سيناريو خسائر إنتاج الفروج يتكرر مع البندورة البلاستيكية وينذر بتوقف إنتاجها الموسم القادم

دمشق ـ نورث برس

خسائر كبيرة يتعرض لها منتجو البندورة البلاستيكية تهدد بالتوقف عن الزراعة في العام القادم، لأنهم يحتاجون إلى عامين كحد أدنى لترميمها.

وفي الحديث عن التكاليف يقول منتجون لنورث برس، إن كلفة كيلو البندورة لا يقل عن 800 ليرة، بينما تسعيرة مبيع أفضل كيلو في سوق الهال لم تتجاوز 300 -400 ليرة. وهذا يعني أن خسارة كل كيلو بندورة تصل إلى نصف تكلفته.

خسائر كارثية

قال يوسف داؤود (51 عاماً) وهو مزارع ولديه ثلاثة بيوت بلاستيكية في الساحل السوري، إنه باع كيلو البندورة بسعر 300 ليرة.

وأشار إلى “الحزن الكبير للمنتجين. السيارات المحملة بالبندورة تعود في الكثير من الأيام والمرات إلى أصحابها دون أن يتمكنوا من بيعها بسبب الكميات الكبيرة المتكدسة في أسواق الهال.”

وأرجع ذلك لغياب أي منافذ لتصريفها سواء بين المحافظات بسبب عدم توفر المحروقات وارتفاع تكاليف النقل، أو لعدم تصديرها، حيث أن كل المنتجات التي لا تصدر ينخفض سعرها كثيراً.

وشبه إبراهيم إسماعيل (67 عاماً) وهو من مزارعي البيوت البلاستيكية أيضاً في الساحل، قصة البندورة لهذا العام بمنتجي الفروج عندما وصلت الأسعار إلى دون التكاليف.”

وأقلع غالبية منتجي الفروج عن إنتاجه حتى وصل سعره حالياً إلى أكثر من 5 ألاف ليرة.

وأشار “إسماعيل” إلى أنه يمكن أن يتوقع مصير هذا المنتج الأساسي (البندورة) للعام القادم، إذ أن غالبية المنتجين لن يتمكنوا من النهوض بعامين وترميم خسائرهم.

ويقوم غالبية المزارعين باستجرار المواد المطلوبة من الصيدلية الزراعية، ويتفقون على تسديد سعرها على الموسم، ويشترطون عليهم أن يسدد السعر بسعر الصرف الرائج، بغض النظر عن سعره حين الاستجرار.

ولهذا سيدفع منتجو البندورة التكاليف من جيوبهم وليس من عوائد الموسم، وهذا يعني أنه “لا يوجد صاحب بيت بلاستيكي في الساحل السوري لم يخسر خسائر كبيرة هذا العام من طرطوس وحتى اللاذقية.”

تكاليف كبيرة

تختلف تكاليف الزراعات المحمية عن غيرها من الزراعات، وذلك بسبب تكاليفها المرتفعة، والملاحظ مؤخراً تراجع إنتاجية البيت البلاستيكي كما يقول المزارع يوسف داؤود.

ومؤخراً، انخفض إنتاج البيت الذي كان ينتج في السنوات السابقة 10 طن، إلى 3-4 طن ويرجع السبب إلى كثرة الأمراض التي انتشرت وصعوبة مكافحتها لرداءة المواد المتوافرة من ناحية ولارتفاع تكاليفها من ناحية ثانية.

وبلغ سعر لتر دواء العناكب 136 ألف ليرة، “وطرد الفلين” المستعمل 15 ألف ليرة، أي أن سعر الفلينة يصل إلى 1500 ليرة وهذا السعر يحتاج إلى أكثر من 3 كيلو غرام من البندورة لتعويضه، بحسب مزارعين.

أما تكاليف النقل فهي الأسوأ، حيث يصل سعر النقلة إلى 8 آلاف ليرة للأماكن التي تبعد قليلاً عن سوق الهال، وعندما تعود السيارة بحمولتها يتكلف المنتج آجار النقل لتتضاعف خسائره وخيبته.

