فصائل تابعة لإيران في ريفي الرقة ودير الزور تستغل أطفالاً في أعمال شاقة
دير الزور- نورث برس
يتوجه محمد الدكل (16عاماً) وهو من سكان مدينة معدان في ريف الرقة الجنوبي الشرقي والخاضع لسيطرة القوات الحكومية إلى جانب فصائل مدعومة من إيران، صباح كل يوم إلى ورشة العمل الخاصة بالبناء للحصول على ما يسد رمق أخويه الذين يصغرانه العمر ووالدته التي تتحسر لعدم ذهابه للمدرسة.
ويعود الطفل بعد عشر ساعات من العمل إلى منزله ويداه ملطختان بالطين وملابسه متسخة بالإسمنت والدهان ويقوم بإعطاء والدته يوميته البالغة 2500 ليرة سورية لشراء حاجاتهم اليومية.
حال “الدكل” يشبه حال العشرات من أقرانه في مناطق سيطرة القوات الحكومية في ريفي الرقة الشرقي ودير الزور الغربي، حيث يعملون لساعات طويلة في أعمال البناء والعمارة مقابلة أجور يومية لا تكفي شراء احتياجات عائلاتهم اليومية.
وتلجأ فصائل مدعومة من قبل الحرس الثوري الإيراني كـ”لواء فاطميون” و”حركة النجباء”، ووفقاً لأصحاب ورش بناء وسكان محليين، إلى تشغيل الأطفال في أعمال البناء والإنشاء نظراً لانخفاض أجورهم المالية مقارنة بالعمال من فئة الشباب والمختصين بهذه الأعمال.
واتهم هؤلاء، تلك الفصائل باستغلال الأطفال دون الـ18 عاماً ضمن ورش تعمل بترميم وبناء المقرات والنقاط والمكاتب التابعة لهم في تلك المناطق في ظل تردي الوضع المعيشي لعائلاتهم.
وأواخر 2017، سيطرت القوات الحكومية وفصائل تابعة لإيران على مدينة معدان وبلدات وقرى أخرى بريف الرقة الجنوبي، بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية )داعش) منها.
وتفصل بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الحكومة السورية في المنطقة الجنوبية للرقة، منطقة العكيرشي الواقعة على مسافة 18 كم من مدينة الرقة إلى الشرق.
تردي الوضع المعيشي
وبحسب سكان محليين فإن ظاهرة عمالة الأطفال في ريف دير الزور الغربي وريف الرقة الشرقي كانت تقتصر على العمل على البسطات وفي المحال التجارية لكن ولتردي الوضع المعيشي باتوا يعملون في مهن شاقة تفوق قدراتهم الجسدية.
وبحسب علي العبدالله وهو عامل بناء من بلدة التبني بريف دير الزور الغربي فإن الأجور اليومية للأطفال الذين يعملون في ورش البناء تتراوح بين 2000 و2500 ليرة، في حين تتراوح للعمال البالغين بين ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف ليرة لليوم الواحد.
وقالت مرام الأحمد وهي والدة الطفل “الدكل” إن طفلها المعيل الوحيد لها ولإخوته ويعمل رفقة أشخاص ضمن ورشة بناء لترميم مقر يتبع لـ”لواء فاطميون” بالقرب من المشفى الوطني في معدان منذ منتصف الشهر الماضي.
وأشارت الوالدة إلى أن عناصر اللواء المسؤولين عن المقر الذي يجري ترميمه يحاولون إقناع طفلها لإرساله للمشاركة بعمليات بناء وترميم مقرات بمدن مختلفة من سوريا مقابل راتب شهري قدره 85 ألف ليرة سورية.
وترفض “الأحمد” ذلك، خشية الذهاب دون العودة إليها.
وبحسب سكان محليين فإن عمل الأطفال يتركز بشكل رئيسي في ترميم المركز الثقافي وحسينية آل البيت ومكتب تجنيد النجباء ومقر الشرطة العسكرية في السبخة بريف الرقة الشرقي.
وفي ريف دير الزور الغربي والذي يعد من معاقل انتشار فصائل تابعة لإيران، تم إنشاء مقر عسكري في بلدة التبني ومكتب انتساب زينبيون ومكتب المالية لحركة لنجباء.
“تجنيدهم ضمن صفوفها”
وقال حمزة اليونس وهو مشرف في ورشة إعمار من بلدة التبني غرب دير الزور، إن كل ورشة إعمار في أرياف دير الزور تضم طفلين إلى أربعة أطفال يعملون كمساعدين للعمال الآخرين.
وأشار “اليونس” إلى أن ساعات العمل تختلف من ورشة إلى أخرى، حيث أن بعضها تعمل لمدة ثماني ساعات وبعضها تعمل أكثر من ذلك “بهدف إنجاز البناء بأسرع وقت ممكن والبدء بآخر.”
وقال محمود عبد الجليل وهو عامل من سكان مدينة معدان، إن الفصائل المدعومة من قبل إيران “تحاول استقطاب الأطفال الذي يعملون لإعالة عائلاتهم عبر إغرائهم بالمساعدات الغذائية التي يتم تقديمها بشكل شهري.”
وأضاف أنهم يهدفون بذلك للاستفادة من الأطفال خارج عملهم وذلك “لتجنيدهم ضمن صفوفهم عسكرياً.”
وبحسب جاسم العزيز وهو عامل بناء يشارك ببناء المركز الثقافي الإيراني “المكتب الثقافي” في مدينة معدان في حي السباكة وسط المدينة أن حركة النجباء تعمل على توزيع المواد الإغاثية الغذائية للأطفال الذين يعملون ضمن الورشات.
وأشار “العزيز” إلى أن حركة النجباء تسعى إلى استقطاب الأطفال ضمن صفوفها عبر توزيع الإغاثة عليهم والاعتناء بهم خلال العمل عبر تقديم استراحات لهم ووجبات طعام في فترة الغداء خلال العمل.