زراعة الخضروات الصيفية بريف الحسكة تصطدم بالتغيرات المناخية وغلاء المواد

تل تمر – نورث برس

يسارع المزارع حسن أكرم (25عاماً) في تحميل منتوجات حقله من البندورة قبل مغيب الشمس إلى صندوق سيارته بعد يوم شاق من قطافه، بهدف تسويقه إلى سوق الهال في مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا.

حسابات “أكرم”، بعوائد مادية جيدة تعوضه نوعاً ما عن الخسائر التي تكبدها في محصول القمح، تبددت في ظل غلاء السماد واليد العاملة والمحروقات.

ويشتري المزارع الشاب الذي زرع 40 دونماً من مختلف أصناف الخضراوات الصيفية في قرية السيحة 25 كم جنوب بلدة تل تمر بريف الحسكة، الكيس من السماد بـ 80 ألف ليرة.

وأشار المزارع إلى أن كمية المازوت التي يحصل عليها من مؤسسة الزراعة في البلدة “قليلة، لذا نضطر لشرائها من السوق السوداء بسعر يتجاوز  225 ليرة للتر الواحد.”

وذكر أنه رغم الديون المطالب بدفعها جراء الخسائر في موسم القمح، بالكاد يؤمن المزروعات الصيفية قوت منزله، “الأرباح بالكاد تذكر بسبب غلاء تكاليف الزراعة”.

وبحسب مزارعين فإن اليد العاملة هذا العام “مكلفة جداً، حيث يتقاضى العامل 500 ليرة لقاء كل ساعة عمل.”

وتدعم لجنة الإنتاج النباتي في مؤسسة الزراعة بتل تمر المزارعين بثلاثين لتراً من المازوت لكل دونم، كل 15 يوماً، بسعر 75 ليرة للتر الواحد، بحسب الخطة الزراعية، وفقاً لما أفاد به إبراهيم الهجر وهو إداري في اللجنة.

وتوزع اللجنة 30 كيلوغرام من السماد للدونم الواحد بسعر 360 دولار للطن الواحد، بحسب الإداري في اللجنة.

وأشار “الهجر” إلى أن سبب غلاء سعر السماد يعود إلى الشركة الموزعة في المنطقة التابعة لهيئة الزراعة في شمال شرقي سوريا.

الدعم قليل

وشاطر مسعود سعدون وهو مزارع من قرية السيحة رأي سابقه بقلة الدعم للقطاع الزراعي، “الأمر الذي يسبب ضعفاً في المردود المادي لنا.”

ورغم شكاوي المزارعين من قلة الدعم، إلا أن الإنتاج المحلي للخضروات الصيفية وفقاً لسكان محليين، أثر “إيجابياً” على انخفاض الأسعار بشكل كبير في الأسواق، بعد أن شهدت فترة طويلة من الارتفاع المستمر للأسعار نتيجة إغلاق المعابر من قبل الحكومة السورية مع مناطق الإدارة الذاتية.

ومنذ الحادي والعشرين من آذار/ مارس الماضي، وضعت حكومة دمشق قيوداً على حركة الأشخاص والتجارة في ثلاثة معابر تربط مناطق سيطرتها مع مناطق الرقة ومنبج والطبقة.

وقالت مصادر في الإدارة الذاتية، في تصريحات سابقة لنورث برس, إن إغلاق المعابر ليس لخلافات سياسية بين الحكومة والإدارة الذاتية، ‘”إنما السبب هو الصراع الروسي والإيراني على إيرادات المعابر.”

وتنتشر زراعة الخضروات الصيفية في مناطق شمال الحسكة، بنسبة كبيرة وجنوبها بنسب أقل وخاصة البندورة والخيار والباذنجان والكوسا والبطيخ وغيرها.

وبلغت المساحات المزروعة بالخضروات في تل تمر هذا العام 3600 دونماً، بحسب قسم الإنتاج النباتي في مؤسسة الزراعة ببلدة تل تمر.

ويتراوح سعر الكيلوغرام من البندورة حالياً ما بين 600 ـ 700 ليرة سورية، في حين كان يباع قبل توفر الإنتاج المحلي، بأكثر من 1200 ليرة،  فيما يباع الكيلوغرام من الجبس بـ450 ليرة، بعد أن كان يباع بـ800  ليرة.

ويباع الكيلوغرام من الخيار ما بين 500 و600 ليرة، ويباع الكيلوغرام من الباذنجان بألف ليرة سورية.

الأرباح قليلة

وأشار “سعدون” الذي زرع 50 دونماً من أصناف باذنجان وبندورة وخيار، إلى أن “الإنتاج جيد لكن بسبب كثرة التكاليف تبقى الأرباح قليلة.”

ويخشى “سعدون” من تدني الأسعار أكثر بسبب وفرة الإنتاج المحلي في الأسواق ما يلحق بهم خسائر “ليست في الحسبان.”

لكن سكاناً في المنطقة قالوا إن أسعار الخضار الحالية، باتت إلى حد ما تتناسب مع مردودهم اليومي وخاصة أنهم واجهوا خلال الأشهر السابقة، صعوبة في تأمينها بسبب ارتفاع أسعارها.

ويشتكي “سعدون” هو الآخر من أن كميات المازوت غير كافية، “لأننا نضطر لتشغيل المولدات باستمرار بسبب انقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه تام.”

وكباقي المناطق في شمال شرقي سوريا، تشهد تل تمر انخفاضاً في ساعات الكهرباء وباتت شبه معدومة، حيث تصل ساعة أو ساعتين كل يومين، بسبب قلة الوارد المائي من تركيا.

 ومنذ شباط/ فبراير الماضي، تواصل تركيا إنقاص تدفق مياه نهر الفرات تجاه الأراضي السورية لنحو 200 متر مكعب في الثانية وسط تحذيرات إقليمية ودولية من التأثيرات السلبية على المناطق السورية والعراقية جراء قلة وارد مياه الفرات إلى البلدين.

وأمس الثلاثاء، قال محمد طربوش، وهو إداري في إدارة السدود العامة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إن تدفق مياه نهر الفرات لم يتحسن وما زال مستوى مخزون السدود الشحيح يهدد الزراعات الصيفية.

وأضاف “طربوش” لنورث برس، أن مستوى بحيرة نهر الفرات انخفض نحو ستة أمتار شاقولية.

وبحسب مزارعين في المنطقة، فإنه رغم أن درجات الحرارة كانت معتدلة خلال الشهر الفائت، إلا أنه ليس هناك رطوبة في التربة بسبب شح الهطولات المطرية هذا العام، “وهو ما يضطرنا لسقاية المحصول يومياً.”

إعداد: دلسوز  يوسف – تحرير: سوزدار محمد