مئات الشاحنات السورية المحملة تنتظر على معبر نصيب

دمشق ـ نورث برس

تصطف مئات الشاحنات المبردة على معبر “نصيب” بين سوريا والأردن، حتى يسمح للقليل منها بالعبور.

ويقع على عاتق السيارات السورية تحمل تكاليف الاستمرار في تشغيل التبريد وهم متوقفون وهذا يعني استهلاك كميات كبيرة من المازوت، كما ينتظر السائقون إجراءات فحص كورونا ونتائجه، بحسب أصحاب تلك السيارات.

وتتطلب الإجراءات الرتيبة والطويلة من السائقين، المكوث لمدة قد تصل إلى ثمانية أيام، إذ لا يتجاوز عدد السيارات التي تتمكن من عبور نصيب إلى جابر 20-50 سيارة، من بين مئات السيارات المصطفة الأمر الذي يتسبب بجمود وموات الأسطول السوري.

وأمس الاثنين، أعلنت وزارة التجارة الخارجية في سوريا، أن أكثر من ألف شاحنة عالقة على الحدود السورية الأردنية، وتجاوز التأخير مدة أسبوعين، وأشارت مواقع إعلامية سورية إلى أنّ التنسيق أو التضييق يحول دون مرور الشاحنات السورية.

وصرّحت رانيا الأحمد معاونة وزير التجارة الخارجية، أن عدد الشاحنات على الحدود كان يقارب 500 شاحنة، واستمرت المشكلة لحين وصل عدد الشاحنات إلى أكثر من 1000 شاحنة.

وأشارت الأحمد إلى أن الوزارة وجهت إلى لجنة المحروقات في درعا، الأقرب للحدود، أن تزود البرادات والشاحنات المتوقفة عند معبر نصيب جابر الحدودي، بمادة المازوت، وذلك لضمان استمرار تبريد المواد ضمن البرادات.

وتحتوي أغلب الشاحنات المتوقفة، أو البرادات الشاحنات، على مواد غذائية من المنتجات الزراعية السورية، والتي يؤثر عليها التوقف بسبب الحاجة للتبريد، وإمكانية التلف.

وأعلن فايز قسومة رئيس لجنة التصدير في غرفة تجارة دمشق، أنه يجب العمل على إيقاف التصدير عبر المعبر الحدودي، إلى حين إفراغ الشحنات العالقة هناك حالياً.

وأشار إلى ضرورة التفاهم مع الجانب الأردني، للسماح بمرور البضائع السورية المصّدرة إلى دول الخليج العربي، في ذات اليوم.

ممنوعون من الدخول

ولا يسمح للسيارات السورية بالوصول إلى أي من دول الخليج، ويتم إفراغ حمولتها إلى السيارات الأردنية لتقوم الأخيرة بنقلها إلى السعودية أو دول الخليج عوضاً عنها.

وقال أصحاب شاحنات مبردة لنورث برس، إن الجانب الأردني يتعمد إعاقة الشاحنات السورية للهيمنة على الأسواق الخليجية، والسعودية منها خاصة.

وأضافوا: “هم بذلك يستحوذون على عمل البرادات السورية من جهة ويسوّقون إنتاجهم الزراعي بعدما تتأخر المنتجات السورية لعدة أيام على المعبر بشكل يزيد من التكاليف.”

وشدد إياد بدير (35 عاماً) وهو اسم مستعار لسائق شاحنة خضار وفاكهة، على أن سبب عدم دخول السيارات السورية إلى السعودية، “يعود لعدم حصولهم على فيزا تؤهلهم الدخول إلى السعودية.”

وأشار إلى أنه لا يمكنهم الحصول على الفيزا “لأنه لا يوجد سفارة سعودية في سوريا من جهة، وكما أن السعودية منعت السيارات التي يزيد عمرها عن (20 عاماً) من الدخول إلى أراضيها.

وشدد “بدير” على أن سنة الصنع لأكثر من 85% من الأسطول السوري تعود لعام 2000.

ضرائب مرهقة

أما القضية الأهم التي تواجه أسطول الشحن في سوريا البالغ حسب إحصاءات وزارة النقل الحكومية 25 ألف شاحنة، وخمسة آلاف براد، هو الضرائب التي فرضتها الأردن على السيارات السورية دون غيرها من السيارات العربية.

وفي الوقت الذي يقول فيه معنيون في سوريا إن الأردن هي من رفعت الرسوم أولاً، تشدد جهات من الأردن على أن سوريا هي من بدأت.

وقال محمود أسعد مدير النقل الطرقي في وزارة النقل الحكومية، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إن “الأردن هو من بدأ برفع الضريبة على السيارات السورية عند عبورها لمعبر نصيب.”

وأضاف: “عندما عدلت وزارة النقل السورية التسعيرة وعاملتهم بالمثل، أصبحوا يعيقون حركة السيارات السورية، وكأنه لا يحق لسوريا فرض رسوم ومعاملتهم بالمثل؟.”

في حين نشر في وسيلة إعلام محلية عن مصدر في  جمارك الأردن أن الجانب السوري هو من رفع الرسوم أولاً، وأن من مصلحة سوريا منح أسطول الأردن التسهيلات.

