وأدها الجفاف.. حقول في الجزيرة مرعى لماشية قد تلعق ترابها

ديرك – نورث برس

من بين ثلاثة عشر هكتاراً من الأرض المزروعة بالقمح، باع رضوان عثمان وهو مزارع في قرية طبكة بريف ديرك، أقصى شمال شرقي سوريا، سبعة هكتارات ونصف لمربي الماشية بـ350 ألف ليرة سورية، بسبب الشح الشديد للأمطار وانهيار الموسم.

وينوي المزارع الذي تكبد هو وأخوته الثلاثة نحو مليون ونصف المليون ليرة سورية في زراعة الأرض، بيع المساحة المتبقية أيضاً.

وهذا العام، شهدت كافة مناطق شمال شرقي سوريا انخفاضاً في الهطولات المطرية مقارنة مع الأعوام السابقة، حيث قدرت كميتها في منطقة ديرك بـ300  ملم، بينما بلغت العام الماضي 500 ملم، بحسب مهندسين زراعيين.

ويقدر مهندسون ومزارعون انخفاض إنتاج محصول القمح في منطقة ديرك إلى 80 بالمئة هذا العام، والذي يحتل المرتبة الأولى من حيث المساحات المزروعة والتي بلغت 350 ألف دونم.

لكن صلاح حمزة، الرئيس المشارك لمؤسسة الزراعة والثروة الحيوانية في المدينة، توقع انخفاض الإنتاج لأكثر من 80 بالمئة في منطقة الكوجرات وإلى 40 بالمئة في المناطق المحاذية لنهر دجلة “إذا لم تتحسن الهطولات في وقت قريب.”

ماذا يعني انهيار الموسم؟

انهيار الموسم في منطقة تعتبر الزراعة فيها أحد أهم مصادر وركائز الاقتصاد، يعني أن الضرر سيشمل قطاعات أخرى، مثل الثروة الحيوانية وحاجتها للأعلاف، كما أن تأمين حاجة المزارعين للبذار للموسم القادم ربما يجعل الإدارة الذاتية أمام تحديات جدية.

ومن الآن يطالب المزارع رضوان عثمان، الإدارة الذاتية بتأمين البذار للموسم القادم، خاصة أنه وآلاف المزارعين مثله سيخرجون من الموسم خاليي الوفاض.

ولا يختلف حال أحمد سعيد (65 عاماً)، وهو مزارع من قرية بستاسوس بريف ديرك عن سابقه، إذ حول هو الآخر حقوله إلى مراعي.

وزرع “سعيد” أرضه التي تبلع مساحتها سبعة هكتارات بالكزبرة وتكلّف ثمن البذار ورش الأسمدة والحراثة “لكن بدون محصول.”

في مقابل هؤلاء يحاول مربو الماشية شراء الحقول التي أتى عليها الجفاف لرعي أغنامهم فيها عوض تكبد تكاليف شراء الأعلاف في ظل ارتفاع أسعارها.

ووصل سعر الكيلوغرام الواحد من الشعير إلى 1200 ليرة سورية، بينما يباع الكيلوغرام الواحد من النخالة بألف ليرة.

وقال محمد قاسم، ويملك نحو 300 رأس غنم في قرية بستاسوس بريف ديرك، إنه لم يعد باستطاعته تربيتها بعد تضرر المحاصيل التي كان يبيع إنتاجها ويحول بقاياها إلى مادة التبن العلفية.

ويخشى مربون من انخفاض عدد رؤوس مواشيهم، وسط انخفاض أسعارها وحالة الركود التي تجتاح الأسواق المحلية، إذ إنهم يضطرون لبيع عدد منها لتأمين ثمن الأعلاف وشراء حقول تالفة.

تأخر في توزيع الأعلاف

وفي السادس من كانون الثاني/يناير الفائت، قرر المجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بالتنسيق مع هيئة الاقتصاد وشركة تطوير المجتمع الزراعي، تخفيض سعر النخالة العلفية من 430 ليرة إلى 300 ليرة سورية.

ونص القرار على إجراء احصاء للثروة الحيوانية في المنطقة على أن يتم توزيع النخالة من المطاحن على المربين عن طريق لجنة مؤلفة من اتحاد الفلاحين وهيئات ولجان الزراعة ومندوبين من مجالس البلديات.

وفي تصريح سابق لنورث برس، قال الرئيس المشارك لمؤسسة الزراعة والثروة الحيوانية في ديرك، إنهم لا يملكون الشعير في المستودعات ولم يتم توزيع أيّ كمية من الأعلاف لمربي الماشية حتى الآن.

وأشار حينها إلى أنهم سيبدؤون خلال “الأيام القليلة القادمة” بتوزيع مادة النخالة على مربي الماشية، وذلك بمقدار عشرين كيلوغرام لكل رأس من الغنم والماعز، و50 كغ للأبقار والجواميس والخيول والجمال.

لكن “قاسم” يقول إنهم سجلوا أسماءهم في المؤسسة أكثر من مرة للحصول على العلف دون جدوى، “لم نحصل عليه حتى الآن.”

 إعداد: سولنار محمد – تحرير: سوزدار محمد