سكان في الحسكة يتوجهون لحفر آبار وسط تفاقم أزمة المياه
الحسكة – نورث برس
يتوجه سكان في مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، إلى حفر آبار في أحياء المدينة بهدف تأمين حاجتهم من المياه، في ظل الانقطاع المتكرر للمياه من الخطوط الرئيسية بسبب قلة الوارد المائي من محطة علوك بريف مدينة سري كانيه (رأس العين).
ومنذ سيطرتها على سري كانيه في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، تتعمد القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها وفقاً لمسؤولين في الإدارة الذاتية، عدم تشغيل محطة علوك باستطاعتها الكاملة، كما أنها قطعت المياه عن المنطقة لعشرات المرات، واستمر القطع في بعض الحالات لأكثر من شهر خلال صيف العام الماضي.
وتعتبر المحطة المصدر الرئيسي لمياه الشرب لمدن تل تمر والحسكة والشدادي والهول وأريافها والمخيمات التابعة لها.
وبحسب مصادر في الإدارة الذاتية، فإنه رغم تغذية منطقة سري كانيه، بكمية 20 ميغا واط من التيار الكهربائي مقابل تشغيل أربعة مضخات بمعدل 16 بئراً، “إلا أن ضعف ضخ المياه وقلة الوارد المائي يكشف زيف الادعاءات التركية في الإيفاء بوعودها.”
وفي وقت سابق، قال مصدر من مديرية مياه الحسكة التابعة لحكومة دمشق، لنورث برس، إن القوات التركية تطالب بالمزيد من التيار الكهربائي لمناطق سيطرتها مقابل تشغيل عدد محدد من مضخات المياه.
أقل من 10 بالمئة
وقالت سوزدار أحمد الرئيسة المشاركة للمديرية العامة لمياه الشرب في مقاطعة الحسكة، إن “محطة آبار علوك تعمل حالياً بأقل من 10 بالمئة من طاقتها الكاملة.”
وأضافت في تصريح خاص لنورث برس، أنه يتم تشغيل 10 آبار من أصل 34 بئراً ومضخة واحدة من أصل ثماني مضخات.
وبحسب “أحمد” فإن كمية المياه الواردة من المحطة إلى الخزانات الرئيسية في الحسكة تقدر بحوالي عشرة آلاف متر مكعب في اليوم، “في حين أن احتياجات المدينة من المياه تتجاوز 70 ألف متر مكعب يومياً.”
وأشارت إلى أنهم يحتاجون من ثلاثة إلى أربعة أيام لملء الخزان الرئيسي في محطة آبار الحمة المقدر بـ 30 ألف متر مكعب، وبعد الامتلاء يتم الضخ على أحياء المدينة المقسمة وفق قطاعات معينة بناء على نظام التقنين المعتمد.
ولا تغطي المياه التي يتم ضخها إلى قطاعات المدينة سوى 30 بالمئة من حاجة السكان، بحسب “أحمد”.
وفي الآونة الأخيرة، تنتشر آليات حفر الآبار في شوارع أحياء الحسكة، إذ يعتمد السكان على شراء مياه الشرب من الصهاريج الجوالة، وبأسعار تصل لنحو ثمانية آلاف ليرة لكل خزان سعة خمسة براميل.
ويواجه سكان الحسكة مشكلة في عدم صلاحية مياه معظم الآبار للشرب، حيث يضطرون لاستخدامها للتنظيف والاحتياجات المنزلية الأخرى.
غير صالحة للشرب
واعتبر يحيى حمي، الرئيس المشارك لدائرة المياه في مدينة الحسكة “التوجه الكبير” لحفر الآبار “ظاهرة سيئة”، كما أن تلك المياه “ملوثة وغير صالحة للشرب.”
وأشار “حمي” إلى أن هناك شروطاً لحفر تلك الآبار، حيث أن مكان حفرها لابد أن يكون في باحة المنزل أو في حديقة الحي أو الحارة، “حيث يمنع الحفر في الشوارع. هناك قوانين لا يمكن تجاوزها.”
وتبلغ تكاليف ترخيص حفر بئر الـ15 ألف ليرة، بحسب دائرة المياه.
وقال عبدالله سالم (44عاماً) وهو صاحب آلية حفر آبار من مدينة كوباني، إن عمق البئر يتراوح ما بين 30 و50 متراً، إذ يتم حفر كل متر بعشرة آلاف ليرة سورية.
وأشار صاحب الحفارة إلى أن هناك توجه كبير لحفر الآبار، “ما أن ننتهي من حفر بئر حتى نباشر بحفر آخر.”
وتتفاقم معاناة السكان مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة واستهلاك كميات أكبر من المياه، إذ أن المدينة مقسمة إلى خمسة قطاعات، وتصل المياه إلى كل قطاع مرة واحدة كل 15 يوماً تقريباً، تستمر لأقل من عشرة ساعات في الكثير من الأحيان.
ونتيجة لضعف الضخ وقلة الكميات الواردة، هناك أحياء في الحسكة لا تصلها المياه أبداً. كما أن فترات الضخ تتزامن أحياناً مع انقطاع الكهرباء، الأمر الذي يحول دون تعبئة الخزانات، بحسب سكان محليين.
وقال أحمد الجبر (50عاماً) وهو من سكان حي الطلائع بالحسكة، إن المياه منذ عدة سنوات لم تصلهم من خلال قساطل المياه الممددة في الحي، “ارتفاع أسعار شراء المياه من الصهاريج تجبرنا أحياناً على شرب مياه الآبار.”
وحول إمكانية تواصلهم مع المؤسسة العامة لمياه الشرب في مقاطعة الحسكة وتخصيصها لصهاريج لتوصيل المياه للمناطق التي لا يصلها الضخ أبداً، أشار “الجبر” إلى أنهم قدموا طلباً “واشتكينا وحصلنا على وعود فقط.”
لكن الرئيسة المشاركة للمديرية العامة لمياه الشرب في مقاطعة الحسكة، قالت إن عدد الصهاريج التابعة للمديرية لا يكفي لتغطية حاجة المنازل التي لا تصلها المياه.
ومنذ سنتين، لم تصل المياه من خلال الخطوط الرئيسية، إلى منزل فواز حسين (41عاماً) وهو من سكان حي العزل في الحسكة.
وأشار “حسين” إلى أن ضخ المياه إلى حيهم يأتي كل 20 يوماً، “أغلب المنازل لا تستطيع ملء خزاناتها بسبب ضعف الضخ.”