توجه لحفر الآبار الارتوازية في الأراضي المروية في ريف الرقة

الرقة – نورث برس

توجه مؤخراً عدد من مزارعي أرياف مدينة الرقة، شمالي سوريا، لحفر آبار ارتوازية بغرض تأمين مصدر ثابت من مياه الري لأراضيهم الزراعية.

ووفقاً لهؤلاء المزارعين فإن سبب توجهم لحفر الآبار يعود إلى الانقطاع المتكرر لمياه الري في المحطات وعدم وفرتها في حال عملها.

لكن شيخ نبي خليل رئيس مكتب الري التابع للجنة الزراعة، قال إن المزارعين لا يتقيدون بالخطة الزراعية الموضوعة من قبل لجنة الزراعة والتي تم تحديدها بنسبة 70 بالمئة للمحاصيل الشتوية و30 بالمئة للمحاصيل الصيفية.

وأشار إلى أن عدم التقيد “يخلق ضغطاً على المحطات خلال المواسم الصيفية ويمنع وصول مياه الري إلى الحقول في نهايات الأقنية وهو ما دفعهم لحفر الآبار.”

وتضم الرقة 23 محطة للري، منها عشر محطات رئيسية، تتواجد خمس منها في منطقة بئر الهشم في ريف الرقة الشمالي، بالإضافة إلى محطتي القرميد والكرامة في الريف الشرقي ومحطة تل السمن في الريف الشمالي ومحطتين في الريف الجنوبي.

ويتم تزويد كل محطة من تلك المحطات بكمية من المياه تصل إلى خمسة أمتار مكعبة في الثانية “وتلك هي الطاقة القصوة لعمل المحطات”، بحسب لجنة الزراعة في الرقة.

تكاليف كبيرة

لكن محمد الكدرو (55عاماً) وهو مزارع من مزرعة الجلاء 22 كم شمال الرقة، قال إن مياه الري “لا يمكن الاعتماد عليها فهي دائمة الانقطاع كما أنها قليلة حين تصلنا.”

ولجأ المزارع مؤخراً لحفر بئرين وقد حالفه الحظ في البئر الثالث بانبثاق المياه على عمق 90 متراً.

ويملك “الكدرو” 40 دونماً من الأرض كان قد زرع عشرون دونماً منها بالقمح ويعمل في الوقت الراهن على تجهيز ما تبقى من أرضه لزراعتها بالقطن.

وأضاف: “لو لم تخرج المياه من البئر لما أقدمت على زراعة القطن.”

وخسر “الكدرو” وفقاً لما ذكره، أكثر من مليوني ليرة سورية في محاولات حفر بائت بالفشل إلى أن حالفه الحظ في المرة الثالثة.

وبلغت تكلفة البئر الذي حفره أكثر من خمسة عشر مليون ليرة سورية موزعة ما بين أجرة الحفر وعزل البئر بالعوازل المعدنية، بالإضافة إلى ثمن المحرك والمضخة اللازمة لاستجرار المياه من القعر.

وبحسب مزارعين فإن تكلفة حفر المتر الواحد تزيد عن عشرة آلاف ليرة، كما أن معظم الآبار في المنطقة تحتاج إلى حفر على عمق يزيد عن مئة متر حتى تخرج المياه.

ولا تقتصر تكاليف الحفر على أجرة الحفارة،  فالآبار الارتوازية تحتاج لتجهيزها قبل استعمالها بعوازل معدنية يتم إنزالها داخل البئر قبل استعماله لاجتناب خطر الردم.

قلة المياه

وقال محمد الحسن (68 عاماً) وهو مزارع من قرية الخباص 25 كم شمال الرقة، إنه حفر ستة آبار في أرضه “ولكن لم يحالفني الحظ بخروج المياه علماً أن عمق كل بئر قد تجاوز مئة متر.”

وفي محاولة أقرب إلى اليائسة يراقب “الحسن” الحفارة وهي تدق في حفر البئر السابع بعد أن تجاوز عمقه الخمسون متراً ولم تظهر بوادر لخروج المياه.

وأضاف: “إذا لم تخرج المياه من هذا البئر سوف أتوقف عن الحفر فقد جربت الحفر في عدة مواقع ولم يحالفني الحظ كما أن الأمر مكلف جداً.”

ويملك “الحسن” 50 دونماً من الأرض المروية والمزروعة بالقمح، مشيراً هو الآخر إلى أن قلة مياه الري دفعته لحفر بئر ارتوازي لري أرضه.

لكنه وصف حفر الآبار الارتوازية بـ”المغامرة وذلك لأن اختيار مواقع الحفر يتم بشكل عشوائي لعدم وجود أجهزة حديثة تكشف مواقع تواجد المياه الجوفية.”

ورأى مزارعون ممن أقدموا على حفر آبار ارتوازية أن على لجنة الزرعة في الرقة دعمهم بمادة المازوت لتشغيل المضخات.

آلية بشقين

وبحسب مكتب الإحصاء التابع للجنة الزراعة في مجلس الرقة المدني فإن آلية تعامل اللجنة مع أصحاب الآبار الارتوازية تنقسم إلى شقين.

الأول، هو “دعم الأراضي التي لا تعتمد اعتماداً كلياً على الآبار في ريها وهذا النوع من الآبار يحتاج إلى ترخيص من لجنة الزراعة”، حيث تقوم لجنة مختصة من الزراعة بمعاينة الموقع والكشف على البئر والمحركات التي تعتمد في ري المشروع المطلوب .

وقال محمد الرجب رئيس مكتب الإحصاء التابع للجنة الزراعة في مجلس الرقة المدني، إن هذا النوع من الأراضي يتم دعمه بكميات من المازوت تقدر بـ 75 لتر للدونم الواحد فيما يتعلق بالمحاصيل الشتوية و125 لتر من المازوت للمحاصيل الصيفية.

كما يتم تقديم كميات من السماد الزراعي تقدر بـ 15 كغ من السماد الترابي و  30كغ من سماد اليوريا لكل موسم.

أما ما يتعلق بالآبار التي يتم حفرها في الأراضي المروية والتي تعاني من شح بمياه الري فلا يحتاج المزارعون إلى أي ترخيص لحفر الآبار، بحسب “الرجب”.

وأشار إلى أنه ليس هناك أي دعم لهذا النوع من المشاريع، “لأن هذا النوع من الأراضي مروية أساساً ويتم معاملتها معاملة الأراضي المروية من حيث الدعم.”

وفي هذا النوع من الأراضي يتم جباية رسوم الري السنوية من المزارعين والتي تقدر بألف ليرة سورية عن الدونم الواحد، بحسب لجنة الزراعة.

كما يتم دعمها زراعياً بالمازوت والذي تقدر كميته بستة لترات للدونم الواحد “لمساعدة المزارعين على حراثة أراضيهم، بالإضافة إلى 15 كغ من السماد الترابي و30 كغ من سماد اليوريا.”

إعداد: أحمد الحسن – تحرير: سوزدار محمد