو اسم مستعار لعامل في العاصمة، عمله في أحد المطاعم بسبب عجزه عن تحمل تكاليف التنقل من وإلى عمله وسط أزمة المواصلات الخانقة التي يتوقع تفاقمها أكثر بعد رفع الحكومة لأسعار الوقود.

ومنذ أكثر من عام، تشهد العاصمة وباقي مناطق سيطرة الحكومة السورية أزمة نقص في المشتقات النفطية، ما تسبب  بأزمة مواصلات خانقة وتراجع عدد وسائل النقل الداخلي العاملة في الأحياء والبلدات المحيطة.

ودفعت الأزمات سكان العاصمة للبحث عن إيجاد بدائل أخرى في تنقلاتهم بعيداً عن السرافيس، وقرر البعض ترك أعمالهم البعيدة عن مكان إقامتهم ، بينما لجأ آخرون إلى التشارك في وسائل النقل.

وكان “فرج” يعمل نادلاً في أحد المطاعم بمنطقة أبو رمانة وسط دمشق، ويحتاج ما بين 12 ألفاً و15 ألف ليرة يومياً للتنقل بين منزله الكائن بمدينة جرمانا بريف دمشق ومكان عمله.

لكن الشاب الثلاثيني كان يتقاضى 150 ألف ليرة سورية شهرياً، ما أجبره على استخدام باصات النقل الداخلي أو السرافيس التي اصبحت قليلة العدد، خاصة في توقيت ذهابه وعودته.

لا حلول في الأفق

يقول “فرج”، لنورث برس، إنه اضطر مؤخراً للاعتماد على سيارات أجرة (تكسي)، “لكن راتبي كله كان يذهب كأجرة النقل، فتركت العمل.”

ويفكر الشاب الثلاثيني الآن في بديل لعمله القديم الذي يستحيل أن يعود إليه بعد أن رفعت الحكومة أسعار الوقود، ما ينبئ بتفاقم الأزمة لا حلها.

والثلاثاء الماضي، رفعت الحكومة سعر وقود البنزين من صنف ”أوكتان 95″ إلى ثلاثة آلاف ليرة سورية لليتر الواحد، وذلك بعد رفعه مرتين خلال العام الحالي.

ويوم أمس الأحد، بدأ تطبيق قرار رفع الحكومة لسعر وقود المازوت (الديزل) من 180 ليرة إلى 500 ليرة سورية، إلى جانب رفع سعر الخبز.

وتعد أزمة المحروقات في مناطق السيطرة الحكومية، بحسب المراقبين، هي الأسوأ على الإطلاق في ظل عقوبات قانون قيصر الذي يحرم التعاملات التجارية مع دمشق.

وفي مارس/ آذار الفائت، خفّضت محافظة دمشق مخصصات سيارات البنزين إلى النصف، حيث تحصل السيارة الخاصة على 20 ليتراً كل سبعة أيام، والسيارة العمومية (التكسي) على 20 ليتراً كل أربعة أيام.

وتضمن القرار إيقاف تزويد ميكروباصات النقل الداخلي (السرافيس) التي يعتمد عليها سكان دمشق بشكل أساسي في تنقلاتهم، بمادة المازوت يوم الجمعة.

والسبت الماضي، أصدرت وزارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق، قراراً برفع سعر المازوت (الديزل( إلى 500 ليرة سورية لليتر الواحد.

والثلاثاء الماضي، رفعت الحكومة سعر وقود البنزين من صنف “أوكتان 95″ إلى ثلاثة آلاف ليرة سورية لليتر الواحد، وذلك بعد رفعه مرتين خلال العام الحالي.

ومع تخفيض مخصصات السيارات وارتفاع أسعار الوقود، ارتفعت أجور التنقل بالتكاسي إلى ضعفين وسط شح في أعداد سيارات النقل الداخلي العاملة على خطوط دمشق والريف.

بدائل غير مألوفة

وبهدف التكيف مع الوضع في ظل عدم جدوى سياسات الحكومة في التقنين ورفع الأسعار، اشترك سامر العجمي (24 عاماً) ومحمد المصري (25 عاماً)، وهما عاملان يقطعان خط السير نفسه بين منزليهما والعمل، في دراجة نارية للحفاظ على عمليهما.

ويعمل “العجمي” في معمل خياطة الألبسة في منطقة الزبلطاني، حيث يقوم بتوصيل جاره “المصري” إلى مكان عمله وهو أستوديو تصوير في منطقة المرجة ثم يكمل مسيره، وحين الانتهاء من العمل يعودان معاً لمنزليهما في منطقة دويلعة.

يقول “المصري”، لنورث برس، إن “الدراجة النارية كانت الوسيلة الوحيدة أمامنا كي لا نفقد أعمالنا، فتكاليف التنقل لا تسمح لنا البقاء في أعمالنا والاستمرار في إعالة عائلاتنا.”

ولم يخفِ الشاب خشيته الآن من تعرض دراجتهما يوماً ما للحجز على يد دورية مرور، “لأنها لا تملك أوراق نظامية.”

وأضاف:  “نحاول قدر الإمكان سلك الطرق الفرعية كي لا نصادف دورية مرور.”

وبالأسلوب ذاته، قامت سمر الخالدي (42 عاماً)، “، وهي موظفة في شركة استثمار عقاري خاصة في منطقة المزرعة، واثنتان من جاراتها بالتشارك في استئجار تكسي للذهاب إلى أماكن عملهنّ والعودة.

ويملك أحد أقارب “الخالدي”، سيارة أجرة (تكسي)، ووافق أن يقلهم معاً لأن أماكن عملهن قريبة من بعضها.

وتصف الموظفة أيامها مع أزمة النقل بـ”المأساة”، إذ كانت تضطر في كثير من الأوقات السير لمسافات طويلة حتى تتمكن من إيجاد وسيلة تقلها لمكان عملها.

إعداد: وحيد العطار – تحرير: سوزدار محمد