مبالغ مالية يتكبدها سكان أرياف البادية السورية لتلقي لقاح كورونا
تدمر – نورث برس
اضطر سليم الخميس (27عاماً) التوجه من بلدته السخنة بريف حمص الشرقي وسط البادية السورية نحو مشفى مدينة حمص الوطني، مصطحباً معه والدته (62عاماً) لتلقي لقاح فيروس كورونا.
وقام “الخميس” بإغلاق محله التجاري وحجز سيارة خاصة للذهاب لحمص والعودة منها بتكلفة 140 ألف ليرة سورية وبرفقته زوجته لتلقي اللقاح أيضاً ومساعدة والدته خلال الرحلة.
العلاقات الاجتماعية للشاب ساعدته في الحصول على اللقاح لنفسه ووالدته وزوجته دون الانتظار في الدور، وذلك للإسراع في العودة إلى البلدة قبل مغيب الشمس خشية التعرض لمخاطر من قبل خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
ويشتكي سكان بلدات وقرى البادية السورية الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية من تردي القطاع الصحي في المنطقة وعدم تفعيل مستوصف بلدة السخنة أو القرى المجاورة لها، لتقديم الخدمات الصحية بشكل عام وتلقي اللقاحات الخاصة بفيروس كورونا بشكل خاص.
وكان مستوصف البلدة قد خرج عن الخدمة أثناء المعارك التي دارت بين القوات الحكومية وتنظيم “داعش” في المنطقة بين عامي 2015 و2017.
ولعدم توفر مركز لتلقي اللقاحات، جرى شمل القرى والبلدات بريف حمص الشرقي مع مدينة تدمر خلال عملية وصول اللقاحات لمشفى تدمر الوطني، بحسب نورس الأحمد، وهو ممرض يمتلك عيادة في السخنة.
ومطلع الشهر الجاري، وصلت لقاحات الفيروس إلى مشفى تدمر وجرى توزيعها بشكل كامل على السكان والعاملين في الدوائر الحكومية والمشفى وبعض عناصر القوات الحكومية، بحسب حسن القاسم وهو ممرض في المشفى.
لقاحات غير كافية
وأشار “القاسم” إلى أن عملية التوزيع استغرقت مدة أربعة أيام متواصلة عبر الفرق الجوالة في تدمر والتي بلغت حينها فرقتان إضافة لمركز المشفى، “لأن عدد اللقاحات التي وصلت إلينا من حمص كانت تكفي لـ750 شخصاً فقط.”
ويضطر سكان القرى والبلدات ممن يرغبون بتلقي اللقاح للتوجه إلى حمص وهو ما يكلفهم مبالغ مالية قالوا إنها كبيرة ولا تتناسب مع دخلهم.
لكن معظم شباب منطقة السخنة والقرى المجاورة لها، يخشون التوجه نحو مدينة حمص لتلقي اللقاح أو التسجيل عليه خوفاً من سوقهم للخدمة الإلزامية من قبل حواجز القوات الحكومية.
وفي وقتٍ سابق، قال مسؤول حكومي في وزارة الصحة لنورث برس، إنَّ الوزارة خصصت، 71 مشفى، و96 مستوصف، و416 فريقاً جوالاً لإعطاء اللقاح للراغبين في مناطق سيطرتها.
وفي الثاني والعشرين من نيسان/ أبريل الماضي، أعلنت وزارة الصحة عبر معرفاتها الرسمية، تسلّمها الدفعة الأولى من اللقاحات ضد فيروس كورونا المرسلة وفق برنامج “كوفاكس” من منظمة الصحة العالمية، والبالغة 200 ألف وثلاث جرعات.
ولا زالت سوريا تتلقى كميات من اللقاحات من الدول الصديقة وعبر منظمة كوفاكس، بحسب تصريح سابق لمصدر في وزارة الصحة لنورث برس، لكن المصدر لم يحدد حينها كمية تلك اللقاحات.
ورأى المصدر أن سوريا ما زالت بعيدة عن الوصول لمرحلة المناعة وتحتاج لتلقيح ما يقارب الــ 70% من السكان، “عملية التطعيم مهمة للخروج من تداعيات كورونا على مستويات عدة.”
كتاب من دون رد
وفي الثالث من الشهر الجاري، قال السفير السوري في موسكو رياض حداد، إن روسيا أرسلت شحنة من لقاح “سبوتنيك في” إلى سوريا، لتطعيم عامة السكان بعد تلقي الكادر الطبي وكبار القادة للقاحات.
لكن وفي منتصف الشهر الجاري، رفع مشفى تدمر كتاباً لمدرية الصحة في حمص، بالسماح لهم بتشكيل فرق جوالة وزيادة كميات اللقاحات بهدف التوجه نحو القرى والبلدات وتزويد الفرق بسيارات إسعاف من قبل المديرية.
ولم يتلقَّ المشفى أي رد سواء بالموافقة أو الرفض إلى اليوم، وفق قول “القاسم”.
وشهدت بلدة السخنة كباقي المدن والبلدات السورية انتشاراً للفيروس، وبدأ بالظهور في البلدة أواخر العام الماضي وتوجهت الحالات حينها نحو مشفى تدمر الوطني والحالات الحرجة تم نقلها نحو مدينة حمص.
ووفقاً لـ” القاسم” فإن عدد حالات التي أصيبت بالفيروس في منطقة السخنة منذ بداية انتشاره بلغت 143 حالة، منها 11 حالة وفاة لرجال ونساء تخطت أعمارهم الـ40 عاماً وكان معظمهم يعاني من أمراض مزمنة كالربو والقلب والذبحة الصدرية.
وأشار الممرض إلى أن هذه الحالات تشمل فقط التي قدمت إلى مشفى تدمر الوطني والحالات التي جرى نقلها نحو مشفى حمص الوطني “وهناك العديد من الحالات سجلت بين السكان وتماثلت للشفاء دون التوجه للمشافي.”
وفي منتصف هذا الشهر، توجه عليان الوهب (24عاماً) وهو من سكان بلدة السخنة برفقة والده وزوجته واثنين من أصدقائه نحو مدينة تدمر لتلقي اللقاح من المشفى الوطني، “لكن المشفى كان قد انتهى من عمليات التوزيع.”
وأشار الشاب إلى أنه تم إخبارهم في التوجه نحو مشفى حمص الوطني للحصول على اللقاح بعد خمسة أيام من عملية التسجيل، “كانت رحلة شاقة وعدنا أدراجنا نحو السخنة بدون تلقي اللقاح.”