حلب- نورث برس
لا تجد عائلة محمد خليفة (46عاماً) وهو من سكان حي الحمدانية في مدينة حلب، شمالي سوريا، خياراً أفضل غير الحديقة الواقعة في الحي لتكون متنفسها الوحيد أيام العطل وأوقات الفراغ، رغم “تواضع” محتوياتها وقلة خدماتها.
ويقصد “خليفة” ومعظم سكان الحي حديقة “المستقبل” بقصد الترويح عن النفس وإيجاد مساحة للعب أطفالهم، “فمنذ بداية الأزمة لم تغادر عائلتي حلب بقصد الذهاب إلى المصايف وليس لي قدرة على ارتياد المطاعم.”
وتعد الحدائق العامة في حلب والأماكن المكشوفة المزروعة بالأشجار في الأطراف الغربية للمدينة، وجهة سياحية تقصدها مئات العائلات بشكل يومي خاصة في فترة ما بعد الظهيرة والمساء.
ويشتكي سكان الأحياء التي تضم حدائق، من تراكم القمامة فيها وسط افتقادها للإنارة وانقطاع الكهرباء عنها، بالإضافة إلى أن مقاعد بعضها محطمة وغير صالحة للجلوس، ناهيك عن أن ألعاب الأطفال غير صالحة للاستخدام.
وتعتمد الحدائق العامة في ظل عدم توفر كهرباء الأمبيرات على إنارة الكهرباء النظامية والتي تشهد تقنيناً صارماً هذه الأيام، حيث تجاوزت ساعات التقنين في المدينة ست ساعات قطع مقابل ساعة ونصف تغذية تنخفض في بعض الأيام لساعة واحدة.
وتنتشر عشرات الحدائق العامة في مدينة حلب كحديقة السبيل والأشرفية والمحافظة والحمدانية والحديقة العامة، حيث تعد الأخيرة الأكبر من بينها وتمتد على مساحة 17 هكتار.
إهمال حكومي
وقال “خليفة” إن إدارة الحدائق لم تقم بأي عملية صيانة لحديقة حيه، “الأوساخ منتشرة في كل مكان والمراجيح شبه معطلة.”
ورأى سكان محليون أنه على الحكومة الاهتمام بالحدائق العامة وخاصة أنها الخيار الوحيد لعائلات ذات دخل محدود في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي لا تمكنهم من ارتياد أماكن الاصطياف.
وتحتاج الحدائق لاهتمام وتطوير بشكل دوري والقيام بعمليات صيانة للمقاعد وتنظيف للساحات والأرضيات، إضافة لإنارة ليلية ووضع حراسة على مداخل الحديقة وفيها لحفظ الأمن، بحسب سكان.
لكن عبد اللطيف البنقسلي (60عاماً) وهو مهندس مدني متقاعد من حي السبيل بحلب، رأى أن الحكومة “لا تدرك أهمية الحدائق وانعكاسها لثقافة المدينة وحضارتها، لذلك تعامل الحدائق باللامبالاة وعدم الاهتمام.”
ويقصد عبد الرحمن السيد (50عاماً) وهو موظف حكومي من حي الخالدية بحلب حديقة السبيل القريبة من حيه سيراً على الأقدام عصر كل يوم جمعة برفقة عائلته.
وكان “السيد” وقبل بداية الحرب السورية 2011، يقصد منطقة عفرين بريف حلب الشمالي لقضاء يوم الجمعة في قراها كميدانكي وكفرجنة وجمروك وغيرها من الأماكن.
لكن ومع انعدام الأمن على الطرقات، وسيطرة تركيا عليها، “حرمنا من الذهاب إلى هناك”، بحسب “السيد”.
“أفعال غير أخلاقية”
وكسابقه لا يتمكن الموظف الحكومي وبسبب تدني قيمة راتبه وتردي الوضع المعيشي، من ارتياد المناطق السياحية في الساحل السوري “فتكاليفها مرتفعة وليس لدي القدرة على تحملها.”
وذكر الموظف أن ألعاب الأطفال في حديقة السبيل غير صالحة للاستخدام والمقاعد شبه مدمرة ولا تصلح للجلوس.
والثلاثاء الماضي، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن الأمم المتحدة لا تزال “قلقة للغاية بشأن تدهور الوضع الإنساني لـ 13.4 مليون شخص محتاج”، في جميع أنحاء سوريا.
وخلال سنوات الحرب وفي ذروة أزمة الوقود، تعرضت حديقة بستان القصر والمحلق الجنوبي والغربي لعمليات تحطيب واسعة أتت على كل الأشجار، فيما كانت عمليات التحطيب في باقي حدائق المدينة محدودة، بحسب مصدر من مديرية الحدائق.
وعبرت نجوى المدرس (25عاماً) وهي طالبة جامعية من حي العزيزية عن استيائها من ظاهرة التحرش والمضايقات اللفظية في الحدائق العامة.
وقلصت الطالبة التي كانت قد اعتادت على ارتياد الحديقة العامة برفقة شقيقاتها عصر كل يوم، من أيام ارتيادها الحديقة “بسبب الإزعاجات المتكررة.”
وأضافت: “ليس هناك أي رادع عند الأجهزة الأمنية والشرطية للحد من هذه الظاهرة اللاأخلاقية.”