وأعاد ذلك إلى أن أسطول النقل السوري كبير، والمواسم على مدار العام، بينما مدة المواسم في الأردن لا تتجاوز ثلاثة أشهر.

ويكاد الموسم في الأردن يقتصر على البندورة من غور الأردن، “إضافة إلى طول المسافات التي تتجاوزها السيارات السورية، بينما من الأردن لسوريا أقل من ذلك بكثير.”

بلا عمل

عضو في جمعية الشحن المبرد، رفض الكشف عن اسمه، قال لنورث برس، إن من بدأ برفع الرسوم هو وزارة النقل، في الشهر العاشر  من عام 2018.

وتم حينها، رفعها من 1% إلى 10%، الأمر الذي رفع التكلفة من 300 دينار مقطوعة للسيارة الواحدة إلى 1200 دينار، وهذا المبلغ للضريبة فقط، حيث يضاف إليه الكثير من النفقات، مثل 35 دولاراً لتحليل كورونا وتكاليف أخرى كثيرة تجعل كلفة النقلة تفوق 3500 دولار، وتعود السيارات فارغة، وهذا يضاعف من التكاليف.

ودفعت التكاليف المرتفعة، الكثير من أصحاب السيارات إلى ركنِ سياراتهم لأن طريقة العمل الحالية تجعلهم يعملون بخسارة، وفي الحد الأدنى يتساوون مع التكاليف، كما قال مازن السهلي (40 عاماً) وهو سائق شاحنة يعمل على الخط  منذ 20 عاماً.

وأضاف السائق، لنورث برس، إنهم توقفوا عن العمل طيلة فترة إغلاق المعبر بين سوريا والأردن في 2014 وحتى 2018، وكانت فرحتهم كبيرة بعودتهم للعمل مجدداً.

وكانت السلطات الأردنية قد منعت أغلب البضائع والسلع السورية من الاستيراد إلى المملكة بقرار حظر عام 2018، وشمل في حينها الفواكه والخضار والزيوت واللحوم بأنوعها والقهوة والشاي.

وآخر نيسان/ أبريل الماضي، أعيد افتتاح الحدود السورية ـ الأردنية أمام البضائع السورية، بإعلان من المملكة الأردنية، وذلك برفع الحظر لاستيراد بعض أنواع البضائع من سوريا لمدة محدودة بثلاث أشهر، وذلك بقرار من وزارة الصناعة والتجارة الأردنية.

لكن هذا الوضع لم يستمر أكثر من أشهر حتى رفعت الأردن رسومها إلى 10% بعدما رفعت وزارة النقل السورية رسومها، بحسب “السهلي”.

ووجهت جمعية النقل المبرد مجموعة من الكتب إلى وزارة النقل تطلب فيه اتخاذ إجراءات تنجد عمل الأسطول، وتسهل عملية الاستيراد والتصدير.

وأشارت إلى أن المبلغ الذي يتم استيفاؤه من السيارات السورية والمقدر بنحو 1200- 1300 دينار، ويصل هذا إلى 360 ألف دينار ذهاباً وإياباً، يتسبب بخروجها عن العمل لأن المصدرين أصبحوا يتهربون من الشحن عن طريق السيارات السورية ويطلبون سيارات عربية معفاة من هذه الرسوم.

وتمنع السلطات الأردنية يومياً عدداً من السائقين من المرور أو الدخول إلى الأردن وتعيدهم إلى سوريا بحجة أن السائق لم يدخل الأردن منذ أكثر من سنة أو أربع سنوات، علماً أن المعابر كانت مغلقة.

وأضاف أحد السائقين أن جمارك الأردن تستجوب الكثير من السائقين بطرح أسئلة عن انتماءاتهم السياسية، وعن الجهات التي يعملون معها.

دون غيرها

يقول خالد زيد رئيس اتحاد النقل البري، في إحدى تصريحاته المنشورة، إن سوريا هي الدولة الوحيدة التي تدفع رسوماً من بين كل الدول العربية.

والمفارقة أن كل ما يدخل سوريا بالشهر من سيارات أردنية لا يصل إلى 5 سيارات، بينما ما يدخل إلى الأردن يومياً يفوق 200 سيارة سوريا.

وأشار إلى أن سوريا هي “الخاسرة” عند رفعها للرسوم أو التعامل بالمثل، لأن المسافة التي تقطعها السيارات الأردنية عند دخولها سوريا أقل بكثير من المسافة التي تتجاوزها السيارات السورية.

وتفرض الرسوم على أساس المعادلة التالية: وزن السيارة * المسافة التي تقطعها * 10%. وهذا يعني أن المبالغ التي يتم تحصيلها من السيارات الأردنية محدودة كثيراً ولا تصل إلى ربع القيمة التي يدفعها السوريون، فالمسافة من نصيب إلى السعودية 1500 كم، وهذا يعني 1500 دينار.

وأضاف “زيد” أن هذا المعبر هو الخيار الوحيد لإيصال المنتجات السورية إلى خارج البلاد مع إغلاق معبر القائم مع العراق، حيث أن لذاك المعبر مشاكله أيضاً قبل إغلاقه بعد جائحة كورونا، ففي حين يسمح للأردني الدخول إلى العراق يمنع على السوريين ذلك.

إعداد: ريتا علي ـ تحرير: محمد القاضي