أفرع أمنية ترفض تجديد الموافقات للمستأجرين في بعض مناطق ريف دمشق

دمشق ـ نورث برس

جاء الرد على طلب الموافقة الأمنية التي قدمها ماهر المحمد (41 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من بلدة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، لتجديد عقد إيجار المنزل الذي يستأجره في بلدة صحنايا، مع الرفض.

وقال “المحمد” الذي يعمل كميكانيكي في منطقة حوش بلاس جنوب دمشق لنورث برس إن العديد من أقربائه ومعارفه ممن نزحوا من بلدة خان شيخون قد رُفِض منحهم موافقات أمنية للإقامة في بلدة صحنايا وغيرها من بلدات الريف الدمشقي.

ودفعت الحرب السورية الممتدة على ١٠ سنوات الكثير من السكان إلى النزوح من بيوتههم ومناطقهم إلى مناطق أخرى بحثاً عن الأمن.

ومنذ العام ٢٠١٤ فرضت حكومة دمشق على النازحين وكل من غيّر مسكنه، الحصول على موافقة أمنية للاستئجار في أي منطقة أخرى اضطر للنزوح لها.

وشهدت الفترة الماضية رفض الأفرع الأمنية المسؤولة عن تقديم الموافقات للمستأجرين، تجديد موافقاتهم في العديد من مناطق ريف دمشق.

“إعادة بالغصب”

وعند مراجعته لقسم الأمن السياسي لمعرفة نتيجة الدراسة التي أجراها القسم، وكانت النتيجة مع عدم الموافقة، قال العنصر لـ”المحمد”، إنه “لا داعي للاستئجار بعد الآن فالأمان عاد إلى بلدته وأن عليه العودة إليها.”

واضطر لدفع مبلغ من المال كرشوة لأحد العناصر عن طريق صاحب المكتب العقاري في سبيل تجديد الموافقة، وتم ذلك.

وتضغط حكومة دمشق على النازحين للعودة إلى مناطقهم، وذلك من خلال رفض تجديد الموافقات الأمنية للإقامة، في محاولة لإظهار قدرتها على التعافي من آثار الحرب، ورغم افتقار هذه المناطق لأدنى مقومات الحياة.

قال طالب علي (٥١ عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب مكتب عقاري في بلدة صحنايا جنوب دمشق، لنورث برس، إن “عدداً من شخصيات البلدة الاعتبارية يضغطون على الجهات الرسمية لإيقاف تجديد موافقات النازحين.

وذكر أن البلدة تشهد نوعاً من العنصرية يتهم من خلالها بعض السكان المحليين، النازحين بأنهم السبب في تردي الأوضاع الخدمية في البلدة.

“حلول مكلفة”

يلجأ سكان إلى طرق مكلفة مادياً وأحياناً خطيرة ليتسنى لهم الحصول على مسكن في بلدات ريف دمشق تحت ضغط الحكومة لإعادتهم إلى مناطقهم المدمرة.

واضطر عايد مصطفى (٣٦ عاماً) وهو اسم مستعار لموظف في القطاع الخاص يقيم في بلدة جرمانا، ونازح من مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور، لدفع مبلغ من المال كرشوى لأحد السماسرة للحصول على موافقة أمنية بعد رفض سابق.

وقال لنورث برس إنها ليست المرة الأولى التي يرفض فيها تجديد الموافقات لأبناء محافظة دير الزور، فعند فك الحصار عن المدينة عام ٢٠١٧ تم الضغط على الكثير منهم لإعادتهم.

وأضاف: “في البداية أعادوا الموظفين الحكوميين تحت تهديد خسارة وظائفهم، واليوم يحاولون إعادة الباقيين بحجة أن المحافظة آمنة والخدمات متوفرة.”

ولا يستطيع “مصطفى” العودة بعد أن تعرض منزله في دير الزور للتدمير نتيجة القصف، ولا يستطيع الآن إصلاحه في ظل هذا الوضع المتردي، إضافة لاستقراره في عمل جيد الآن.

“مخاطر اضطرارية”

وحصة أحمد صافي (٤٢ عاماً) وهو اسم مستعار لنازح من بلدة زملكا في الغوطة الشرقية، يقيم في بلدة ببيلا جنوب دمشق، يعمل بائع خضار، من الرفض كان مضاعفة، إذ تلقى الرفض على طلب الموافقة الأمنية لاستئجار المنزل والدكان الذي يعمل به.

وذكر لنورث برس أنه اضطر لإعادة إجراء عقود الأجار وتقديم طلبات الحصول على الموافقة باسم قريبه الذي يعد من أبناء البلدة الأصليين ليتسنى له السكن والعمل في البلدة.

وأضاف أن الموضوع خطير بعض الشيء، فقد يُكتشف الأمر أثناء إحدى الحملات الأمنية التي تجري عادةً ما قد يعرضه لمشكلة كبيرة، “لكن لا خيار آخر لديه الآن” بحسب قوله.

وأشار “صافي” إلى استحالة العودة لزملكا الآن “بعد أن تعرض منزله للسرقة بالكامل عند دخول قوات الحكومة للمنطقة.”

تهجير مرتين

همام عيسى (٤٣ عاماً) وهو اسم مستعار لنازح من بلدة داريا، ويقيم في بلدة جديدة عرطوز، ويعمل كمحاسب في القطاع الخاص، تعرض وعائلته للتهجير مرة أثناء خروجهم من بلدة داريا في العام ٢٠١٢، وأخرى عند انتهاء عقد أجار منزلهم السابق في بلدة جديدة عرطوز.

واضطروا للتنقل بين مجموعة من منازل أقربائهم والفنادق في دمشق بسبب الرفض المتكرر لمنحهم موافقة أمنية للإقامة في بلدات الريف.

وقال لنورث برس إنهم اضطروا في نهاية الأمر “للإقامة دون الحصول على موافقة بعد أن قبل صاحب المنزل ذلك رأفة في حالهم.”

وأشار “عيسى” إلى إمكانية تعرضهم للمسألة والتوقيف هو وصاحب المنزل نتيجة السماح لهم بالإقامة دون عقد أجار رسمي وموافقة أمنية في حال اكتشاف الأمر.

وأضاف: “تحاول الحكومة تحسين صورتها بملف إعادة النازحين على حساب معاناتنا، كيف يمكن أن نعود ومنازلنا مدمرة والمنطقة تفتقر لكل الخدمات الأساسية؟.”

إعداد: رغد العيسى – تحرير: معاذ المحمد