لقاء جيفري مع بن شابات: الرفات.. أم التنسيق بشأن سوريا؟
الضفة الغربية ـ NPA
تلتزم إسرائيل رسمياً وإعلامياً التعتيم حيال خبر منسوب للسفارة الأمريكية في دمشق على مواقع التواصل الاجتماعي حول لقاء جمع المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، مع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مائير شابات، وذلك في إسرائيل، الثلاثاء.
الإعلامي من عرب إسرائيل عمر ربيع، قال لـ”نورث برس”، إن ثمة تعتيم كامل إزاء النبأ، موضحاً أنه حاول مراراً الحصول على معلومات من الجهات الرسمية الإسرائيلية لكن دون جدوى، حيث رفضت التعليق.

الإعلامي من عرب إسرائيل عمر ربيع
لكن ربيع يرى أن ثمة علاقة بين تعهد الرئيس الروسي رؤفين ريفلين، الثلاثاء، خلال مراسم إحياء ذكرى قتلى الجنود الإسرائيليين في المعارك مع الفلسطينيين والعرب، عندما قال إن “إسرائيل لن تهدأ حتى يتم إعادة رفات جميع جنودها”، وبين الجهود الروسية والسورية لإعادة ما تبقى من رفاة جنودها الموجودة في الأرض السورية، على غرار الجندي زخاريا باومل، الذي تم إعادة رفاته قبل أكثر من شهر.
ومع ذلك، يؤكد الإعلامي المتابع للشأن الإسرائيلي عمر ربيع، أن التطور الحاصل بالمنطقة بخصوص التوتر مع إيران كان على الأجندة، وما يتصل بها بلجم النفوذ الإيراني في سوريا. وذكّر ربيع بأن بن شابات يعتبر أمين سر لنتنياهو وخاضع له بشكل مباشر، كما أن جميع الاتصالات الجارية بين إسرائيل وما تسمى “الدول العربية السنّية المعتدلة” تجري عبر هذا الرجل (بن شابات).
ويضيف ربيع أن إسرائيل تريد أن تكون شروطها ومطالبها حاضرة بكل ما يجري من مشاورات دولية بشأن الملف السوري وأن يتم إحاطتها عبر روسيا وأمريكيا، مبيناً أن نتنياهو يتفاخر كثيراً بما يمتلك من علاقات “جيدة جداً” مع الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين.
ولهذا، يعتقد ربيع أن زيارة جيفري تعكس الأقوال الإسرائيلية بهذا المضمار، خاصة وأن زيارة جيفري إلى إسرائيل (إن صحت) جاءت عقب زيارته إلى تركيا، حيث بحثت الملف السوري وارتباطاته وتقاطعاته الإقليمية والدولية.
من جانبه، يقول الباحث الإسرائيلي د.مردخاي كيدار لـ”نورث برس” إن هناك “لقاءات على أساس يومي بل أكثر من يومي بين المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم الأمريكيين على شتى المستويات”، مشيراً إلى أن الأمريكيين يبذلون جهدهم للجمع بين إسرائيل والجهات الأخرى في الشرق الأوسط التي لها علاقة معهم.

الباحث الإسرائيلي د.مردخاي كيدار
ومن هذا المنطلق، يعتقد مردخاي، أن كل ما يُنشر هنا أو هناك حول لقاء بين المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين يندرج في إطار المحاولات الأمريكية لخلق نقاش وحوار مستمر بين إسرائيل وجيرانها العرب والفلسطينيين.
وحول حضور التوتر الحاصل في المنطقة مع إيران على طاولة اللقاء بين جيفري وبن شابات، قال مردخاي إن هناك نقاشاً دائماً بين تل أبيب وواشنطن بشأن الأحداث المتلاحقة في الشرق الأوسط، سواء في سوريا أو لبنان أو إيران، وغيرها. ويضيف “كلما تكون مستجدات، نجد هناك اتصالات هاتفية ووجاهية بين المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين بغض النظر عن مستوياتهم. فالعلاقة ودية وحميمية بينهم”.
ويكشف مردخاي سر اللقاءات الأمريكية- الإسرائيلية اليومية حول مواضيع مختلفة، حيث يقول إن الأمريكيين يتعلمون من الإسرائيليين لِما لهم من خبرة أمنية وسياسية جمعوها خلال عملهم في جيش إسرائيل ومخابراتها.
ويتابع مردخاي “الإسرائيليون أدرى بشعاب الشرق الأوسط ألف مرة من الأمريكيين. لذلك يعتمد الأمريكيون في كثير من الحالات على الرؤية الإسرائيلية والخبرة وما جمعته إسرائيل من التجربة خلال السير في دروب الشرق الأوسط المتعرجة لعقود طويلة”.
ويعلل مردخاي تفوق إسرائيل على الولايات المتحدة فيما يتعلق بخبرتها حيال الشرق الأوسط، عبر القول إن معظم الإسرائيليين العاملين في وظائف المخابرات والأمن والجيش يتكلمون اللغة العربية (إما الفصحى أو العامة) في حين أن عدد الأمريكيين العاملين في هذه المؤسسات الأمنية ويتكملون اللغة العربية عبارة عن “حفنة قليلة”.
وبالمحصلة، يقول مردخاي إن “إمكانيات إسرائيل في فهم ما يدور في الشرق الأوسط أكبر ألف مرة من الإمكانيات الأمريكية”.
ولكن هل سبب التفوق الخبراتي الإسرائيلي يقتصر فقط على دراية العديد من الأمنيين الإسرائيليين باللغة العربية ووجودهم في قلب الشرق الأوسط؟.
مردخاي كيدار يقول إن العامل الثالث يتعلق بسنوات الخدمة التي يقضيها الإسرائيلي في المجالات العسكرية والأمنية وبملفات محددة، حيث تصل لعشرات السنوات، في حين لا يمكث نظيره الأمريكي أكثر من سنتين إلى ثلاثة في موقعه قبل أن يتم نقله أو تعيينه في ملفات وتخصصات ومواقع أخرى، ما يحول دون جمعهم الخبرة الكافية.
ويستنتج كيدار بأن “خبرة الإسرائيليين بالأمن أكبر عشرات المرات ممن هم عاملون بالمنظومة الأمنية الأمريكية. لذلك تعتمد واشنطن في كثير من الأحيان على الخبرة الإسرائيلية وإن لم يكن هذا الأمر معلناً”.
ويكشف كيدار عندما تحدث عن الكثير من الاتصالات التي يجريها أمريكيون مع إسرائيليين للحصول على خبراتهم، بأنه هو شخصياً يتم الاتصال به من قبل المسؤولين الأمريكيين للحصول على مشورته بشأن مجالات متخصصة بمواضيع تتعلق بالشرق الأوسط.