طابع عشائري وفلتان أمني “يعمُّ” مدينة جرابلس ويؤثر على سكانها

جرابلس – نورث برس

يعتمد طلال الدياب (34عاماً) وهو اسم مستعار لنازح من مدينة حمص إلى مدينة جرابلس شرقي حلب، شمالي سوريا، مؤخراً، على شراء احتياجات عائلته من المحال التجارية القريبة من منزله رغم غلاءها تجنباً لارتياد الأسواق والازدحام وتجمعات السكان.

ويحاول النازح تقليص ارتياده لسوق جرابلس، خوفاً من الانفجارات المتكررة عبر السيارات المفخخة والعبوات الناسفة والتي خلفت عدداً من الضحايا والدمار في المدينة.

ولا يقتصر الأمر برأي “الدياب” على الانفجارات فحسب، “بل إن الصراعات العشائرية المستمرة بين عشائر المدينة بالإضافة إلى الاقتتال بين فصائل المعارضة المسيطرة على المدينة، يتسبب بحالة فلتان أمني كبير.”

وغالباً ما تحدث تلك الانفجارات وحالات الاقتتال في الأماكن المكتظة بالسكان كأسواق الخضرة والمحلات التجارية.

وتشهد جرابلس ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها في سوريا، فلتاناً أمنياً يتمثل بتكرار حدوث تفجيرات بعبوات ناسفة وسيارات ودراجات نارية مفخخة، بالإضافة لحوادث اغتيال وخطف وسرقة، في ظل تقاسم فصائل معارضة للنفوذ والمهام العسكرية والأمنية.

ومنذ العام 2017، تخضع مدينة جرابلس لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها.

وتضم جرابلس أجهزة أمنية عدة كالشرطة العسكرية والشرطة المدنية وجهاز أمن الدولة ومكافحة المخدرات، بعضها تابعة للفصائل وأخرى للقوات التركية، بالإضافة إلى فصيل “الفرقة التاسعة” وفصيل “السلطان مراد” و”حركة أحرار الشام الإسلامية” وفصائل أخرى.

طابع عشائري

وفي الخامس من الشهر الجاري، انفجرت أربع عبوات ناسفة بسيارات مدنية في مدينة جرابلس، دون وقوع إصابات بشرية.

وقال مصدر محلي لنورث برس حينها، إن عبوتين ناسفتين انفجرتا داخل سيارة من نوع “فان” قرب مقر الشرطة العسكرية في المدينة وخلفتا أضراراً مادية كبيرة دون تسجيل إصابات.

وانفجرت عبوتان ناسفتان بعد نصف ساعة من الانفجار الأول، واحدة في سيارة أجرة (تكسي) وأخرى بالقرب من مصرف المدينة.

ومطلع هذا الشهر، أصيب عسكري ومدني في انفجار عبوة ناسفة داخل سيارة عسكرية بالقرب من سوق الهال شرق المدينة.

وفي الثامن والعشرين من نيسان/ أبريل الماضي، أقدم مجهولون على اغتيال عنصرين من فصيل معارض أثناء تواجدهما في إحدى المحال التجارية وسط مدينة جرابلس.

وقال ظاهر الأحمد (43عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان جرابلس، إن طبيعة المدينة وريفها يغلب عليه الطابع العشائري “الذي لا يخلو من اصطدامات مباشرة وغير مباشرة بين أبناء تلك العشائر وامتداد تلك الخلافات إلى استخدام السلاح بشكل عشوائي وكبير.”

 وأضاف: “هذا الأمر يؤثر بشكل كبير على اندلاع شرارة الحمية العصبية والقبيلة لدى أغلب أبناء المدينة والتي قد تخلف إصابات بين الطرفين”، بحسب “الأحمد”.

عجز الضبط

وأشار “الأحمد” إلى أن غالبية تلك الخلافات العشائرية أخذت طابعاً فصائلياً بحتاً، “إذ قام كل من أبناء تلك العشائر بالانضمام إلى فصيل يمثلهم ويحميهم في حال حصل نزاع بينه وبين فصيل آخر.”

وفي التاسع من آذار/ مارس الماضي، قُتل رجل وزوجته في جرابلس عبر إطلاق النار عليهما بواسطة مسدسات فيها كاتم صوت، حيث أقدم مجهولون على دخول منزلها بحجة منظمة إنسانية تقدم معقمات وكمامات للوقاية من فيروس كورونا، ليقوموا بقتلهم، بحسب مصدر لنورث برس.

وفي السادس من ذات الشهر، أقدم مجهولون على اغتيال القيادي في لواء “حماة العقيدة” المدعو “موسى المرعي” التابع للفيلق الثالث في الجيش الوطني المعارض بجرابلس.

وقال هشام المنصور وهو اسم مستعار لعنصر من الشرطة العسكرية في المدينة إنهم لا يستطيعون التعامل مع أبناء العشائر على شكل اعتقال، “لأن أي اعتقال لفرد من أفراد عشائر المنطقة سيؤدي إلى تفاقم المشكلة مع ذويه.”

وفي السابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي، قتل القيادي في فصيل فيلق الشام المعارض “أحمد غنوم” إثر انفجار عبوة ناسفة موضوعة في سيارته على طريق النهر في جرابلس.

ولم ينكر “المنصور” عجزهم عن ضبط حالة الفلتان الأمني، “رغم قيامنا بتفتيش جميع السيارات الداخلة إلى المدينة، ولكن هناك ضعف في كشف أماكن العبوات والمفخخات وليس هناك رقابة أمنية جدّية.”

 إعداد: فاروق حمو – تحرير: سوزدار محمد