قال أحمد شباني (50 عاماً) وهو مزارع لديه ثلاثة بيوت بلاستيكية في طرطوس، إن “خسائره مضاعفة عن غيره، لأنه جهز هنكاراته ودفع مقابل ذلك مبالغ كبيرة من حيث تغيير النايلون وقلب الأرض…الخ”. وجاءت هذه الأسعار كالصدمة بالنسبة له.

ولن يتمكن من الزراعة في العام القادم، لأنه لن يستطيع شراء المواد المطلوبة للزراعة، خاصة أن سعر ظرف بذار البندورة المستخدم اشتراه في هذا الموسم بسعر 500 ألف ليرة.

وأشار “شباني” إلى أن الهنكار يحتاج إلى 1200 غرسة بندورة، وإنتاجه لا يتجاوز 4 طن بندورة، وهذا لن يغطي تكاليف “طابة النايلون” لأن سعر الطن لهذا الموسم لا يزيد عن 300 ألف ليرة، بينما يفوق سعر النايلون المليون ليرة، وهذا دون الحديث عن التكاليف الأخرى من عمالة وأدوية وخيطان.

بخيبة ومرارة كبيرة تحدث كل المزارعين الذين تواصلت معهم نورث برس فهم أصحاب عائلات ولديهم الكثير من المصاريف والمشاريع المؤجلة لأسعار الموسم.

ولكن الواقع أن الموسم أصبح عبئاً عليهم. خيبة وغصة دفعتهم لتوجيه الكثير من الأسئلة عن أسباب توقف التصدير، وكيف حافظ  سعر كيلو البطاطا على سعر ألف ليرة علماً أن تكاليف إنتاج الكيلو منه لا تعادل ربع تكاليف إنتاج كيلو البندورة؟.

وأضاف المنتجون الذين تحدثنا إليهم أنهم منذ بداية الموسم وهم يتأملون أن تتحسن الأسعار، حيث بدأ الموسم بسعر 800  ليرة ولأنه حد التكلفة، كانوا يتأخرون في القطاف على أمل أن تتحسن الأسعار، لكنها ظلت في انخفاض دائم.

ولكل هذا تساءلوا عن وعود الدعم التي أملتهم بها وزارة الزراعة، وكيف يتركون المنتجين يتخبطون مع أقدارهم؟.

لا حول

وعن أسباب هذه الخسائر، قال أحد المعنيين في غرفة الزراعة، (فضل عدم الكشف عن اسمه)، إنه لا علاقة للجهات الرسمية بوقف التصدير.

وأشار إلى أن الأمر مرتبط بإجراءات اتخذتها الدول التي يتم التصدير إليها كالعراق والأردن ودول الخليج سواء بسبب كورونا أو لأسباب أمنية.

وأضاف المصدر أن المشكلة في نقص القدرة الشرائية للمواطنين التي قلصت من قدرة السوق المحلية على الاستهلاك، وجعلت التصدير هو المنفذ شبه الوحيد للتسويق.

ويكاد الإنتاج البلاستيكي في سوريا يقتصر على نوع واحد وهو البندورة الأمر الذي يجعل الكميات المنتجة كبيرة، بحسب المصدر الذي يقدرها بنحو 300 ألف طن، دون أن يحدد كمية الاستهلاك المحلي منها بسبب انخفاضها الشديد.

وأضاف المصدر، أن التعامل مع البندورة يختلف عن مادة البطاطا التي تتحمل ظروف الشحن أكثر، إذ أن توقف البراد أو الشاحنة لمدة 15 يوماً مثلاً لا يؤثر على هذا المنتج، على عكس مادة البندورة التي وصف “روحها بالقصيرة”.

وإذا كان المصدر لم يعد بحلول قريبة إلا أنه شدد على أنهم في محاولات دائمة لفتح أسواق تصديرية علها تقلص من خسائرهم بعض الشيء.

إعداد: ريتا علي ـ تحرير: معاذ الحمد