حلب – نورث برس
يطل العيد هذه السنة على محمود الدهان (49 عاماً)، وهو من سكان حي صلاح الدين، دون شراء مستلزمات حلوى العيد، وعدم قدرته على شراء الحلويات الجاهزة.
غلاء الأسعار وضعف القدرة الشرائية لسكان حلب كان سبباً في إلغاء الكثير من العادات الاجتماعية المتعلقة بالتحضير والتجهيز للعيد في الأسبوع الأخير من رمضان، ولاسيما صناعة حلويات ومعجنات منزلية كانت تتم في معظم البيوت الحلبية.
فحلويات الكعك بعجوة والمعمول وكعك العيد بالعصفر وغيرها، تتم صناعتها في أيام رمضان
الأخيرة.
وهذا العام، غابت هذه الحلويات عن معظم المنازل وعزفت عن صناعتها الأسر بسبب الارتفاع الكبير لأسعار أصناف ومحتويات الحلويات المنزلية.
عيد بلا مقومات
يقول “الدهان”، لنورث برس، إن هذا العيد مختلف كلياً عن كل الأعياد التي عايشها سابقاً، “هي المرة الأولى التي لن نقوم فيها بصنع معجنات وحلوى خاصة بالعيد في منزلنا.”
ويضيف: “ربما لن نتمكن من شرائها من الأسواق أيضاً، فالأسعار حرقت فرحة العيد ومنعتنا من شراء ابسط مستلزماته، لاسيما المكونات الخاصة بصناعة المعجنات والحلوى المنزلية.”
وأشار إلى أن “تكلفة الكيلو غرام الواحد من كرابيج الفستق أو الجوز يصل لـ 30 ألفاً، إذا تمت صناعتها في المنزل وهو رقم كبير وغير معتاد لمعجنات منزلية.”
الأمر نفسه، ينطبق على باقي أصناف المعجنات كالغريبة والكعك بعجوة وغيرها، فكل كليوغرام منها يكلف أكثر من 15 الف ليرة، بحسب ما قاله “الدهان.”
وإذا كانت الحلوى المنزلية بهذه التكلفة فكيف لسكان أرهقهم الفقر والعوز أن يصنعوها أو كيف لهم أن يشتروها من المحال التي تبيع بأسعار خيالية، الكثير من عوائل حلب ستحرم من حلوى العيد هذا العام كما هي حال بقية المدن السورية.
عاداتٌ تختفي
أم أديب الصابوني (58 عاماً)، هي مدرسة متقاعدة وربة منزل من حي حلب الجديدة، تقول لنورث برس إنه “بآخر أسبوع من رمضان جرت العادة في حلب أن يجتمع الأقرباء خاصة النسوة في أحد المنازل للتشارك في صناعة معجنات وحلوى العيد.”
وتضيف: “فالكعك بالعصفر والأقراص بعجوة وكرابيج بالفستق أو الجوز وحتى الغريبة أصناف حلويات كنا نتفنن في صناعتها وننافس بعضنا كبيوت في جودتها ولذتها.”
أما هذا العام، لم تتمكن “أم أديب” من تحضير المعجنات كما اعتادت سابقاً، فالأسعار مرعبة وغير مقبولة حتى لأصحاب الدخل المتوسط.
ويبلغ ثمن كيلو السمنة النباتي المهدرج سبعة آلاف ليرة وليتر الزبت يباع بتسعة آلاف، ووصل سعر الجوز لأكثر من 15 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد والفستق بـ40 ألف ليرة، وغيرها من المواد والمنكهات والمواد التي كنا نستخدمها.
“وبات تأمين مستلزمات الحلويات المنزلية الخاصة بالعيد يحتاج لمبالغ كبيرة نعجز عنها، هذا عدا عن صعوبة تأمين جرة غاز من السوق الحرة”، بحسب “أم أديب.”
وستعتمد “أم أديب” ، هذا العيد، على أصناف جاهزة من الحلويات ذات نوعية متوسطة حتى تكون مقبولة السعر.
أسعار فلكية
الضائقة الاقتصادية وغلاء الأسعار الفاحش سيتيح للبعض من سكان حلب شراء مستلزمات العيد لاسيما الحلويات سواءً من خلال تصنيعها منزلياً أو شرائها من المحال.
ولكن هناك عوائل كثيرة ستحرم من وضع هذه الحلويات على موائد الضيافة في منازلها بسبب الأسعار المرتفعة.
عبد الكريم الحموي (46 عاماً)، من سكان حي الأكرمية في حلب، وهو موظف في مديرية البريد يقول، لنورث برس، إن مبلغ 55 ألف ليرة الذي أتقاضاه كراتب شهري لا يكفي لشراء كيلو غرام واحد من الحلويات.
وأصبحت الأسعار في محال الحلويات وصناعة المعجنات فلكية وصادمة، فكيلو غرام واحد من المبرومة يباع بـ 65 ألف ليرة وكيلو بلورية 51 ألف ليرة وحتى الأصناف العادية من الحلويات التي لم تعد على قائمة مشتريات العيد، كما يقول “الحموي.”
وارتفعت أسعار الحلويات العادية بشكل كبير، فسوار الست تباع 18 الف ليرة، وبهذه المبالغ التي نتقاضها من الحكومة نحن عاجزين عن شراء حلويات جاهزة وعاجزين أيضاً عن شراء مستلزمات صناعة الحلويات المنزلية.
وأضاف “الحموي”: “هذا العيد لن يمر بحلته المعتادة على بيوت أصحاب الدخل المحدود.”