ازدياد عمالة الاطفال في الحسكة وسط أوضاع اقتصادية متردية

الحسكة – نورث برس

يعمل الطفل سامر عليوي (13 عاماً)، وهو  نازح من دير الزور، في محل ميكانيكي في المنطقة الصناعية في الحسكة، شمال شرقي سوريا، حيث دفعته حالة عائلته المعيشية السيئة للعمل إلى هذه المهنة “الصعبة” “كي يساعد والده في إعالة أسرته.

ولا  يفكر الطفل بالذهاب الى المدرسة، بل “أفكر فقط بالعمل وجني المال لمساعدة والدي.”

 وتزجّ عائلات في مدينة الحسكة بأطفالها في أعمال ومهن تُعد غالبيتها شاقة بالمقارنة مع البنية الفيزيولوجية لهؤلاء الاطفال الذين لم يتجاوز بعضهم سن الحادية عشرة.

ويترافق انتشار عمالة الأطفال مع ارتفاع معدلات الأمية وانتشار عادات سلبية أخرى يكتسبها الأطفال نتيجة ابتعادهم عن الصفوف الدراسية واكتسابهم لسلوكيات ضمن نطاقات المهن التي يعملون بها.

ويحصل “العليوي” على تسعة آلاف ليرة سورية أسبوعياً مقابل عمله في محل الميكانيك هذا، ويقول إنه يرغب في “تعلم المهنة ليكون مستقبله أفضل من حاضره.”

وتتزايد ظاهرة عمالة الأطفال ضمن المدينة وريفها بشكل كبير وباستمرار نتيجة تردي الوضع المعيشي، ونزوح الكثير من العائلات إلى المنطقة التي تعاني كسائر البلاد من ظروف اقتصادية صعبة.

وتتركز عمالة الأطفال بشكل أكبر في المنطقة الصناعية وفي محال بيع المواد الغذائية وبين الباعة المتجولين.

يقول سعود الحامد (43عاماً)، وهو صاحب محل لتصليح المولدات والمحركات الميكانيكية  في الحسكة، إن “غلاء الأسعار و”فقدان التعليم لقيمته” دفعا السكان لإرسال اطفالهم إلى العمل بغية تعليمهم مهناً معينة ومساعدتهم على تكاليف المعيشة.

ويضيف أن السبب وراء اختيار المهن المجهدة للأطفال يعود لرغبة الأهل في تعلم أطفالهم هذه المهن “التي تدر المال” والحصول على أجر جيد مقارنة بما سيحصل عليه الطفل في حال عمل في أعمال أقل جهداً.

وتحتاج العائلات التي ترغب بإرسال أطفالها إلى المدارس إلى “اموال طائلة” من أجل تأمين مستلزمات سنوات عديدة من الدراسة، بحسب أرباب عائلات في الحسكة يرون أن الأمر قد يفوق قدرة العديد من العائلات.

وفي الثلاثين من آذار/ مارس الماضي، أصدر مكتب حماية الطفل في النزاعات المسلحة التابع للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا عدة تعاميم تتعلق بتحديد سن عمل الأطفال.

وتهدف التعاميم إلى “الحدّ من عمالة الأطفال التي ازدادت بشكل كبير نتيجة الحرب الدائرة، وتأثيراتها  على حياة السكان” بحسب مكتب حماية الطفل في الحسكة.

وجاء في  أحد التعاميم: “يُمنع منعاً باتاُ عمالة الاطفال تحت سن عشر سنوات.”

 في حين يُسمح للأطفال من سن العاشرة الى الخامسة عشرة، بالعمل وفقاً لشروط محددة وفي أعمال معينة مثل الصيدليات والمكاتب ومجال الإلكترونيات والحواسيب.

وتشمل الشروط “أن لا تتجاوز مدة العمل ست ساعات في اليوم، وأن يبقى الطفل متابعاً لدراسته ولا ينقطع عن العملية التعليمية.”

وأدت الحرب الدائرة على الأراضي السورية منذ عشر سنوات لنزوح قرابة نصف السكان عن مساكنهم الأصلية وفقدانهم أعمالهم، ما أثر سلباً على وضع الأطفال في عموم البلاد.

ويرى خالد جبر، وهو الرئيس المشارك لمكتب حماية الطفل في النزاعات المسلحة في الحسكة،  إن “الظاهرة خطيرة جداً وتهدد مستقبل الأطفال والمجتمع في شمال شرق سوريا على حدٍ سواء.”

لكنه قال إن الحدّ من عمالة الأطفال “يحتاج للمزيد من الوقت والكثير من الجهد والعمل والدعم الذي “لا بد أن يتم تقديمه للأسر التي تدفع أطفالها للعمل نتيجة سوء أوضاعهم المعيشية.”

 ودعا “جبر” المنظمات الإنسانية والأممية وشركاءها على الأرض إلى القيام بواجباتهم و”تقديم الدعم لمكاتب حماية الطفل بغية العمل للحد من عمالة الأطفال قدر المستطاع.”

إعداد: جيندار عبدالقادر- تحرير: حسن عبد الله