خيبة أمل سكان في دوما لم يفرج عن معتقلين لهم بعد وعد الأسد

دمشق – نورث برس

بعد انتظارها لساعات في ساحة مدينة دوما بريف دمشق، شعرت هدى المبيض (22عاماً) وهي من سكان المدينة بخيبة أمل عندما لم تجد زوجها من بين المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم، ومازالت تنتظر خروجه ليرى ابنه للمرة الأولى.

واعتقل زوج “المبيض” أثناء توجهه من مدينة دوما إلى دمشق بعد اتفاق المصالحة الوطنية في العام 2018، إذ كان ذاهباً لتأمين كيس من الدم لزوجته أثناء مرضها حيث كانت في مشفى حمدان بدوما، وفق ما قالته “المبيض” لنورث برس.

وأضافت، بأن زوجها كان من بين من رفض الخروج إلى إدلب ووقع على اتفاق المصالحة مع الحكومة، “لكنهم اعتقلوه على أحد حواجز دمشق.”

وفي الخامس من هذا الشهر، أفرجت حكومة دمشق عن عدد من المعتقلين من سكان مدينة دوما.

وذكرت محافظة ريف دمشق أن الخطوة شملت “الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء” وقالت إنها تأتي تنفيذاً لـ”وعد الحق ومبادرة الوفاء التي أطلقها الرئيس بشار الأسد أثناء انتخابه والسيدة أسماء الأسد في مدينة دوما.”

وتناقل ناشطون حينها، صوراً لتجمع مئات السكان في ساحة دوما بانتظار ذويهم من المفرج عنهم، بحضور رئيس فرع المخابرات العسكرية في الحكومة السورية، ومحافظ ريف دمشق، ومسؤولين في حزب البعث وأعضاء في البرلمان.

ووصف المرصد السوري لحقوق الإنسان عملية الإفراج بـ”مهزلة حقيقية” وسط استياء وخيبة أمل سكان دوما من قلة عدد المفرج عنهم، بعد الوعود التي تلقوها أثناء الانتخابات الرئاسية التي جرت في السادس والعشرين من الشهر الماضي.

خطوة لدخول دوما

وفي وقتٍ سابق، قال أحد سكان مدينة دوما لنورث برس، إنَّ “النظام عبر أحد مشايخ دوما وعد الناس بالإفراج عن عدد كبير من المعتقلين خلال الحملة الانتخابية للرئيس الأسد.”

وذكر أن من تم الإفراج عنهم لا يتجاوز عددهم العشرين شخصاً، وأن أغلبهم اعتقلوا في الآونة الأخيرة، وليسوا من معتقلي دوما خلال فترة الحراك والصراع العسكري.

لكن وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان نقلاً عن مصادر، فإن عدد المفرج عنهم بلغ 25 معتقلاً.

وقال ناشط مدني من مدينة دوما لنورث برس إن “فترة ما قبل انتخاب الرئيس في دوما، شهدت دوراً كبيراً لمشايخ دوما في الترويج للإفراج عن عدد كبير من المعتقلين.”

وأضاف الناشط المدني أنه على مدار أكثر من أسبوع، كان أغلب مشايخ دوما في المساجد “يروجون للأسد ولضرورة انتخابه كخطوة جديدة لإعادة مؤسسات الدولة، وتحسين كافة الخدمات في المدينة.”

وامتلأت دوما حينها بصور الرئيس الأسد ونشط أعضاء حزب البعث في إقامة المهرجانات الخطابية وأحياناً في توزيع بعض المساعدات للسكان لحثهم على انتخابه.

ويوم الانتخابات، أدلى الرئيس السوري بشار الأسد وعقيلته بصوتيهما في مركز الاقتراع بمجلس بلدية دوما في ريف دمشق.

واعتبر ناشطون آخرون أن الإفراج عن المعتقلين، “سيشكل الخطوة الأولى نحو دخول الجيش السوري إلى دوما، التي تعتبر منطقة مصالحات غير مسموح للقوى الأمنية الحكومية التواجد فيها.”

“لا معتقلي رأي”

وفي الرابع والعشرين من الشهر الماضي، قال الرئيس الأسد إنه “لا يوجد معتقلي رأي في سوريا وإن المعتقل لديه تهم جنائية أوقف بناء عليها.”

وجاء كلام “الأسد” خلال اجتماعه بفرق الإصلاح الإداري في الحكومة، بحسب ما قاله مصدر كان حاضراً في الاجتماع لنورث برس.

لكن ووفقاً لإحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن “968 ألفاً و651 شخصاً تم اعتقالهم منذ بداية الحرب السورية، من قبل أجهزة النظام الأمنية، قضى منهم أكثر من 105 آلاف و902 تحت التعذيب”.

وبحسب المرصد فإن أكثر من 83% من المعتقلين جرى تصفيتهم داخل المعتقلات في الفترة الواقعة ما بين شهر أيار/ مايو 2013 وشهر تشرين الأول/أكتوبر من العام ذاته.

وقال محامٍ مختص بقضايا الإرهاب لنورث برس: “إذا كان الأسد لا يعترف بوجود معتقلي رأي في سوريا، فتلك كارثة كبرى، تشير إلى عقلية تفكير غير منتجة ولا تنطلق من قراءة الواقع بشكل سليم.”

وأضاف المحامي أن مشاهداته في محكمة الإرهاب تؤكد وتوثق لكثير من المعتقلين “الذين لا جرم لهم سوى معارضة النظام.”

إعداد: آرام عبدالله – تحرير: سلام محمد