غياب دور المرأة الدرزية في السويداء من المشاركة الحقيقة في التنمية

السويداء ـ نورث برس

لأنها غير منظمة حزبياً داخل صفوف حزب البعث، تعرضت أميرة السيد (50 عاماً) وهو اسم مستعار لموظفة في إحدى الدوائر الحكومية في السويداء، للإقصاء من فرصة أن تكون مديرة للدائرة “الكبيرة والهامة” التي تعمل بها في السويداء.

و”السيد” هي الموظفة الأقدم والأكفأ مهنياً وتسلسلاً وظيفياً، وذلك حسب تأكيد العديد من زملائها.

وتقول لنورث برس: “لست الوحيدة من بين النساء المتعلمات وأصحاب الخبرة المهنية  في السويداء التي يتم إقصائها عن ممارسة العمل الإداري.”

وتضيف: “العديد من المهندسات اللاتي يتمتعن بكفاءة مهنية وإدارية عالية لم يتم تكليفهن بأي دور قيادي داخل مؤسساتهن التي يعملن بها، لأنهن مستقلات ولا ينتمين إلى أي حزب سياسي داخل الجبهة الوطنية التقدمية.”

والجبهة الوطنية التقدمية هو الاسم الذي أطلقته الحكومة السورية على الأحزاب المشاركة بالسلطة منذ عام ١٩٧١ والتي يمثل حزب البعث قائداً لها وشكلها الرئيس السابق حافظ الأسد بعد توليه السلطة في سوريا.

“تهميش ممنهج

والتهميش الذي تتعرض له المرأة المتعلمة وصاحبة الخبرات، هو “سياسية ممنهجة ومتبعة من قبل الحكومة منذ عقود من الزمن”، بحسب “السيد”.

وتقول: “إضافة لاعتبار الانتماء الحزبي، يوجد سبب آخر لإقصاء النساء، وهو أن المرآة لا يمكنها أن تنجح في العمل الميداني مقارنة مع الرجال”، بحسب ما أخبرها به أحد المسؤولين الحكوميين داخل القطاع الخدمي الذي تعمل به “السيد”.

وكفل الدستور السوري حق المرأة في أن تصل إلى أعلى المناصب الإدارية “ولكن ليس في ظل حكم البعث الحالي في سوريا والذي تغنى بدور المرأة المتعلمة في بناء مجتمعها على مدار خمسة عقود”، تقول الموظفة.

ومنذ خمسة وعشرين عاماً، تعمل سماح الراشد (٤٩ عاماً) وهو اسم مستعار لموظفة حكومية في أحد البنوك الحكومية بمدينة السويداء، وحاصلة على شهادة الدكتوراه في علوم الإدارة.

وتابعت “الراشد” الدراسة العليا في اختصاصها وهي على رأس عملها، حتى حصلت على الدكتوراه في علوم الإدارة منذ عشرة سنوات.

وقامت بتقديم دراسة لخطط إدارية في تطوير العمل البنكي الحكومي, والنهوض بالواقع المصرفي المتهالك في السويداء.

ولكن “لم يؤخذ بها من قبل الحكومة وبقية طي الأدراج.”

وقالت إن السياسات البنكية الحكومية “يحكمها المركز وثلة من الاقتصاديين ورجال الأعمال المتنفذين.”

وقامت إدارة البنك في الآونة الأخيرة بحملة تعينات وترقيات وظيفية، لكن الموظفة “لم يطلها شيء من تلك الترفيعات. بل انتفع منها الموظفون الانتهازيون والمتنفذين داخل الأجهزة الأمنية والحكومية.”

وأشارت إلى أن تلك الترقيات “استثنت جميع الخبرات النسائية اللاتي يعملن معها في ذات القطاع.”

للرجال نصيب

ولا تقتصر حالة الإقصاء والتهميش الوظيفي وحجب الترقيات الحكومية، على النساء فقط، بل للرجال أيضاً  نصيب منها.

ولكن، المجتمع في السويداء كسائر المجتمعات الشرقية ذو طبيعة وصبغة تطغى عليها الحالة الذكورية، فقد تماهت السلطة الحاكمة وتسترت خلف هذه التركيبة المجتمعية لإقصاء المرأة. بحسب مها حميدي (39 عاماً) وهو اسم مستعار لناشطة نسوة حقوقية في السويداء.

وأضافت: “حزب البعث عمل على تبني شعارات مبتذلة، كضرورة مشاركة المرأة في مسيرة البناء المجتمعي، ليصبغ طريقة إدارته للحكم بطبيعة مدنية ظاهرية مشتركة بين الرجل والمرأة.”

واعتبرت أن شعار “دعم المرأة وتنمتها” هو “شعار مستهلك لذر الرماد في العيون لا أكثر.”

وقال سعيد كحيلي (75 عاماً) وهو اسم مستعار لمسؤول في إحدى الدوائر الحكومية في السويداء، إنه “لا يستهان بدور المرأة في المؤسسات الحكومية.”

وأشار “كحيلي” وكان سابقاً عضو في مجلس الشعب، إلى تعرض الكثير من الموظفات الحكوميات إلى “الغبن الوظيفي والقيادي في العديد من مفاصل المؤسسات الحكومية.”

وأضاف: “المشكلة الأساسية التي تكمن في السويداء وعموم سوريا هي الانتقائية في عملية تمثيل العنصر النسائي والتي تحكمها طبيعة الانتماء الحزبي والسلطوي في التعينات القيادية في السويداء.”

واعتبر أن هذا الأمر “واقع حقيقي لا يمكن تغافله أو التستر عليه، وهو بحاجة إلى إعادة تغيير في العقلية الحاكمة في سوريا.”

ولكنه استدرك بالقول، إن “الحكومة لم تغلق الطريق نهائياً في وجه المرأة كي تتقلد دفة بعض المواقع القيادية داخل المؤسسات القائمة في السويداء.”

ولا تشكل نسبة الموظفات اللاتي تسلمن مواقع قيادية في الحكومة، سوى خمسة في المئة من المجموع النسائي الفاعل، حسب إحصائية موجودة لدى “كحيلي”، مقدمة من سجلات التوظيف في مبنى محافظة السويداء.

إعداد: سامي العلي ـ تحرير: محمد القاضي