ميزانيات مفتوحة لحفلات الفوز بالرئاسة السورية تتجاهل الأوضاع الاقتصادية

دمشق ـ نورث برس

عندما علمت بموعد حفلة في قريتها في سياق احتفالات الفوز بالرئاسة السورية، فإن أكثر ما أثار حفيظة سامية حسن (38 عاماً)، “من سيدفع للفنان الذي سيغني في الحفل وكم المبالغ، وكيف توفرت كل تلك الأموال لتدفع؟.”

و”حسن” موظفة في معمل غزل شرق العاصمة دمشق، حيث العمل طويل ومرهق جداً والرواتب كما حال أجور كل السوريين “متدنية” لا تكاد تسد الحاجيات الأساسية.

ونقلت “حسن” عن زميلتها في العمل القول إن “الحفلات يجب أن تكون مجانية، إذ يجب أن يحييها الفنانون مجاناً كعربون حب وولاء لرئيسهم.”

الاحتفالات التي تشهدها البلاد حالياً سبق لها أن شهدتها في الانتخابات الأخيرة  للرئيس السابق حافظ الأسد.

ومن العوامل المشتركة بين الحدثين أيضاً، سوء الظروف الاقتصادية من حيث التقتير والإحجام عن الإنفاق على الكثير من الضروريات لعدم توافر الموارد المالية كما تقول وزارة المالية دائماً، “من أجل تحسين الأجور ومستوى المعيشة أو الخدمات.”

ولكن الرخاء والبذخ يظهر بأبهى صوره في فترة الانتخابات حيث الوجبات المميزة للقائمين على أعمال الانتخابات، أو تحمل أعباء تكاليف حجز البث الفضائي الذي تصل تكلفة الساعة منه إلى آلاف الدولارات، وكذلك شاشات البث الكثيرة.

وأقيمت الحفلات قبل الانتخابات بأيام، ثم ما لبثت أن أخذت شكلاً منظماً بعد إعلان النتائج، ويحييها فنانون من مختلف المستويات والتصنيفات، وفي كل المحافظات، مثل “علي وحسين الديك، وجورج وسوف، وفيق حبيب (…)”.

ضجيج

استمرت أخبار الاحتفالات بالتصاعد دون اكتراث القائمين عليها لتزامن ضجيجها مع امتحان شهادتي البكالوريا والتاسع.

وأصبح الضجيج في المناطق القريبة من تواجد منازل طلاب من إحدى الشهادتين بمثابة الصدمة لأسرهم لأن الضجيج يتسبب بتوتر كبير للطلاب وذويهم خاصة ما قبل الامتحانات.

تقول جنان علي (39 عاماً)، إنها تلازم البيت إلى جانب ابنها أحمد وتقدم له الكثير من الإغراءات أحياناً والردع في أحيان أخرى. 

وتمنع “علي” ابنها من مغادرة البيت، وتشدد على متابعته التحضير لامتحاناته في الصف التاسع دون الذهاب إلى تجمعات المحتفلين في قريته بطرطوس.

وتساءل رامي عبود (40 عاماً) وهو يعمل في التجارة في اللاذقية، “أما آن لهذه الحفلات التي يمولها (حرامية البلاد) أن تنتهي؟.”

وأضاف: “ألا يخشى القائمون على هذه الحفلات من كورونا مع كل تلك الوفود التي تتبع الطبل أينما كان؟.”

وبلغ عدد المصابين بفيروس كورونا في مناطق الحكومة السورية 24.639 إصابة مؤكدة، منها 1.790 حالة وفاة، و21.630 حالة شفاء.

مع وضد

نشر أحدهم على صفحته في فيس بوك “بوست” كتيب فيه: “ألم يكن من الأفضل تخصيص المبالغ التي تصرف على المطربين والحفلات على شيء مفيد للشعب كشراء باص نقل داخلي يخفف الزحمة، أو تحسين واقع الكهرباء؟.”

واللافت في الأمر، أن غالبية الردود لم تعجب باقتراحه، وجاءته الكثير من الردود التي تتهجم عليه، في إشارة إلى أن الحفلات التي تقام للاحتفال بفوز الرئيس “عمل وطني لا يقبل النقاش.”

كما عقب أحد المعلقين: “الناس بحاجة إلى هذا الفرح بعد حياتها الصعبة خلال سنوات الحرب العشرة.”

“من الحزب”

وعند الاستفسار من عضو قيادة شعبة في حزب البعث، في دمشق، عن دوره في تمويل الحفلات، شدد على أن “قسماً كبيراً من الأموال هو تبرعات للحزب.”

وقال العضو الحزبي الذي فضل عدم ذكر اسمه، لنورث برس، إن الحزب بدوره “موَّل فيها حفلات فنانين تبدأ من سعر 200 ألف ليرة للفنان المغمور ويتصاعد المبلغ إلى الملايين تبعاً لصيت الفنان وشهرته.”

وأضاف المصدر أن “اللوحات الإعلانية التي تملأ الشوارع هي من تقدمة القطاع الخاص الذي يتعامل معه القائمون عليها كحملات إعلانية حيث تنشر اللوحات الإعلانية في الشوارع مذيلة باسم صاحبها.” 

والخميس الماضي، ذكرت أخبار تم تناقلها على صفحات مواقع التواصل عن حدوث الكثير من حالات الاختناق والإغماء بين الجماهير المحتشدة للمشاركة في حفل أقيم في المدينة الرياضية في محافظة اللاذقية بسبب الإقبال الكبير.

وأعرب سليم العزب (45 عاماً) وهو موظف في القطاع العام الحكومي، في دمشق، عن استغرابه، “من انتهاء نعيم العيش مع الكهرباء حالما صدرت نتائج الانتخابات!.”

وتساءل: “كيف عادت الناس لتعيش مع تقنين خانق يصل إلى أربع ساعات ونصف قطع مع ساعة ونصف وصل.”

إعداد: ريتا علي ـ تحرير: محمد القاضي