الحصاد يوفر فرص عمل موسمية لذوي دخل محدود في إدلب
إدلب – نورث برس
ينطلق محمد من منزله في الصباح الباكر للعمل في الحصاد دون أن يكترث للتعب وحرارة الشمس الحارقة، أو امتداد العمل لساعات طويلة، خاصة بعد أن كان عاطلاً عن العمل.
وإن كان العمل في موسم الحصاد لدى مالك حصادة آلية بالنسبة لمحمد الرزوق (24 عاماً) من بلدة كللي بريف إدلب الشمالي، “مؤقتاً”، إلا أنه استغله لتحسين أحواله المعيشية المتردية، ومساعدة والده في تأمين مصروف المنزل.
ويرافق الشاب وأربعة عمال آخرين، الحصادة الآلية، ويتوزع عملهم على إزالة الحجارة من طريقها وتعبئة الحبوب والتبن في أكياس خاصة.
ويؤمن موسم الحصاد في إدلب العمل للكثير من العمال والعاملات بأجور قليلة، في سبيل الحصول على فرص عمل تؤمن مصدر دخل لهم، وتساعدهم على مجابهة الظروف المعيشية الصعبة.
حصاد يدوي
يفضل الكثير من المزارعين الحصاد اليدوي بدلاً من الحصاد الآلي. يقول إبراهيم العجيني (51 عاماً) وهو مزارع من مدينة حارم: “بات الحصاد الآلي مكلفاً بسبب غلاء المحروقات.”
وتغلب الوعورة على طبيعة الأراضي الزراعية في إدلب، إذ لا تصل إليها الحصادات الآلية، فضلاً عن أن الحصاد اليدوي “يوفر كميات كبيرة من الأعلاف لإطعام مواشينا.”
ويشير “العجيني” إلى أن “الحصادات الآلية بكل أنواعها، تترك جزءاً كبيراً من سوق النبات خلفها، في حين أنه يجري الاستفادة من القش كاملاً في الحصاد اليدوي.”
وتجد العديد من النساء في إدلب أن الحصاد اليدوي فرصة يجب استغلالها لتوفير متطلبات أسرهن الحياتية.
وتقول بدرية المحمود (33 عاماً) وهي نازحة من بلدة سنجار في معرة النعمان، إلى مخيم كفرلوسين، لنورث برس: “منذ بداية الموسم أسسنا مجموعة من 15 امرأة للعمل في حصاد الثوم والعدس والقمح والشعير والحمص وجني العصفر، حيث تصل مدة عملنا لما يقارب سبع ساعات يومياً.”
وتشدد “المحمود” على أن الحصاد اليدوي “متعب جداً ويحتاج إلى جهد مضاعف”، لكنها مجبرة على ذلك لتوفير متطلبات الحياة الأساسية لأسرتها المكونة من ثمانية أفراد، وسط ظروف معيشة صعبة.
وتشير النازحة إلى أنها تتنقل مع زميلاتها بين القرى والبلدات بريف إدلب حتى انتهاء موسم الحصاد الذي يمتد قرابة ثلاثة أشهر.
لكن العمل في الحصاد لا يخلو من المخاطر، حيث قضت امرأتان بتاريخ السابع عشر من أيار/ مايو الماضي، وأصيب 9 آخرين بينهم 8 نساء، أثناء ذهابهم للعمل في حصاد المحاصيل الزراعية، وذلك جراء انحراف السيارة التي كانوا يستقلونها غربي إدلب.
استغلال وأجور زهيدة
وتتفاوت أجرة الحصاد في إدلب، بين 10- 20 ليرة تركية ( من 3640 إلى7280 ليرة سورية) يومياً، ويتذرع المزارعون بقلة الإنتاج وخسارة المواسم، إلا أن العديد من العمال يشتكون من الاستغلال والغبن في الأجور.
وتخرج سمر قيظاز (40 عاماً) من قرية رضوة بريف إدلب الشمالي، مع أولادها للعمل في الحصاد شاكية من قلة الأجور.
وتقول: “أستغل عطلة المدارس للذهاب برفقة أولادي الثلاثة للعمل، ويحصل كل منا على ما يقارب 10 ليرات تركية يومياً.”
وتعتبر “قيظاز” أن “الأجر غير مكافئ للجهد المبذول، ولكن الحاجة للعمل تدفعهم للسكوت والرضى.”
وتشير إلى أن عملهم في الحصاد يعرضهم لمخاطر وجود العقارب والأفاعي، إلى جانب تعرضهم لضربات الشمس والغبار، ووجود الأعشاب الشوكية.
“لكن العمل أفضل بكثير من الحاجة، وأكثر ما ينسينا تعبنا هو الأحاديث المسلية والتندر، فنعمل دون كلل أو ملل واضعين حاجة أسرنا نصب أعيننا”، بحسب تعبيرها.
وتجمع المرأة من بقايا المواسم، بعض المؤونة للشتاء كالثوم والفول والحمص والعدس، وتعتمد عليها في توفير الغذاء لأفراد عائلتها، في ظل مرض زوجها وانقطاعه عن العمل.