الموقد الطيني بديل عن الغاز في مخيمات إدلب
إدلب – نورث برس
تنشغل نورة الحمدان (31عاماً) وهي نازحة من بلدة سنجار بريف مدينة معرة النعمان جنوبي إدلب، بإشعال الموقد أمام باب خيمتها باستخدام بعض الأكياس والعيدان وسط دخان كثيف، لإعداد طعام الغداء لعائلتها.
وبات الموقد المصنوع من الطين، الخيار الوحيد لدى “الحمدان” التي تسكن في مخيم ببلدة كللي بريف إدلب الشمالي، شمال غربي سوريا، ونازحات أخريات في مخيمات إدلب لطهي الطعام وتسخين مياه الاستحمام، لاسيما بعد غلاء سعر أسطوانة الغاز وعجزهن عن تأمين ثمنها.
ويومياً، ترسل “الحمدان” أولادها لجمع العيدان وأكياس النايلون والكرتون من مكبات النفايات لإشعال الموقد.
وكل عام، تضطر النازحة لصنع موقد جديد “لأن القديم يهترئ بسبب كثرة الاستعمال واعتمادي عليه بشكل كبير”، بحسب قولها.
مخاطر
وقالت “الحمدان” أيضاً، إن انبعاث الدخان الكثيف والروائح الكريهة الناتجة عن عملية الاشتعال يتسبب لها ولأطفالها بضيق التنفس “ولكننا مضطرون للتحمل لأننا لا نملك خياراً آخر.”
وتشهد إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل معارضة ارتفاعاً مستمراً في أسعار المحروقات والغاز وهو ما دفع نازحون في المخيمات وسكاناً للاعتماد على الوسائل البدائية للطهي وتسخين المياه، في ظل تردي الوضع المعيشي.
ومنتصف الشهر الجاري، رفعت شركة “وتد للبترول” التابعة للهيئة والمحتكرة لسوق المحروقات في إدلب، سعر أسطوانة الغاز المنزلية إلى 90 ليرة تركية (31.700 ألف ليرة سورية) بعد أن كانت بـ 88 ليرة تركية.
كما رفعت الشركة سعر ليتر المازوت المستورد نوع أول من 6.03 إلى 6.11 ليرة تركية (ما يعادل 2150 ليرة سورية) والمازوت المستورد نوع ثاني من 4.86 إلى 4.94 ليرة تركية (نحو 1900 ليرة سورية).
وتبرر الشركة، كل ارتفاع جديد في أسعار المشتقات النفطية بانخفاض قيمة الليرة التركية مقابل سعر صرف الدولار الأميركي.
وترتبط أسعار السلع الأساسية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في إدلب، بسعر صرف الليرة التركية التي شهدت تراجعاً كبيراً أمام الدولار الأميركي خلال الآونة الأخيرة.
وسجلت الليرة التركية، الاثنين، في إدلب 8.41 مقابل الدولار الأميركي الواحد، بينما تعادل الليرة التركية الواحدة 352 ليرة سورية، بحسب موقع الليرة اليوم.
وتسبب استخدام المواقد الطينية المنتشرة بين المخيمات بعدة حوادث احتراق للخيم، حيث سجل مخيم الكرامة في بلدة الشيخ بحر شمال إدلب منذ بداية العام الجاري خمسة حرائق، وفقاً لما ذكره إبراهيم الشيخ، مدير المخيم.
ومنذ قرابة شهرين تعرضت امرأة حامل مع طفلها البالغ من العمر ثلاث سنوات، للاحتراق نتيجة إشعال الموقد إلى جانب خيمتها، حيث ساعدت الرياح في وصول النار إلى الخيمة المصنوعة من النايلون.
وأشار “الشيخ” إلى أن المرأة بقيت مع طفلها في المشفى أسبوعين لتلقي العلاج.
مصدر رزق
واتخذت سميحة المعربساوي (44 عاماً) وهي نازحة من ريف سراقب إلى مخيم حزانو شمال إدلب، من صنع المواقد وبيعها مهنة لها ومصدر دخل لعائلتها. خاصة أن “زوجي عاطل عن العمل نتيجة بتر قدمه اليمنى بشظية قذيفة منذ عام 2017.”
وقالت وهي تنهمك بصنع موقد لإحدى جاراتها “كنت في البداية أصنع ما أحتاج إليه غير مستعينة بأي قالب، ثم بدأت أصنع للجيران وكل من يطلب مني، حتى أصبحت مهنتي التي أكسب منها الرزق.”
وتبيع “المعربساوي” كل موقد بعشرة ليرات تركية، حيث تصنع بعضها للطبخ وبعضها الآخر مخصص لصاج الخبز وتكون مطينة بالكامل، لها فتحة أمامية وثقوب على امتداد الدائرة تساعد على تسرب الهواء واشتعال الحطب.
وأشارت النازحة إلى أن تصنيع المواقد لا يكلفها كثيراً، إذ تعتمد على التراب الأبيض والماء والتبن وقليل من الإسمنت.
وأضافت: “يحضر لي أولادي التراب أغربله وأنخله وأبلله بالماء ثم أجبله بالتبن، وأرقّقه على قوالب تعطي الشكل المطلوب، ثم أضعها تحت أشعة الشمس حتى تجف وتكتسب صلابة لتصبح جاهزة للاستخدام.”