سكان جوبر بدمشق يترقبون المخطط التنظيمي على أمل السماح لهم بالعودة
دمشق ـ نورث برس
حجم الدمار في حي جوبر الدمشقي والممتد على طول النظر، جعل عائشة بكري (42 عاماً) تذرف الدموع لحظة صعودها لأول مرة إلى سطح منزلها الجديد في حي الكباس ورؤيتها لمنزلها القديم رغم بعد المسافة.
وأخذت “بكري” وهو اسم مستعار لموظفة في القطاع العام، تتخيل كيف كان منزلها الذي لم تطأه قدماها منذ العام 2012، “وقد سوي بالأرض مثل باقي المنازل التي أراها في بداية الحي.”
ونزحت “بكري” من حي جوبر منتصف عام 2012 بسبب الحرب وتقيم منذ ذلك الحين في حي الكباس شرق العاصمة.
عيشٌ على الأمل أسهل
واضطرت مع عائلتها للتنقل من حي إلى آخر ومن منزل لآخر على مدى السنوات التسعة الماضية بحثاً عن سقف يؤويهم.
وحاول زوج “بكري” العودة لمعاينة المنزل بعد التسوية التي حدثت في العام 2018 لكن دون جدوى، حيث يمنع دخول المدنيين إلى الحي.
وقالت: “بعد أن شاهدت منظر الحي المدمر قلت في نفسي لعله من الجيد أنه لم يسمح لزوجي بالدخول، كان من الممكن أن يتعرض لسكتة قلبية لو رأى شقى عمرنا مدمراً، والعيش على الأمل أسهل.”
وحي جوبر من أكثر الأحياء المدمرة، حيث تعرض للقصف العنيف وسياسة الأرض المحروقة التي انتهجتها قوات الحكومة بسبب قربه من دمشق وفشل محاولاتها المتكررة باقتحامه.
وما جعل تهيئة الحي من قبل الحكومة أمراً معقداً ومكلفاً، هو وجود شبكات كبيرة من الأنفاق التي قامت بحفرها قوات كل من الحكومة والمعارضة خلال المعارك الطاحنة.
ورغم إعلان محافظة دمشق مراراً عن قرب صدور المخطط التنظيمي للحي، لكن ذلك “لا يبدو قريباً”.
ولم يلامس التأهيل الذي أعلنت عنه الحكومة سوى طريق العباسيين – زملكا، الذي يمر من جوبر وهو مخصص فقط للسيارات الصغيرة والسرافيس فقط.
حلم لم يتحقق بعد
ويحلم جمال درويش (60 عاماً) وهو نازح من حي جوبر، ويقيم في بلدة السبينة، بالعودة منذ اللحظة التي نزح فيها وعائلته من الحي، “انقضت تسع سنوات ولم يتحقق الحلم بعد.”
واعتقد أنه مع التسوية التي حدثت سيتمكن من العودة، لكن ظنونه خابت ولم يسمح له حتى بالدخول ومعاينة المنزل رغم محاولاته الكثيرة.
واضطر “درويش” للعيش في الإيجار طول مدة النزوح، وتغيرت الظروف لدرجةٍ بات يجد فيها صعوبة في الدفع.
وأشار إلى أنه يتلقى عروضاً مستمرة من أشخاص لشراء المنزل على حاله المدمرة كباقي الحي غالباً، إلا أنه مازال يرفض جميع العروض.
وأعرب عن اعتقاده بأن المخطط التنظيمي لم يصدر حتى يتهيأ لهؤلاء الأشخاص تحصيل وشراء المنازل من أصحابها بسعر متدن، فمع صدور المخطط سترتفع قيمة العقارات.
وبلغت القيمة التقديرية لإعادة الإعمار للمناطق المدمرة في سوريا نتيجة الحرب إلى 250-400 مليار دولار في بداية العام 2019، بحسب خبراء اقتصاديين.
واتخذ مجلس محافظة دمشق قراراً بإخضاع حي جوبر للقانون رقم 23 الصادر عام 2015. والذي ينص على تخطيط وتنظيم وعمران المدن التي تعرضت لكوارث طبيعية، والمناطق التي تعرضت لدمار بفعل الحرب وأمور غير طبيعية، إضافة للمناطق التي تُصنفها الهيئات الإدارية كـ“صالحة للتنظيم”.
حاجة مستغلة لانعدام الأمل
وقال ياسر الحسن (55 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح آخر من حي جوبر، ويعمل متعهد بناء، إنه دفع العديد من الرشاوى في محاولة لتأمين الدخول للحي ومعاينة العديد من العقارات التي يملكها ولكن دون فائدة.
وذكر لنورث برس أنه يتلقى عروضاً عديدة من أشخاص لشراء العقارات التي يملكها في الحي قبل صدور المخطط التنظيمي.
ولكن معظم أصحاب العروض هم “واجهات وسماسرة لشركات كبيرة تحاول الحصول على أكبر قدر من العقارات في الحي لتستغل التنظيم الذي سيحدث له، وارتفاع قيمة العقارات فيه”، بحسب “الحسن”.
وأشار إلى أن هذه الشركات عبر سماسرتها “يستغلون حاجة سكان الحي وشدة الدمار الذي فيه، وانعدام الأمل لشراء العقارات بأسعار متدنية لا تساوي شيئاً من قيمتها الحقيقية.”