أصناف أدوية مفقودة في ريف الحسكة والبديلة أسعارها مرتفعة

تل تمر ـ نورث برس

يتنقل محمد الدرويش، (60 عاماً) وهو من سكان بلدة تل تمر شمال الحسكة شمال شرقي سوريا، من صيدلية إلى أخرى في البلدة بحثاً عن دواء لمرض في الاذن لأحد أولاده، لكنه لم ينجح في إيجاده.

ويشكو “الدرويش” الذي تظهر على وجهه علامات اليأس، من فقدان الدواء الذي يبحث عنه، “سأبحث في الصيدليات المتبقية بالبلدة، وإن لم أجده،  فسأضطر للذهاب إلى الحسكة أو القامشلي للبحث عنه، لأنه ضروري جداً.’’

وغلاء أسعار الأدوية في ظل سوء الأوضاع المعيشية، أثقل كاهل الرجل، ‘‘أسعار الأدوية مرتفعة جداً، ونحن لا نملك المال فأوضاعنا المادية سيئة.’’

ومنذ ثلاثة أشهر، تشهد الصيدليات  في معظم مناطق شمال شرقي سوريا، “نقصاً حاداً” وانقطاعاً لأصناف دوائية عديدة.

وأهم تلك الأصناف: “أدوية الصرع والقلبية المزمنة، والأذن، وأصنافٍ للأمراض الصيفية”، وسط غلاء الأسعار في حال توفرها.

وفي السابع عشر من هذا الشهر، رفعت وزارة الصحة في حكومة دمشق، سعر 12 ألف نوع دوائي بنسبة 50%، بعد تهديدات من أصحاب معامل أدوية بالتوقف عن العمل.

أصناف ضرورية

تجلس نافلة الخضر على رصيف أمام إحدى الصيدليات في بلدة تل تمر، وهي تحتضن طفلها المريض، بعد أن فشلت في الحصول على دواء خافض للحرارة في جميع الصيدليات.

وتقول ‘‘الخضر’’ (45 عاماً) وتنحدر من ريف البلدة لنورث برس، إن طفلها مصاب بإسهال وارتفاع في الحرارة بسبب تأثره بحرارة الجو، في ظل الانقطاع التام للتيار الكهربائي.

ولم تجد السيدة، في دواء (تيمبرا) الخافض للحرارة، في جميع الصيدليات التي بحثت فيها، فاضطرت لشراء البديل بسعر مرتفع.

‘‘الأدوية غالية جداً، وتعلمون كيف هي أوضاعنا الاقتصادية.’’

ومع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف يزداد الطلب على أصناف معينة من أدوية خاصة بالأمراض الصيفية، لكن أصحاب الصيدليات يشتكون من فقدانها هذا العام.

ويقول الصيدلي ديار كوتي، إن أدوية كثيرة فُقدت ولم تعد موجودة في الأسواق في الفترة الأخيرة.

ويعيد السبب إلى أن معامل الأدوية “تتحجج بارتفاع تكاليف الإنتاج ويطالبون بأسعار مرتفعة.”

ويضيف “كوتي”  أن هناك ارتفاعاً بدرجات الحرارة حالياً، وازدياداً في حالات الإسهال، “لكننا نفتقد أصناف أدوية مثل الفلاجيل  للإسهالات و دواء تيمبرا الأطفال.”

ويقول: “حتى إذا توفرت هذه الأصناف ستكون بأسعار مضاعفة.’’

ويعزو أصحاب معامل الأدوية المشكلة، لسعر الصرف وارتفاع تكلفة استيراد المواد الأولية الداخلة في صناعتها، والتي  يتم استيرادها بسعر صرف 2850 ليرة لكل دولار أميركي، بينما تطالبهم الحكومة ببيع الأدوية وفق سعر صرف 1256 ليرة للدولار الواحد.

وكان نائب رئيس مجلس إدارة شركة العالمية للصناعات الدوائية عماد معتوق، قال لوسائل إعلام حكومية، الأسبوع الفائت، إنهم ‘‘يخسرون كل أسبوع 5% من الأصناف الدوائية لعدم القدرة على تجديد المواد الأولية المطلوبة لشرائها.’’

وأضاف أن ‘‘أكثر من 20% من الأصناف الدوائية فُقدت، وأن 60 -70 % من الأصناف الدوائية الأخرى مهددة بالفقدان.’’

حلول غائبة

ويتحدث صيادلة في البلدة عن غياب الحلول في الوقت الحالي، وذلك بسبب صعوبة اللجوء للأدوية المستوردة لغلاء أسعارها، في الوقت الذي توقفت فيه شحنات الأدوية القادمة من المعامل السورية.

وأغلقت حكومة دمشق جميع المعابر البرية التي تصل المناطق الخاضعة لسيطرته مع مناطق الإدارة الذاتية، ما أدى لتوقف دخول الأدوية إلى مناطق الأخيرة.

وقال بهزاد سينو رئيس اتحاد الصيادلة في تل تمر، بأن ‘‘شحنات الأدوية لم تعد تصل لمناطق الادارة الذاتية من الداخل.”

وأضاف رئيس اتحاد الصيادلة: “الأدوية المفقودة في الأسواق في حال توفرت، فإنها تصل عبر السوق السوداء وطرق التهريب.’’

وبلغت نسبة الارتفاع في أسعار الأدوية “28 بالمئة مقارنة مع أسعارها في العاصمة دمشق، بسبب تكاليف طرق التهريب غير النظامية التي تصلنا عبرها”، بحسب “سينو”.

وذكر أنهم لا يستطيعون اللجوء للحلول البديلة كـ”الأدوية الأجنبية” على اعتبار أنها “باهظة الثمن” مقارنة من الأدوية السورية، وذلك بسبب شراءها بالدولار.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: حسن عبد الله