دعاوى قضائية خاسرة في مناطق حكومة دمشق لسيارات مسروقة من شمال وشرقي سوريا

دمشق – نورث برس

لم يخطر لهيثم الجاسم (43عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة الرقة ومقيم حالياً في دمشق، أن مركبته التي سرقت في 2014 في الرقة ستُلتقى في العاصمة.

ومنذ نحو تسعة أشهر، تلقّى “الجاسم” اتصالاً هاتفياً من أحد جيرانه ممن كانوا يقيمون بجواره في مدينة الرقة أنه لمح خلال عمله على ميكروباص في دمشق سيارة تحمل لوحة سيارته المسروقة في الرقة.

لم يأخذ “الجاسم” كلام جاره على محمل الجد في بادئ الأمر، إلا أن إصرار الأخير دفعه للذهاب إلى المواصلات والاستفسار ليتفاجأ بأن سيارته قد بيعت وتناوب عدة أشخاص شراءها.

وتشهد محاكم دمشق دعاوى عدة لسيارات مسروقة من مناطق شمال وشرقي سوريا ووجدت مؤخراً في مناطق السيطرة الحكومية.

ورغم أن أصحاب السيارات الحقيقيين قدموا بلاغات لسرقة سياراتهم إلا أن احتمالات استعادة سياراتهم ” ضئيلة”، وفق قولهم.

نقل الملكية

وقال “الجاسم” إن السارق قام بنقل ملكية السيارة لنفسه عبر قرار محكمة حصل عليه في محافظة الحسكة ثم قام ببيعها لشخص آخر وهذا الشخص باعها بدوره للشخص الذي يملك السيارة الآن.

لمتابعة جميع الأخبار… حمل تطبيق
نورث برس من متجر سوق بلاي

ورفع “الجاسم” دعوى قضائية لدى المحاكم في دمشق لكن آماله باستعادة سيارتها “قليلة” لأن الشاري الأخير قد اشتراها “بشكل قانوني”، بحسب ما نقله عن القاضي المشرف على القضية.

وتعج صفحات وسائل التواصل الاجتماعي بمنشورات لبيع السيارات النظامية المسجلة لدى الحكومة، لكن العارض ليس صاحب السيارة الأساسي بل من سماسرة لا يملكون سوى كشف اطلاع لتلك السيارات وصور هويات أصحابها حصلوا عليه بعد دفع رشاوى لموظفي المواصلات.

ويقوم بعض تجار السيارات المرتبطين بشبكة من المحامين في مناطق حكومة دمشق بنقل ملكية السيارات المسروقة عبر الحصول على قرار محكمة لفراغ السيارة لقاء رشاوى تصل لمئات الآلاف وفقاً لنوع السيارة وثمنها، بحسب  ما أفاد مصدر في القصر العدلي بدمشق لنورث برس.

ووفقاً للمصدر ذاته، فإنه وبعد نقل الملكية يقوم هؤلاء التجار بإرسالها إلى المناطق الحكومية عبر دفع مبلغ مالي لمعبري التايهة والطبقة الفاصلين بين مناطق الإدارة الذاتية وحكومة دمشق.

“لم يخالف القانون”

ولا تختلف قصة سعيد الباشا (49عاماً)، وهو اسم مستعار لضحية أخرى تعرض للسرقة، إذ سُرقتْ سيارته عام 2014 في مدينة تل أبيض التي نزح منها أثناء سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عليها.

وقدّم “الباشا”، فور وصوله مع عائلته إلى دمشق، بلاغاً للشرطة ادعى فيه أن سيارته سرقت في دمشق كي يتم قبول البلاغ من الشرطة.

وبعد التحري ووضع نشرة على السيارة وجدتْ سيارة “الباشا” في مدينة حماة، وسط سوريا، لدى أحد الأشخاص، “وحين تم استدعاؤه تبين أنه اشتراها من مكتب لبيع السيارات في المدينة”، وفقاً لما ذكره “الباشا”.

وأضاف:” بعد استدعاء صاحب المكتب تبين أنه قد تم شرائها من مكتب في مدينة منبج بريف حلب حيث قام السارق بنقل ملكيتها لنفسه في محافظة حلب من خلال عقد بيع مزور وحكم محكمة ثم بيعها للمكتب المذكور.”

ولعلّ الطامة الكبرى، بحسب “الباشا”، هي أن سياراتهم المسروقة لا يمكن استعادتها في القضاء، إذ بعد أشهر من الأخذ والرد، قام القاضي بمنح صاحب السيارة الجديد كف البحث كونه قد قام بشراء السيارة بـ”طرق قانونية”.

وقال: “قرر القاضي منح كف البحث لصاحب السيارة الجديد وأصبحت أنا الضحية مرة أخرى، فقد أقر القاضي أن مشكلتنا مع السارق وليس الشاري وبالتالي فالشاري لم يخالف القانون.”

قضاء لا يحاسب

وقالت ناديا عوض (39عاماً)، وهو اسم مستعار لمحامية تقيم في دمشق، إن القضاء في حالة سرقة السيارة لا يمكنه محاسبة الشاري واسترجاع السيارة منه لصالح صاحبها القديم لأن “القانون ينظر إلى الثاني على أنه لم يخالف القانون.”

وذكرت أنه في هكذا حالات ينظر في طرق كيفية فراغ السيارة المسروقة ونقل ملكيتها للآخرين.

 “فإن كان هناك مخالفة من القاضي الذي منح السارق حكم المحكمة فيحاسب، إضافة إلى أن جميع المتورطين بنقل الملكية سيحاسبون من الشهود والموظفين وغيرهم.”

ولم تخفِ المحامية من أن هناك “الكثير” من حالات السيارات المسروقة يتم فراغها عبر حكم محكمة يحصل عليه التجار عبر دفع “رشاوى للمحامين والقضاة.”

وأضافت: “نرى الكثير من هكذا حالات سواء بالنسبة لفراغ السيارات أو بالنسبة لفراغ المنازل والعقارات حيث يقوم بعض ضعاف النفوس بتزوير وكالات وعقود شراء لنقل الملكية في القضاء والكثير ينجح في ذلك”.

إعداد: وحيد العطار- تحرير: سوزدار محمد