بين نيران حرس الحدود ومهربين.. رحلة موت يواجهها سكان من إدلب بطريقهم لتركيا
إدلب – نورث برس
باءت محاولات متعددة للشاب جاسم التركي (26 عاماً) رفقة أخيه، وهما نازحان من بلدة كفرنبودة شمالي حماة، ويقيمان في مخيمات شمال إدلب، حاولا خلالها اللجوء إلى تركيا بـ”الفشل”.
ويضطر سكان في مناطق إدلب، وبشكل خاص شريحة الشباب للجوء إلى تركية عبر طرق التهريب المحفوفة بالمخاطر، بحثاً عن عمل يعيلهم في ظل الظروف المعيشية السيئة.
وقبل نزوحه من بلدته، كان “التركي” يعمل في الزراعة، ولكن العمليات العسكرية أجبرته على النزوح إلى مخيمات عقربات على الحدود السورية التركية.
وبنزوحه إلى مخيمات إدلب، بدأت معاناته في إيجاد فرصة عمل تساعده على تأمين قوت يومه، ولكن دون جدوى، ما دفعه للتفكير في اللجوء إلى تركيا قاصداً طريق التهريب التي لم تكن بالسهولة التي كان يتوقعها.
ويتعمد حرس الحدود التركي “الجندرمة” إطلاق النار على المدنيين الذين يحاولون عبور الحدود التركية، ناهيك عن عمليات الضرب والتعذيب الشديدة لمن يتم إلقاء القبض عليه.
ضرب وتعذيب
وأجبرت العمليات العسكرية التي شهدتها مناطق شمال غربي سوريا، في نيسان/ أبريل عام 2019 والتي استمرت حتى مطلع 2020 ما يقارب مليوني شخص من أرياف حماة وحلب وإدلب على النزوح، بحسب تقارير صحفية.
ظروف النزوح والحياة الجديدة أجبرتهم على البحث عن فرص عمل شبه مفقودة، ليكون أمامهم خياران أحلاهما مرّ، فإما المجازفة وعبور الحدود إلى الأراضي التركية للعمل هناك، أو البقاء دون عمل.
وحال محمد الخاني (43 عاماً) وهو من نازحي بلدة حاس جنوب إدلب، كحال “التركي”، إذ حاول ولأكثر من مرة دخول الأراضي التركي بقصد العمل “ولكنها جميعها فشلت”.
وسرد “الخاني” لنورث برس، تفاصيل قصته وعائلته التي تمكنت من العبور إلى تركيا منتصف كانون الثاني/ يناير الفائت.
واستطاعت زوجته وأطفاله الثلاثة من عبور الحدود التركية عن طريق التهريب، قبل أن تتمكن “الجندرمة” التركية من إلقاء القبض عليه وعلى من كان معه.
وأضاف: “تعرضنا للضرب والتعذيب على يد “الجندرمة” الذين لم يحترموا حتى الشيوخ والنساء.”
و”الخاني” حاول أكثر من خمس مرات، دخول الأراضي التركية وفي كل مرة يفشل ويتعرض للضرب.
لكن المحاولة الأخيرة له كانت مطلع هذا الشهر، اختلفت عن سابقاتها إذ تعرض فيها لإطلاق نار مباشر من قبل الجندرمة.
وإطلاق النار كان على جميع الأشخاص الذين كانوا يحاولون العبور، ما أسفر عن إصابة امرأة نازحة من ريف حمص الشمالي.
قتل على الحدود
ومنذ مطلع هذا العام، قتل نحو 25 مدنياً من بينهم 10 نساء وأطفال برصاص حرس الحدود التركي “الجندرمة” أثناء محاولتهم اجتياز الحدود السورية التركية بريفي إدلب وحلب، توثيق الانتهاكات في شمال غربي سوريا.
وكان آخر عمليات القتل في الحادي والعشرين من نيسان/ أبريل الجاري، حيث قتل رجل من نازحي بلدة التمانعة جنوبي إدلب وأصيبت طفلته برصاص حرس الحدود بريف مدينة أعزاز شمالي حلب، بحسب عبد الرحمن العمر العامل في مجال التوثيق.
وقال “العمر” لنورث برس، يتعرض العشرات للضرب بأدوات صلبة على الرأس أو على الأقدام بهدف الإعاقة.
وأشار إلى أنه لا يوجد إحصائيات دقيقة لعدد الضحايا، بسبب عدم إمكانية توثيق هذه الحالات.
طرق وأجور التهريب
وتختلف طرق التهريب وفقاً للمبلغ الذي سيدفعه الشخص للمهرب، ويحدد في النهاية بحسب الخطورة التي يمكن أن يتعرض لها.
وقال نجم الحوراني وهو اسم مستعار لأحد المهربين في إدلب لنورث برس، إن للتهريب أشكال وطرق عدة، فمنها المضمون ومنها العادي والفرق بين الاثنين لا يتجاوز الـ800 دولاراً أميركياً.
واضطر “الحوراني” نظراً للتشديد الكبير مؤخراً، من قبل حرس الحدود التركي، لرفق تسعيرة التهريب العادي من 450 دولاراً أميركياً إلى 650 دولار.
والتهريب العادي، يكون من خلال عبور الحدود “خلسة” وغالباً ما يكون خطيراً، بينما التهريب المضمون فأجرته 1800 دولار أميركي بعد أن كان سابقاً بـ1200 دولار.
والطريق الثاني بحسب “الحوراني”، يكون أقل خطورة من خلال الاتفاق مع إحدى الدوريات التركية المناوبة على الحدود.
وأشار إلى تعامله مع ضابط تركي حيث يقوم الأخير، بإدخال أربعة أشخاص عبر سيارته الخاصة إلى الأراضي التركية مقابل مبلغ مالي يصل إلى أربعة آلاف دولار.
وتتم عمليات التهريب بحسب “الحوراني” عن طريق التنسيق مع مكتب تابع لهيئة تحرير الشام في بلدة قاح قرب الحدود، حيث تقوم الهيئة بتقاضي 50 دولاراً من كل شخص، عبر تنسيق مشترك مسبق مع المهربين.
وتعرض جاسم التركي رفقة أخيه للضرب والتعذيب على يد حرس الحدود التركي، الذين اتهموه بأنه والأشخاص الذين كانوا برفقته بـ”الإرهابيين”.