سكان بلدة في ريف دمشق يتخوفون من القصف الإسرائيل المتكرر للمنطقة
دمشق – نورث برس
“خوفنا الأكبر يكمن من سقوط الصواريخ التي تنطلق من النقاط العسكرية الموجودة في المنطقة، والتي لا تنفجر أحياناً وتسقط بالقرب من المناطق السكنية.” هكذا تصف هدية طرابلسي (٤١ عاماً) وهو اسم مستعار لطبيبة نسائية في بلدة الكسوة، لنورث برس، حالتهم مع الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
وأضافت أن تخوفهم من القصف المتكرر دفعهم لنقل مكان سكنهم من الطابق الأخير في البناء، إلى القبو الذي يعد أكثر أماناً.
وفي السنوات الأخيرة، ازدادت وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا قد ازدادت لتتجسد حالة كون البلاد ساحة للصراعات الإقليمية والدولية في المنطقة.
وتعتبر ناحية الكسوة من أكثر المناطق التي استهدفت في السنوات الأخيرة، وتقع على بعد 18 كم جنوب دمشق، وتكتسب أهمية خاصة بسبب موقعها على طريق درعا-دمشق، ووجود محطة (دير علي) الحرارية لتوليد الطاقة الكهربائية في بلدة دير علي التابعة لها إدارياً.
وذكرت أنه تم تسجيل العديد من حالات تضرر المنازل، وحتى الوفاة، نتيجة سقوط هذه القذائف في المناطق المدنية المأهولة.
ومنذ سنتين، اضطرت “طرابلسي” لأخذ ابنتها لمراجعة طبيب نفسي، بعد تعرضها لصدمة من شدة أصوات القصف، حسب قولها.
رعب متكرر
تقول عائشة العويدات (38 عاماً) وهو اسم مستعار لإحدى سكان بلدة الكسوة، متزوجة، لنورث برس، إنها أقنعت زوجها بضرورة الانتقال من البلدة بعد سقوط صاروخ لم ينفجر في فناء منزلهم الخلفي.
وذكرت أنه من حسن حظهم هي وعائلتها أن “الصاروخ لم ينفجر”، وإلا لكانت هي وباقي أفراد العائلة قد لقوا حتفهم، وفق قولها.
وأضافت: “فضلت خيار الانتقال والاستئجار في منطقة أخرى، على أن أعيش مع عائلتي وأطفالي الصغار الرعب الناتج عن القصف المتكرر على البلدة.”
وتعتبر الكسوة بوابة الدفاع عن دمشق من الجنوب، وذات أهمية عسكرية وأمنية، وذلك لاتصالها ببلدات ريف دمشق الغربي، وينتشر فيها اللواء 91 التابع للفرقة الأولى المدرعة.
ويوجد في الناحية جبل المانع، الذي تنتشر فيه العديد من بطاريات الدفاع الجوي.
عدم مبالاة
وقال زاهر العبد الله (42 عاماُ) وهو اسم مستعار لأحد أبناء بلدة الكسوة ويعمل في الزراعة، متزوج وله أربعة أولاد، لنورث برس، إن ردة فعلهم تغيرت مع تكرار حادثة القصف من الخوف والهلع إلى عدم المبالاة.
وذكر أنه في آخر مرة تعرضت فيها البلدة للقصف، أثناء تصدي صاروخ من المضادات الجوية لصاروخ إسرائيلي، وانفجارهما في السماء، أضيئت السماء وتحول الليل إلى نهار فجأة، لم يهرع الأولاد من الأمر، على عكس المرات الأولى التي كان مجرد سماع الصوت يكفي لإثارة الرعب بينهم.
وأضاف: “لم أقتنع بضرورة الانتقال من البلدة، وهو ليس خياراً ممكناً بالنسبة لي.”
وأشار إلى أن “عدم قدرته على تحمل تكاليف الآجار، وعدم قدرته على التخلي عن زراعة أرضه”، فهي مصدر رزقه الوحيد بحسب قوله.
حال متغير
وتنتشر إلى جانب القوات الحكومية فصائل تابعة لإيران، وأخرى تابعة لحزب الله اللبناني، نظراً لحساسية المنطقة وقربها من خطوط الاشتباك المحتملة مع إسرائيل.
وقال الحج عمار أبو مصطفى (78 عاماً) وهو اسم مستعار لمعلم متقاعد من بلدة الكسوة، لنورث برس، إنه لم يظن أن حياته ستستمر ليرى الاعتداءات الإسرائيلية مرة أخرى.
وذكر أن خبر القصف الإسرائيلي للمرة الأولى كان أثناء مشاركته في حرب 1967، والمرة الأخرى في حرب تشرين الثاني/أكتوبر 1973، “لكن في هذه المرة الوضع مختلف” حسب قوله.
وأضاف: “في السابق كان الأمر واضحاً، فأنا أقاتل المحتل، أما اليوم الوضع تغير، فهذا محتل يقصف محتلاً آخر على أرضنا، وما من متضرر غيرنا في كل هذا الأمر.”