ارتفاع أسعار مواد البناء في إدلب
إدلب – نورث برس
اضطر لؤي الكرمو (39 عاماً)، وهو من نازحي ريف حماة الشمالي، لإيقاف بناء منزله في بلدة أطمة على الحدود السورية التركية شمالي إدلب، بعد الارتفاع الكبير بأسعار مواد البناء من حديد وإسمنت خاصةً خلال الأيام الماضية.
ونزح “الكرمو” من ريف حماة الشمالي مطلع عام 2015 إثر سيطرة قوات الحكومة السورية على الريف وأقام في خيمة على الحدود السورية التركية “لا تقي حرّ صيف ولا برد شتاء.”
ومؤخراً، قرر شراء قطعة أرض صغيرة من أجل بناء منزل صغير ومحل تجاري عليها، “لكنني تفاجأت لاحقاً بالارتفاع الكبير بأسعار مواد البناء.”
ونتيجة الارتفاع الكبير، فضل “الكرمو” البقاء في خيمته على بناء منزل، “إذ أن المبلغ الذي كنت أملكه لبناء هذا المنزل لم يعد يكفي لبناء نصفه.”
وقال لنورث برس: “سوف انتظر إلى فترة، إذا انخفضت أسعار مواد البناء سوف أكمل بناء منزلي، وإذا بقيت الأسعار تحلق عالياً سأبقى في هذه الخيمة إلى أن يشاء الله.”
مستويات قياسية
ومنذ مطلع هذا العام، تشهد أسعار مواد البناء في إدلب، ارتفاعاً متكرراً وكبيراً وصل إلى مستويات قياسية.
وتجاوز سعر طن الحديد ضعف ما كان عليه العام الفائت 2020، ووصل إلى أكثر من 775 دولاراً، بعد أن كان العام الماضي بنحو 400 دولار، كما ارتفع سعر طن الإسمنت إلى 80 دولاراً بعد أن كان العام الماضي بـ 45 دولاراً.
وتسطير على إدلب شمال غربي سوريا، هيئة تحرير الشام التي تدير المنطقة وأجزاء من أرياف حماة وحلب واللاذقية مدنياً، عبر “حكومة الإنقاذ” التي شُكلت في أواخر العام 2017.
وفي ذلك التاريخ، عقد اتفاق بين هيئة تحرير الشام و”الجبهة الوطنية للتحرير”، نص على جعل المنطقة كاملة تابعة لـ”حكومة الإنقاذ” الجناح المدني للهيئة.
وأدى الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء إلى عزوف الكثير من السكان والنازحين لا سيما ذوي الدخل المحدود، إلى إيقاف استكمال بناء منازلهم ومشاريعهم التجارية، إضافة لتوقف العديد من ورش أعمال البناء.
حل بديل
وتسبب الارتفاع الكبير بأسعار حديد البناء، إلى توجه الكثير من السكان لاستخدام حديد الخردة الذي يتم استخراجه من المباني المدمرة بفعل القصف وبيعه في السوق السوداء.
ويجري بعدها تجليسه وتعديله بدائياً بواسطة بعض الورش المحلية، إذ يتم بيعه للسكان بأسعار معقولة مقارنة بأسعار الجديد.
واستكمل كفاح البكور (51 عاماً)، وهو من سكان مدينة الدانا شمالي إدلب، بناء منزله وسقفه بالحديد المستعمل الذي قام بشرائه من أحد أقاربه بأقل من نصف سعر الحديد الجديد.
ويدرك “البكور” مخاطر استعمال الحديد المستعمل خاصةً في المستقبل نظراً لرداءته، “إلا أنه لم يكن لديه خيار آخر.”
وبعد نزوح استمر لنحو عام في مخيمات النازحين على الحدود السورية التركية شمالي إدلب، عاد معاذ سميسم، إلى منزله في مدينة بنش شرقي إدلب.
لكنه وجده مهدماً بشكلٍ شبه كامل نتيجة تعرضه لغارة جوية من الطائرات الروسية مطلع العام 2020 إبان الحملة العسكرية لقوات الحكومة على ريف إدلب الشرقي.
وقال “سميسم” لنورث برس: “ليس لدي إمكانية اليوم لإعادة بناء منزلي مثل ما كان سابقاً نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية وقلة فرص العمل.”
وأضاف: “قمت ببناء منزل صغير مؤلف من غرفتين ومطبخ بالقرب من المنزل القديم، حيث قمت بتكسير سطح المنزل المهدم واستخراج الحديد منه ووضعه في المنزل الجديد.”
وتجاوزت تكلفة بناء غرفتين ومطبخ الأربعة آلاف دولار أميركي (12 مليون ونصف المليون ليرة سورية)، وهو مبلغ كبير مقارنة بدخل العامل في إدلب.
وأشار “سمسيم” إلى أنه اضطر أيضاً إلى تخفيف نسبة الإسمنت في البناء، حيث أن سقف المنزل يحتاج إلى ما يقارب 30 كيساً بالأحوال العادية، لكنه اضطر لتخفيف هذه الكمية ووضع 18 كيساً فقط.
“وهو ما يجعل المنزل أقل مقاومة في فصل الشتاء، وسط احتمالية أن تتسرب مياه الأمطار من السقف”، بحسب الرجل.
ارتفاع من المصدر
وأشارت مصادر مطلعة، إلى أن ارتفاع سعر مواد البناء، نتيجة رفع الرسوم الجمركية على هذه المواد من قبل إدارة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا والذي تديره “حكومة الإنقاذ” بشكلٍ شبه كامل.
بدوره، نفى مازن علوش، وهو مدير العلاقات العامة في معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، رفع الرسوم الجمركية على مواد البناء القادمة من تركيا.
وشدد على أن “الرسوم ما زالت على حالها الطبيعي منذ فترة، إذ أن رسوم طن الإسمنت 5 دولار فقط.”
وأشار إلى أن الارتفاع الأخير بأسعار الإسمنت والحديد هو “ارتفاع عالمي ومن المصدر في الجانب التركي.”