دمشق – نورث برس
لم تكن تعلم أم نبيل (40عاماً) أن موتها سيكون على يد ولدها، إذ قتل نبيل والدته نحراً بالسكين وأخفى جريمته، بحجة أنَّها قتلت والده.
وفي السابع والعشرين من الشهر الفائت، وقعت تلك الجريمة في مدينة حماة، وسط سوريا محدثةً فاجعة هزت الرأي العام، رغم كل الجرائم التي ارتكبت في سوريا خلال سنوات الحرب العشرة.
ويكاد لا يمر شهر في سوريا إلا ويكون هناك جريمة قتل مروعة يذهب ضحيتها في بعض الأحيان أشخاص من نفس العائلة.
وتوزعت معظم تلك الجرائم خلال الفترة الأخيرة ما بين طرطوس ودمشق وريفها.
والسبت الماضي، وجد رجل في الستين من عمره مقتولاً في مكتبه بدمشق في ساحة عرنوس.
وجاءت سوريا في المركز الثاني في قائمة أخطر الدول في العام الجاري، بحسب تقرير صادر من قبل متخصصين دوليين في المجال الطبي الأمني “International Sos”، عن قائمة أخطر دول العالم في عام 2021، والذي تم نشره أواخر نيسان/ أبريل الماضي.
واعتمد المؤشر الذي شمل 163 دولة حول العالم على عدّة عوامل، منها “الإرهاب السياسي والوفيات النّاجمة عن الصّراعات الداخلية ومعدّل جرائم القتل، إضافة إلى تأثير وباء كورونا.”
“ظاهرة مستفحلة”
وأوعز محامي في دمشق، السبب الحقيقي لحدوث هذه الجرائم في جزء كبير منها للأوضاع المعيشية الصعبة، ولتردي الوضع الاقتصادي بشكل عام، “ما يدفع البعض للسرقة أو الخطف أو القتل.”
وذكر في حديث لنورث برس، “أنَّ ظاهرة القتل استفحلت في معظم المدن السورية دون وجود رادع أخلاقي ولا حتى مجتمعي.”
والعام الفائت، سجلت حماة أكبر عدد الجرائم (100 جريمة)، تلتها السويداء (55 جريمة)، ومن ثم اللاذقية (45 جريمة)، وحلب (35 جريمة)، وفقاً لمصدر من الطبابة الشرعية بدمشق لنورث برس.
فيما سجلت العاصمة (24 جريمة)، مقابل خمسة جرائم في طرطوس، بحسب ذات المصدر.
وأشار إلى أنه رغم كل تلك الجرائم، “فإنه ليس هناك جريمة منظمة في سوريا.”
وفي شباط/ فبراير الفائت، شهدت مدينة دمشق جريمة وصفت بـ”المروعة” كانت ضحيتها عجوز في السبعين من عمرها، تعرضت للقتل ثم الحرق، قبل أن يقوم الجناة بسرقة مصاغها وأموالها.
وفي أيلول/ سبتمبر العام الفائت، أقدم شاب في منطقة ببيلا بريف دمشق، على قتل صديقته واغتصابها مع شخصين آخرين.
وقبلها بعدة أيام، شهدت مدينة طرطوس، حادثة قتل راح ضحيتها ثلاث فتيات ووالدهن، فيما أصيبت والدتهن بعدة رصاصات نُقلِت على إثرها إلى إحدى مشافي طرطوس.
قانون غائب
وأفاد مصدر في وزارة الداخلية، حينها لنورث برس، أن الأب “قام بقتل بناته الثلاثة بواسطة بندقية حربية كانت موضوعة على وضعية (الرش)، بطريقة الرمي المباشر مستهدفاً زوجته كذلك.”
وفي تموز/ يوليو العام الماضي، شهدت بلدة بيت سحم بريف دمشق جريمة قتل راح ضحيتها ثلاثة أطفال مع والدتهم، إذ قام الجناة الذين تم تنفيذ حكم الإعدام بهم لاحقاً، بتقييد ضحاياهم وقتلهم ثم إحراق المنزل.
وبحسب بيانات نشرتها وزارة الداخلية التابعة للحكومة السورية، فقد وقعت خلال شهري حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو العام الماضي 56 جريمة في مناطق سيطرة الحكومة، ما يعادل جريمة واحدة في كلّ يوم.
ورأى محمد الشعار وهو اسم مستعار لأخصائي طب نفسي، أن انتشار الجريمة داخل المجتمع السوري لا يمكن حصره بتردي الوضع الاقتصادي والمعيشي.
وأشار إلى أن غياب القانون والفلتان الأمني وانتشار السلاح بشكل كبير في ظل الحرب التي تعيشها البلاد منذ عام 2011، “هو الدافع الرئيسي لوقوع تلك الجرائم”.
وعلل “الشعار”، ذلك بارتفاع معدل الجريمة خلال السنوات العشر الأخيرة، مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب.