إغلاق حكومة دمشق للمعابر الداخلية يحرم سكاناً من منتجات محلية ومصادر دخل
تل تمر – نورث برس
يتفقد محمود نعمو، وهو تاجر للمواد الغذائية في بلدة تل تمر شمال الحسكة، شمال شرقي سوريا، الأصناف القليلة المتبقية للسلع المنتجة في دمشق وحلب ومناطق أخرى تخضع لسيطرة الحكومة، وذلك في ظل استمرار إغلاق حكومة دمشق للمعابر التجارية مع مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا.
وبات التهريب سبيل التجار لاستيراد أغلب السلع والقطع المفقودة في المحلات التجارية بمناطق شمال شرقي سوريا، في ظل إغلاق حكومة دمشق المعابر الحدودية مع مناطق الإدارة الذاتية.
وقال “نعمو” إن أسعارها تضاعفت بسبب استيرادها عن طرق طويلة وإتاوات مفروضة على الشاحنات التي تسلك تلك الطرق.
حرمان من السلع السورية
وأضاف أن الكثير من أصناف البضاعة السورية مقطوعة منذ ثلاثة أشهر في الأسواق ما يحرم سكان المنطقة من منتجات كانوا يفضلونها.
وأشار التاجر، الذي ينحدر من مدينة سري كانيه ( رأس العين) التي يسيطر عليها الجيش التركي وفصائل موالية له منذ العام 2019، إلى أن فقدان البضاعة السورية يؤثر كثيراً على المستهلكين وحركة الأسواق في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها عموم البلاد.

وذكر أن “معكرونة الأندومي مثلاً كانت تباع بما يعادل خمسة دولارات وستين سنتاً، لكنها الآن بسبعة دولارات ونصف، وبلغ سعر كرتونة شاي ليالينا 30 دولاراً، لأنها مفقودة ويحتكر بيعها تجار كبار، وهذا الأمر ينطبق على أغلب الاصناف.”
وتربط مناطق الإدارة الذاتية مع مناطق سيطرة حكومة دمشق ثلاثة معابر رئيسة، هي معبر التايهة في منبج ومعبر الطبقة ومعبر العكيرشي في الرقة.
ومنذ الحادي والعشرين من شهر آذار/مارس الفائت، تواصل حكومة دمشق إغلاق المعابر الرئيسة الثلاثة مع مناطق الإدارة الذاتية.
واقتصر السماح بالعبور على الحالات الإنسانية والطلاب وموظفي الحكومة فقط.
أسعار مرتفعة للمستوردة
وفي أيار/ مايو الفائت، طالب جمعة حيدر، وهو نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التشريعي في منبج، القوات الروسية بالضغط على حكومة دمشق، من أجل “استثناء السكان من الضغوط السياسية أو الاقتصادية التي تقوم بها دمشق تجاه مناطق شمال شرقي سوريا.”
لكن مصادر أخرى في الإدارة الذاتية، قالت لنورث برس، إن سبب إغلاق المعابر له علاقة بصراع روسي إيراني على إيرادات المعابر، وليس لخلافات سياسية بين حكومة دمشق والإدارة الذاتية.
وفي ظل فقدان البضاعة السورية، يضطر تجار في تل تمر ومناطق أخرى شمال وشرقي سوريا لطلب البضائع الواصلة عبر طرق التهريب، أو استيراد منتجات بديلة عراقية وتركية وإيرانية عبر معبر سيمالكا الحدودي مع إقليم كردستان العراق.
يقول التاجر “نعمو” إن السكان لا يحبذون الأصناف المستوردة من دول الجوار لعدم ثقتهم بجودتها ولارتفاع أسعارها مقارنة مع المحلية والسورية.
ويفاقم من أوضاع السكان والنازحين شمال شرقي سوريا، إغلاق معبر اليعربية/تل كوجر الإنساني بين سوريا والعراق.
ورغم أنه يعد البوابة الرئيسية لدخول المساعدات الإنسانية إلا أن معبر اليعربية، أغلق مطلع العام الجاري، بقرارٍ من مجلس الأمن الدولي بعد استخدام كل من روسيا والصين حق النقض (الفيتو).
وأمس الأحد، قالت أفين جمعة، وهي مسؤولة في منظمة حقوق الإنسان في الجزيرة، إن “هناك مئات الآلاف من النازحين واللاجئين موجودون في مناطق شمال شرقي سوريا بحاجة إلى دعم إنساني عاجل.”
خسارة عمال لدخلهم
وضمن محله الذي تتراكم فيه أدوات إلكترونية فوق بعضها البعض، لا يختلف حال إبراهيم الشواخ، وهو صاحب محل لبيع وصيانة الإلكترونيات في شارع فلسطين في بلدة تل تمر، من حيث عدم توفر قطع الصيانة.
وقال “الشواخ” إنه لم يعد يعمل في إصلاح غالبية أنواع الشاشات التي ترد إليه بسبب عدم توفر القطع اللازمة، ‘‘لدي مضخمات ومجموعات صوتية أو دارات متراكمة لدي بالمحل وليس لدي القطع المطلوبة لصيانتها’’.
وأضاف: “نوصي على مواد من دمشق وحلب، لكن البضاعة لا تأتي.”
وتساءل “الشواخ” عن كيفية مواصلته العمل وسط فقدان قطع الصيانة التي يحتاجها في مهنته، إذ بات عمله يقتصر على الصيانة يدوياً وبيع الأجهزة المتوفرة لديه، وهو ما يتسبب بخسارة جزء من أرباحه.
وبحسب عاملين في سوق بلدة تل تمر، يحتكر تجار في مدينتي القامشلي والحسكة الفرصة لاحتكار البضائع المفقودة وبيعها بأسعار باهظة.