التداوي بالأعشاب بديل الطب الحديث في إدلب شمال غربي سوريا
إدلب ـ نورث برس
يتردد نور السعيد (38عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مدينة سرمدا شمال إدلب، إلى عيادة طب الأعشاب مرتين أسبوعياً، مصطحباً طفله المصاب بداء اللشمانيا “حبة حلب”.
ووجد “السعيد” ضالته في الطب البديل، بعد رحلة علاج طويلة ويائسة بجرعات “الغلوغانتيم” والتي أدت لمضاعفات مرضية مع طفله.
وظهرت تأثيرات جانبية عديد على الطفل كالتهاب الكبد وألم في الكلتين، مما دفع الأطباء في المشافي المختصة لإيقاف العلاج بالحقن العضلية.
يقول الأب: “العلاج بالأعشاب أظهر نتائج جيدة دون أي تأثيرات جانبية على طفلي المصاب بخمس آفات متفرقة في جسده.”
وتنتشر العديد من عيادات الطب العربي في محافظة إدلب، حيث لاقت إقبالاً واسعاً من السكان الذين باتوا يعتمدون عليها في الاستشفاء من الأمراض المختلفة.
ويتوجه المرضى لهذه العيادات، بسبب غلاء المعاينات الطبية في الطب الحديث، إضافة لارتفاع أسعار الأدوية وانقطاعها في بعض الأحيان.
وتصل المعاينات الطبية في بعض عيادات الطب الحديث في إدلب، في بعض الأحيان لـ 35 ليرة تركية أي ما يقارب (13 ألف ليرة سورية).
وترتاد صفاء الأسعد (50 عاماً) وهي من سكان مدينة إدلب، عيادات طب الأعشاب منذ عامين للاستشفاء من مرض السكري.
وسببت الأدوية الكيميائية التي كانت “الأسعد” تستخدمها، آلاماً تمثلت بقرحة في المعدة، وهو ما دفعها لقصد “الطب بالأعشاب”.
وتعتمد السيدة على العديد من الأعشاب الفعالة في الحد من انتشار مرض السكري، حيث تعمل على خلط مجموعة من الأعشاب الطبية لتكوّن منها خليطاً تستخدمه أربع مرات يومياً، ويساعدها على تنظيم السكري في الدم.
وتتألف الأعشاب التي تستخدمها الأسعد من “الحلبة، ورق الزيتون، القرفة، الزنجبيل، الكمون والقرنفل”، إذ وجدت نتائج تضاهي تلك التي كانت تستخدمها من الصيدليات الطبية.
مهنة تراثية
وتعد مهنة الطب بالأعشاب من المهن التراثية في إدلب، إذ أنها تعود لحقبة من الزمن، كانت فيها السبيل الوحيد للاستشفاء لدى سكان المنطقة.
والطب بالأعشاب، كان يستخدم منذ القدم لعلاج جميع الأمراض، ولكل عشبة أو نبتة فوائد مختلفة ومميزات، خاصة عن سواها، وقد أثبتت التجارب أن هذه الأعشاب آمنة ولكن تحت إشراف طبيب أعشاب ممتهن، ولديه الخبرة الكافية لوصف العلاج.
ويعمل رائد الخليل (55 عاماً) وهو من سكان مدينة الدانا شمال إدلب، بمهنة الطب العربي منذ خمسة وعشرين عاماً.
ويقول لنورث برس، إن “عيادته تلقى إقبالاً واسعاً من سكان المدينة الذين باتوا يثقون به وبمستحضراته.”
ويعمل “الخليل” على جمع الأعشاب الطبية ليصنع منها العديد من الأدوية الفعالة ضد أمراض عديدة كـ”الربو، السكر، اللشمانيا، القرحة، العقم، الكسور والحروق” وغيرها الكثير من الأمراض المزمنة.
ويقتصر المبلغ الذي يأخذه الطبيب على تكلفة الدواء فقط دون أخذ أجر معاينة طبية من المرضى.
وتوارث “الخليل” مهنة الطب العربي من والده الذي علمه حيثيات المهنة وتفاصيلها.
لا رقابة
ولكن المشكلة في الطب العربي هو أنه “لا يخضع لأي رقابة من الجهات المعنية، ما يخول أي شخص للعمل به. وهو ما غدا واضحاً من كثرة محال ومتاجر الأعشاب.”
وبات بائع الأعشاب هو نفسه الذي يعطي الوصفة الدوائية، “مما تسبب بالعديد من حوادث التسمم.” بحسب الطبيب “الخليل”.
وتجمع خلود الحلاق (38عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة في مدينة إدلب العديد من الأعشاب الطبية لبيعها وتحقيق دخل مادي تستطيع من خلاله الإنفاق على أولادها الثلاثة.
تقول المرأة، إنها تعمل على جمع العديد من الأعشاب الطبية مثل “البابونج، الزعتر البري، الدودحان وورق الزيتون” من الأراضي الزراعية والسفوح الجبلية.
وباتت مهنة جمع الأعشاب، “مصدر رزقي الوحيد بعد مقتل زوجي في الحرب الدائرة وافتقادي لمعيل. أتقاضى 20 ليرة تركية ثمن الكيلو الواحد.”
تحذير
من جهته، لا يخفي رامز الصطيف (45 عاماً) وهو اسم مستعار لطبيب في مدينة سرمدا يعمل في الطب الحديث، أهمية الطب العربي وفائدته في الاستطباب من العديد من الأمراض.
ولكنه حذر من مغبة الاعتماد الكامل على الطب البديل، إذ أنه لا يعطي مفعولاً في جميع الأمراض السارية.
كما أنه “قد يسبب عدة مشاكل تحسسية وهضمية لدى العديد من الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة تصل في بعض الأحيان لحالات تسمم شديدة تهدد حياة المرضى، نتيجة أخذ جرعات زائدة وغير مدروسة.”