تحسين الكهرباء.. وعود مسؤولين فقدت ثقة سوريين يتوقعون الأسوأ

دمشق ـ نورث برس

علمت التجارب السوريين بأن لا يثقوا بوعود مسؤولين، بل أصبحوا يتوقعون الأسوأ بعد كل تصريح للوزراء، لأن ما يحصل هو انحدار أكبر في الواقع، وأحدث تلك الوعود والخيبات كانت في مجال الكهرباء.

والثلاثاء الماضي، كان اليوم الذي حددته الحكومة السورية موعداً لانفراج أزمة الكهرباء، “ولكنه كان الأسوأ”، بحسب سكان، إذ زادت ساعات التقنين لتصل إلى نحو خمس ساعات قطع مقابل ساعة واحدة وصل.

ولم يتحقق حتى الوعد بالوضع “المقبول” حسب التوصيف الذي أطلقه وزير الكهرباء غسان الزامل، إذ أعلن خلال جولة مع رئيس مجلس الوزراء في حمص في اليوم الثالث من هذا الشهر: “نتأمل خلال أسبوع نهاية أزمة الكهرباء الحالية وعودة التغذية الكهربائية إلى وضعها المقبول.”

وتوقع السوريون أن يشهد شهر رمضان نوعاً من التحسن، كما قال علي العلي، وهو اسم مستعار لأحد سكان ريف دمشق، التي عانت كغيرها من المحافظات انقطاعاً طويلاً في الطاقة الكهربائية.

وأضاف لنورث برس: “لقد صرنا نفهم عليهم، أو هكذا اعتقدنا، وعلى ذلك فهمنا من انقطاع الكهرباء لفترات طويلة قبل رمضان بأيام، بأنه نوع من توفير الطاقة، استعدادا للكرم في منحها مع بداية رمضان، وكي تبدو وعودهم صادقة، لكن ذلك لم يحدث!.”

لا وضع أفضل

وعود التحسن “المقبول” في وضع الكهرباء خلال شهر رمضان، ترجمت على أرض الواقع بوضع أسوأ من الأيام السيئة التي سبقت.

نعمان العبد اسم مستعار لصاحب أحد المحلات في حي المزة، يقول وهو ينظر إلى ضوء “الليدات” الخافت: “ما عاد نتأمل منهم وضع أحسن، بدنا يجيبوها لتكفي شحن البطارية.”

وأعرب في حديث لنورث برس عن تساءله: “هل سيكون وعد وزير الكهرباء أفضل من وعد زميله وزير النفط؟.”

وكان وزير النفط بسام طعمة قدم النموذج الأكثر وضوحاً لعدم صدقية وعود الوزراء، إذ لم يكد يمر شهر على تصريح له بعدم رفع أسعار البنزين حتى صدر قرار برفع الأسعار.

طعمة، وردا على سؤال لقناة “السورية” في الساب عشر من أيلول/ سبتمبر الماضي، عن نية الحكومة رفع الأسعار، قال بكل ثقة إنه “لن يكون هناك رفع للأسعار ولا رفع للدعم، بكل تأكيد وأنا مسؤول عن هذا الكلام.”

وبعد نحو شهر صدر قرار برفع سعر البنزين بنحو 80 في المئة.

أما التصريحات التي لا تتوقف من أكثر من وزير فهي الحديث عن العمل على تحسين الوضع المعيشي للمواطن، سواء من رئيس مجلس الوزراء أو وزير المالية، ولكن ما يحصل أن وضع السكان في حالة تدهور يومي.

وتحدث وزير التجارة الداخلية عن خطة الوزارة لضبط الأسواق والأسعار، وما يحصل أن الأسعار ترتفع كل ساعة.

“وزراء بلا شخصية”

وقال خالد الحلبي، اسم مستعار لمدير إحدى الشركات الخاصة التي تعمل في المجال الطبي في حلب، عبر التواصل معه على تطبيق الواتس آب، إن “وزراءنا بلا شخصية، وهم في الواقع لا يملكون القرار، وخاصة في القضايا التي تتعلق بالسياسات العامة للوزارة.”

وأضاف لنورث برس: “الوزير بيده قضايا إجرائية ويومية ضمن وزارته، أما القضايا الكبرى فقد يكون “آخر من يعلم.”

وحتى رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس يبدو أن تصريحاته “بنت ساعتها” كما يقول، ويستشهد بكلامه في مدينة حلب، ووعوده التي أطلقها لتحسين الوضع الكهربائي فيها.

ولكنه “عرنوس” يعود ليشدد على أنه لم يطلق أي وعد، وذلك في إشارة إلى نفيه الأخير لتصريحات منسوبة إليه تتعلق بزيادة الرواتب.

وقد نفى عرنوس أن يكون تحدث عن زيادة قريبة للرواتب، رغم أن وزير المالية في حكومته كنان ياغي، كان أعلن في حوار مع “السورية” نهاية الشهر الماضي أن ثمة “توجيهات من الرئيس للاستعداد لأي شيء قادم ويمكن بعد رمضان أن تكون هناك مقاربة للرواتب والأجور.”

وقد علق اقتصادي من دمشق على عدم التزام الوزراء بوعودهم بعبارة “لو صادقين ما صاروا وزراء”، ووصف دورهم بمراقب الدوام.

ولأن الوزراء يعرفون هذا الواقع حال دخولهم الوزارة، يسعون لتحقيق “فوائد شخصية”، كما يقول، وما يحصل أن المكاسب التي يحققونها “تعاود الجهات المعنية لاستخدامها ضدهم متى دعت الحاجة لذلك.”

إعداد: ريتا علي ـ تحرير: معاذ الحمد