لتحصيل الأموال.. حواجز حكومية تضيق الخناق على سكان أحياء في حلب
حلب ـ نورث برس
يتعرض عبدالله عبدو (45 عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب محليين لبيع الألبسة الجاهزة، في حي الفرقان بحلب شمالي سوريا، لتدقيق شديد من قبل الحواجز الحكومية لحظة دخوله وخروجه من الحي علّهم يجدون مبالغ مالية تبرر اعتقاله ومصادرة المبلغ.
واتهم سكان من مدينة حلب الحواجز الحكومية المتوزعة على تخوم حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب بالتضيق عليهم بهدف تحصيل مبالغ مالية منهم من دون وجه حق.
ويفصل أحياء الشيخ مقصود شرقي وغربي والأشرفية، التي تديرها إدارة مدنية مقربة من الإدارة الذاتية، عن الأحياء الأخرى من حلب الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية ثلاثة حواجز للقوات الحكومية وهي حاجز العوارض ومغسلة الجزيرة والأشرفية.
ومنذ نيسان/ أبريل 2019، تخضع أحياء الشيخ مقصود والأشرفية لإدارة مدنية مقربة من الإدارة الذاتية، ضمن نظام مؤسساتي مستقل عن مؤسسات الحكومة السورية في المدينة.
تدقيق مُبالغ فيه
وقال “عبدو” لنورث برس: “سبب التدقيق المبالغ من عناصر الحاجز هو معرفتهم المسبقة بعمله في مجال الألبسة الجاهزة، عسى يعثرون على مبلغ مالي يزيد عن مليون ليرة سورية لاعتقاله ومصادرة المبلغ.”
وبحكم امتلاكه لمحلين وموزع للألبسة يضطر “عبدو” لحمل أكثر من مليون ليرة عند شراءه للألبسة.
وفي تموز/ يوليو 2020، أصدرت هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تعميماً حمل الرقم (780/18ص) إلى جميع المؤسسات المالية العاملة في مناطق سيطرة الحكومة السورية منع الأشخاص من نقل المبالغ المالية التي تتجاوز 5 ملايين ليرة سورية بين المحافظات السورية.
وتعميم منع نقل الأموال هو لمنع نقلها بين المحافظات السورية، “لكن الحواجز الحكومية تتصرف وكأنَّ أحياء الشيخ مقصود والأشرفية محافظة بذاتها مستقلة عن حلب، علاوة عن تخفيضهم للمبلغ المسموح به إلى أقل من مليون ليرة.”
ولكن “عبدو” كي ينقذ نفسه من الاعتقال بموجب القرار الذي سماه “بالاحتيالي” يضطر لاصطحاب عاملين معه يمرر من خلالهم الأموال إلى حي الشيخ مقصود بحيث يحمل كل شخص منهم مبلغاً لا يزيد عن 800 ألف.
وقال: “ليس هناك أي قرار حكومي يمنع حمل أكثر من مليون ليرة ضمن المحافظة الواحدة ومع ذلك يقوم الحاجز باعتقال كل من يحمل هذا المبلغ ومصادرته أو يستولي على المبلغ لقاء إطلاق سراحه وعدم اعتقاله.”
وتساءل “عبدو” عن كيفية قدرته على إكمال عمله بسلاسة وهو على أبواب عيد الفطر المبارك وبداية موسم الصيف وخاصة أنه مضطر لشراء البضاعة من أحياء الشيخ مقصود والأشرفية حصراً باعتبارها مركزاً لورشات الخياطة في حلب.
حجج واهية
وقال نجدت الشامي وهو اسم مستعار لصاحب محل ألبسة مستعملة “بالة” وتحف تراثية قديمة في حي الجميلية، إن “الحواجز تقوم بتشليح السكان بطريقة تعتبرها قانونية.”
وأضاف “الشامي”: “لقد سلبوا مني مبلغ مليون ليرة سورية بحجة حملي مبلغاً أكثر من المقبول وإلاَّ كان سيتم تحويلي إلى الفرع ومنه إلى القضاء.”
وتوصل “الشامي” مع عناصر الحاجز إلى تسوية حيث أرضاهم بمليون ليرة لقاء عدم اعتقاله ومصادرة المبلغ الكامل الذي يحمله.
ويسمح للتجار الذي يحملون سجلاً تجارياً أو صناعياً بحمل مبلغ 2 مليون ليرة دون أي مسائلة قانونية من قبل الحواجز الأمنية.
وصرح مصدر أمني لنورث برس رفض ذكر اسمه، حول آلية اعتقال الشخص، أن “الذي يعتقل ومعه مبلغ أكثر من مليون يتم سوقه إلى الفرع الذي اعتقله ويبقى هناك لمدة خمسة عشر يوماً ثم يعرض على المحقق.”
ويتم خلال التحقيق سؤال الشخص من سكنه خلال الحرب وسفر أقربائه، ومستوى دخله الشهري ومصدر الحوالات المالية التي تصله والأعمال التي قام بها، بحسب المصدر.
كما يتم التركيز على مصدر الأموال وهل هو من أصحاب تمويل الإرهاب أو مصدر هذه الأموال مشبوه أو خارجية أو استلمها من خلال مكاتب الصرافة بأحياء الشيخ مقصود والأشرفية.
وفي النهاية بحسب المصدر الأمني، يتم إغلاق الضبط وتحويل الموقوف إلى النيابة العامة مع الضبط والاعترافات التي أدلى بها المعتقل ليتم تقديمه إلى المحكمة الاقتصادية في حال كانت التهم ثابتة عليه.
والتهمة التي يتم توجيهها إلى المعتقلين من الذين يحملون مبالغ مالية كبيرة، بحسب المصدر الأمني، هي “حيازة أموال مجهولة المصدر عبر مكاتب حوالات غير رسمية وأحياناً تهمة تمويل الإرهاب.”