أزقة حماة مصير عائلات لم تتمكن من دفع إيجارات المنازل

حماة – نورث برس

تتخوف صفاء العليوي (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لشابة تعيش في حماة، وسط سوريا، من عدم تمكن عائلتها من دفع إيجار منزل وسط استمرار ارتفاعها، والبقاء في الطرقات كما حصل عائلات في المدينة مؤخراً.

والشهر الماضي، رفع صاحب المنزل الذي تستأجره عائلة “العليوي” إيجار المنزل من 100 ألف ليرة شهرياً إلى 200 ألف ليرة سورية، في حين أن راتب والدها ووالدتها الموظفين لدى الحكومة لا يتجاوز 110 آلاف ليرة شهرياً.

وقالت “العليوي” إن صاحب المنزل دائماً يهددهم بطردهم من المنزل في حال اعترضوا على الإيجار، “ونخشى أن يأتي يوم وننام في الشارع.”

وقال سكان في حماة المدينة، لنورث برس، إنهم كانوا شاهدين مؤخراً على طرد أصحاب منازل لعدد من العائلات ورمي أمتعتهم على أرصفة الطرقات بعد عدم تمكنهم من دفع الإيجار.

وتتباين أسعار استئجار المنازل في الأحياء وتختلف من صاحب منزل إلى آخر، بحسب مستأجرين.

وتشهد المدينة ارتفاعاً مستمراً في إيجارات المنازل، وبلغت في أحياء قريبة من المركز كحي الشريعة والبرناوي 400  ألف ليرة سورية شهرياً، فيما بلغت في أحياء الصابونية وغرب المشتل وحي النصر 300 ألف ليرة.

وتتراوح الإيجارات في الأحياء الشعبية والضواحي بين 100 ألف و200 ألف ليرة سورية.

استغلال حاجة

وقبل نحو أسبوع، صادف فارس الحسن (47 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد السكان المحليين، عائلة مؤلفة من امرأتين وأطفال على أحد الأرصفة في حي طريق حلب مع أمتعة منزلية.

وعلم الرجل بعد الاستفسار أن صاحب المنزل كان يعمد كل فترة لرفع إيجار المنزل بنسبة خمسة أو عشرة آلاف ليرة شهرياً مستغلاً حاجة العائلة النازحة من ريف حماة الشمالي لمأوى.

 ولكن الارتفاع كان في المرة الأخيرة مئة بالمئة، حيث رفع سعر الإيجار من 75 ألف إلى 150 ألف ليرة، فلم تتمكن المرأتان من تأمين المبلغ له وقام صاحب المنزل بطردهما مع أطفالهما، وفقاً لما أخبرته إحداهما.

ويحدث هذا في ظل أزمات معيشية خانقة يعيشها السوريون وتتمثل في ارتفاع أسعار كافة المواد والبضائع وتدني قيمة الرواتب الحكومية وقلة فرص العمل وضعف القدرة الشرائية للسكان.

بالإضافة لارتفاع أسعار المنازل التي تجاوزت أسعار بعضها وسط المدينة نصف مليار ليرة سورية، بينما يصل سعرها في الأحياء الشعبية لمئة مليون ليرة سورية، بحسب المساحة والإطلالة والإكساء.

ويرجع تجار عقارات  في حماة سبب غلاء العقارات إلى ارتفاع أسعار مواد البناء كالحديد والإسمنت، إضافة إلى قلة المساحات المخصصة للبناء، بينما يعيدون سبب تضاعف الإيجارات بكلفة الصيانة التي يجريها صاحب المنزل بعد خروج المستأجرين.

ويضطر مستأجرون وبعد رفع الإيجار للبحث عن منزل آخر، لكن ذلك  ليس سهلاً إلى جانب أعباء أخرى للنقل وقيمة العقد الجديد وعمولة السماسرة في حال تمكنوا من إيجاد بديل مناسب.

عقود شهرية

لكن عبدالهادي الزيتاوي (68 عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب منزل يعرضه للأجرة، علل رفع إيجار منزله بأنه يعتمد عليه في تدبر أموره المعيشية، “فأسعار كافة المواد مرتفعة وأنا أعتمد عليه كمصدر دخل، وخاصة أنني لا أقوى على العمل.”

إضافة للتكاليف التي “أقوم بدفعها لتصليح ما خربه المستأجر، فالصيانة مكلفة جداً، وأي قطعة في المنزل تتعطل ستكلفني صيانتها أو استبدالها أحياناً إيجار شهر كامل.”

ويبلغ إيجار منزل “الزيتاوي” الذي يؤجره لعائلات منذ سنوات 125 ألف ليرة وفق عقد مدته ستة أشهر.

ويتهم مستأجرون في حماة أصحاب المنازل باستغلال حاجتهم الماسة، إذ يرفض البعض منهم توقيع عقود لستة أشهر أو عام ويفرضون الدفع كل شهر أو شهرين “للقيام برفع الإيجار بشكل مستمر.”

وحاول طلال السالم (36 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة حماة، دون جدوى إقناع صاحب المنزل الذي يستأجره  إبرام عقد لمدة عام، لكنه لم يقبل إلا بعقد مدته ثلاثة أشهر فقط مع رفع إيجار المنزل من 75 إلى 125 ألف ليرة شهرياً.

وترك “السالم” المنزل وباشر البحث عن منزل آخر، “ولكنني لم أجد، فالإيجارات مرتفعة جداً وتفوق إمكاناتي.”

واضطر الرجل للسكن مع شقيقته لحين إيجاد منزل يتناسب إيجاره مع مدخوله الشهري.

إعداد: علا محمد – تحرير: سوزدار محمد