الانتخابات الرئاسية السورية.. حشود ضمن إطار الشاشات المحلية
دمشق ـ نورث برس
قال مراقبون في العاصمة السورية دمشق، الأربعاء، إن من يسير في شوارع دمشق يوم الانتخابات يلاحظ أن الحركة فيها “أقل من المعتاد”، وأن الحشود التي كانت تغص بها الشاشات المحلية منذ ساعات الصباح الأولى، “تبقى ضمن إطار الشاشة.”
وأشاروا إلى أن بعض المراكز لم يكن فيها سوى صور المرشحين الثلاثة، والجنود الموكل إليهم ضبط الأمن، لا حشود تهتف أو تغني، أو تتقاطر إلى مراكز الانتخاب كما كانت القنوات السورية تعرض.
ويصف المراقبون، الحركة في كثير من المراكز التي افتتحت في المدارس، بأنها “شبه معدومة” لأن الدوام متوقف، ولا يوجد طلاب يمكن استخدامهم كحشود.
كما أن الإعلام “لم يأتِ إليها ليغطي، لذلك بقيت مقفرة، إلا من صور المرشحين وبعض الموظفين والحراس.”
وظهرت على شاشات الإعلام المحلي صورٌ “للزحف الجماهيري”، ثم وضعت إلى جانب بعضها في محاولة للتأكيد على أن السوريين كلهم أو من يحق لهم التصويت، جاؤوا “ليجددوا عهد الوفاء والولاء”، حسب لغة الإعلام السوري.
وقال محمد حامد (38 عاماً) وهو صحفي سوري من دمشق، إنه اضطر أن يكون في الثامنة صباحاً في صحيفته “بحسب التعليمات”. وأضاف: “هناك مراكز محددة، تم تركيز الجهد عليها، وتهيئتها لتكون صورة في مشهد الزحف الجماهيري.”
وأشار إلى أن المراكز في المؤسسات العامة “تبدو في حالة حيوية أكثر من غيرها، إذ أن جميع العاملين تلقوا تعليمات بضرورة الحضور، وعدم التغيب في هذا اليوم تحديداً.”
وأما في بعض المناطق التي تعرف في البلاد بأن معظم سكانها معارضون فقد “جاءها سكان من خارجها ليهتفوا فيها باسم أهلها”، بحسب الصحفي.
لماذا الأسد؟
تقول رانيا عثمان موظفة في القطاع العام إنها ذهبت إلى صناديق الاقتراع في مؤسستها لتنتخب، وإن كانت أشارت إلى أنها فعلت ذلك “مكرهة”.
وعند سؤالها “لمن ذهب صوتك”، وهو سؤال جرت العادة أن لا يوجه لأحد في سوريا، تجيب بابتسامة ساخرة، “طبعاً للرئيس الأسد.”
وفي مركز الاقتراع يدخل الناخب، يسلم بطاقته الشخصية ويرى كل بياناته تدوّن في سجل خاص، ثم يوقع، قبل أن يطمس إصبعه في حبر خاص، دليلاً على أنه أدى “واجبه” ومارس “حقه”.
وهذه الإجراءات كلها قد تكون اعتيادية، لكنها في سوريا تعد نوعاً من الأدلة والقرائن في حال أراد أحد ما أن يدقق فيمن أدلى بصوت غير مرغوب، بحسب مراقبين.
وكما أن الموظفين يضطرون إلى المشاركة في الانتخابات، كذلك تم اعتماد الكثير من الأساليب والوسائل لإلزام الشرائح الواسعة من الطلبة.
وأجبرت عمادات الكليات الطلبة على الذهاب إلى جامعاتهم من خلال تحديد مواعيد امتحاناتهم بالتزامن مع يوم الانتخابات بحيث أصبح كل من يدخل الجامعة مضطراً للمشاركة في الانتخابات.
تقول هبة ياسين طالبة في كلية الهندسة المدنية في دمشق إنه تم تحديد الفحص العملي لإحدى المواد في يوم الانتخابات، وبذلك أصبح لزاماً على كل الطلاب القدوم إلى الجامعة، لتظهر صورة الحشود أمام الناس، “فهو هدف بحد ذاته، ويعد أهم من هدف التصويت للأسد فذلك شبه محسوم.”
مناطق ساخنة
وركز الإعلام المحلي على تغطية الإقبال على الانتخابات في المناطق الساخنة التي شهدت الكثير من الحروب كمنطقة دوما التي اختارها الأسد ليدلي منها بصوته.
والتوجه الإعلامي كان رسالة قرأها السوريون جيداً، وفهموا معانيها، ورغم التباين في قراءتها بين مؤيد ومعارض، إلا أنها كانت للجميع: “الأسد إلى الأبد” ومن دوما.
ولخص رائد محمد وهو اسم مستعار لموظف في وزارة النقل السورية، جزءاً من صورة سوريا حين قال بنوع من السخرية إنه “ومنذ أن رأى النور عام 1970 تاريخ ميلاده، لا يعرف رئيساً سوى الأسد، سواء الأب، أو الابن الذي جاء ليكمل مسيرة والده.”
وروى “محمد” أنه حاول مرة أن “يتخلى عن حقه” بالانتخاب، وقرر عدم المشاركة في الاستفتاء على “مبايعة” الأسد الأب إلى الأبد في تسعينيات القرن الماضي، لكنه فوجئ أن والدته أخذت “دفتر العائلة” وصوتت باسم جميع أبنائها، “خوفا لا حباً”، يقول رائد ضاحكاً.