المشاتل الزراعية.. مشاريع صغيرة تساعد سكاناً ونازحين في إدلب

إدلب – نورث برس

وجد جمال سرجاوي في المردود الذي يدرُّه عليه المشتل الزراعي الذي أنشأه بعد نزوحه من بلدته “أحسم” في منطقة جبل الزاوية إلى مدينة إدلب عام 2019، ما يسد حاجته.

والعام الفائت، دأب “سرجاوي” بمساعدة زوجته وأبنائه الثلاثة على إنشاء المشتل.

وعقب الأعمال العسكرية التي شهدتها المنطقة منتصف عام 2019، أضحت المشاتل الزراعية من المشاريع الصغيرة التي يلجأ إليها سكان في إدلب، للحصول على فرصة عمل في ظل انتشار البطالة، وحرمان الكثيرين من مصادر رزقهم جراء النزوح.

وبعد عناء، نجح الشاب خالد العلوان (25 عاماً)، النازح من ريف معرة النعمان الشرقي إلى مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، في إيجاد عمل في مشتل زراعي ضمن المدينة.

ويحتاج العمل في المشاتل إلى الكثير من الصبر والعناية، بحسب ما وصف “العلوان”.

ولم يخفِ أن زراعته للشتلات والغراس تمنحه شعوراً بالراحة افتقدها منذ نزوحه عن مدينته.

وقال إنه يبدأ بأعمال الزراعة نهاية فصل الشتاء وبداية فصل الربيع، أما بقية أيام السنة ينشغل بالعناية بها من خلال تعشيبها وسقايتها وتسميدها وتقليمها.

ويتقاضى “العلوان” ما بين 10ليرات و15 ليرة تركية أي ما يعادل وسطياً خمسة آلاف ليرة سورية كأجرة عن عمله اليومي  في المشتل.

أصناف مطلوبةً

ويركز مروان الشيخ عمر (38 عاماً)، وهو صاحب مشتل زراعي في مدينة إدلب، على إنتاج غراس التين والزيتون بشكل خاص نظراً للإقبال عليها من قبل المزارعين، إلى جانب زراعة أشجار الفستق الحلبي والجوز والرمان.

وقال: “اعتمد على طرقتين في زراعة البذور أو العُقل، عبر وضعها في صفائح الحديد أو أكياس النايلون بعد ملئها بالتربة الحمراء والسماد العضوي الذي أقوم بشرائه من مناطق متفرقة .”

ولجأت نسبة كبيرة من المزارعين إلى استبدال أشجار الفواكه التي كانوا يزرعونها سابقاً، بالتين والزيتون بسبب القدرة على تصريف إنتاجها وقلة تكاليفها وعدم حاجتها إلى عناية كبيرة، بحسب “الشيخ عمر”.

وتبدأ بعد الزراعة مرحلة الري المنتظم، من خلال تزويد الغراس بالمياه على فترات معينة.

إلى جانب الأشجار المثمرة والزينة، يقوم “الشيخ عمر” بزراعة شتلات الخضار نهاية فصل الشتاء ضمن بيوت بلاستيكية باعتبارها تحتاج إلى درجة حرارة معينة، ضمن تربة تحوي الغذاء اللازم لنمو النبات.

ويتم ذلك من خلال رص أكياس الشتل قرب بعضها البعض بشكل متناسق، وتغطيتها بسقف بلاستيكي لعزلها عن المناخ الخارجي وحمايتها من العواصف والصقيع، مع استمرار سقايتها بالماء.

ويبيع “الشيخ عمر”، شتلة الزينة بمبلغ 2000 ليرة سورية، فيما يتراوح سعر غرسة الأشجار المثمرة ما بين أربعة آلاف وعشرة آلاف ليرة، ويختلف السعر بحسب الحجم والنوع.

صعوبات وغش

ويواجه أصحاب المشاتل عدداً من الصعوبات خلال عملهم، كضعف الإقبال على شراء أشجار الزينة من الورود والأزهار بسبب ضعف القدرة الشرائية للسكان وخاصة النازحين.

ومن الصعوبات أيضاً، غلاء أسعار الأدوية والأسمدة اللازمة لمكافحة الأمراض، إضافة إلى تأثير عوامل الطقس، وقلة المياه واستخراجها بالمحروقات أو الطاقة الشمسية المكلفة، ما يزيد الأعباء المادية على أصحاب المشاتل والمزارعين على حد سواء.

وشدد أحمد العموري (44 عاماً)، وهو مزارع من بلدة كللي، على أهمية المشاتل في توفير شتلات الخضار اللازمة لأرضه، وإدخال أنواع هجينة من الأشجار لم تكن موجودة سابقاً في إدلب كالموز والنخيل الثمري.

ولكنه اشتكى في الوقت ذاته من تعرضه “للغش أكثر من مرة من قبل أصحاب مشاتل” وذلك خلال شرائه لأنواع من الأشجار على أنها من النوع الممتاز، ليتفاجأ بعد نموها بأن أنواعها سيئة وضعيفة المردود.

وأشار إلى أن ذلك يعرضه كباقي المزارعين لخسارة كبيرة، على اعتبار أن نوعية الشتل لا تعرف إلا بعد وصولها إلى مرحلة الإنتاج، وتكلف الجهد والمال.

إعداد: حلا الشيخ أحمد – تحرير: فنصة تمو