تباين آراء دمشقيين حول الآلية الجديدة لتوزيع الوقود

دمشق – نورث برس

تباينت آراء سكان وأصحاب سيارات في العاصمة دمشق حول الآلية الجديدة لتوزيع البنزين. ورأى دمشقيون الآلية بأنها “جيدة” وأنها ساهمت بانخفاض الطوابير على محطات الوقود، فيما انتقدها آخرون وهم الشريحة الأكبر معتبرين أنها لا تقدم حلاً لأزمة الوقود.

وفي الخامس من هذا الشهر، قررت حكومة دمشق، تحويل عملية توزيع البنزين بشكل كامل للبطاقة الذكية، وفق نظام الرسائل النصية.

تعبئة من محافظة أخرى

وتبلغ مدة الرسالة 24 ساعة وتتضمن اسم المحطة والكمية المسموح تعبئتها، وفي حال تعذر التعبئة ضمن المهلة، يمكن إعادة طلب المادة وفق الآلية المعمول بها للغاز.

ومنذ أكثر من شهر، تفاقمت أزمة البنزين والغاز والمازوت في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق، وأدى تخفيض مخصصات الوقود ورفع أسعار المحروقات إلى أزمة مواصلات كبيرة خاصة في وسائط النقل العامة التي توقف بعضها عن العمل بشكل نهائي.

وقالت راما عبيد (35 عاماً) وهو اسم مستعار لصحفية تعمل في إحدى المحطات التلفزيونية وتمتلك سيارة خاصة، إن الطريقة الجديدة تحتاج إلى خطوات تسبقها وفي مقدمتها توفير انترنت جيد.

وأضافت: “أحاول منذ أكثر من خمسة أيام تنزيل التطبيق لكن دون جدوى.”

وبحسب الآلية الجديدة، يتم ربط البطاقة تلقائياً بآخر محطة تمت التعبئة منها، كما يمكن تغيير المحطة أو المحافظة قبل أول عملية شراء وفق آلية الرسائل، وبعد إتمام أول عملية شراء يصبح تغيير المحطة مقيداً بعدد مرات محددة.

وبعد نجاحها في تحميل التطبيق، تلقت “عبيد” رسالة تتضمن تعبئة سيارتها من مدينة طرطوس حيث كانت آخر مرة حصلت فيها على وقود لسيارتها، بينما هي الآن في دمشق.

كميات غير كافية

لكن يامن خضور (56عاماً) وهو اسم مستعار لموظف في شركة خاصة بمجال الألبسة، رغم أنه يرى الآلية الجديدة “جيدة” وأنها مكّنته هو ومن لا يستطيعون الوقوف لمدة يوم بانتظار دورهم أن يحصلوا على مخصصات سياراتهم، إلا أن “هذا لا يعني انحسار الأزمة.”

وأضاف: “الآلية الجديدة تعني أن الطوابير انتقلت من الشوارع إلى المنازل، وصار الشخص ينتظر في منزله وصول الرسالة ليملئ سيارته كمية لا تتجاوز 20 لتراً عليها أن تكفيه لمدة سبعة أيام.”

ومؤخراً، خفّضت وزارة النفط والثروة المعدنية الكميات المحددة لكل سيارة إلى 20 لتراً كل سبعة أيام للسيارات الخاصة، وكل أربعة أيام للسيارات العامة.

ورأى هادي أحمد (30 عاماً) وهو اسم مستعار لصحفي في دمشق، أن تلك الكمية غير كافية، “وأن أي شخص يحرك سيارته بشكل يومي لن  تكفيه، فهي لا تكفي لأكثر من 100 كم.”

وأشار إلى أن الكمية قد تكفي لأصحاب المنازل الذين لا يبعدون أكثر من 7 كم عن مراكز عملهم لمدة سبعة أيام، أما الذين تبعد بيوتهم عن مراكز عملهم نحو عشرة كم، وهؤلاء هم الأغلبية، “فهذه المخصصات لن تكفيهم أكثر من أربعة أيام كحد أعظمي.”

وأضاف: “تحدد تلك المخصصات على الجميع، استخدامات السيارة وتحصرها في الضرورية جداً.”

“سيارات مفيمة”

ويلجأ بسام بركات (40عاماً) وهو اسم مستعار لمهندس كهرباء في العاصمة إلى ركن سيارته بعيدة عدة كيلو مترات عن منزله، لأنه بذلك يستطيع التوفير في مستحقاته واستغلال تلك المسافة للقيام برياضة المشي، حسب قوله.

وقال إن ذلك “يشعرني بالراحة لكي لا تقتلنا الأزمات، ونعيش كل الحياة في ضغوطات يومية.”

وبحسب أصحاب سيارات فإن الانتظار الطويل أمام محطات الوقود لم يكن السبب الوحيد الذي يسبب لهم “الضيق والمقت”، بل كان أصحاب النفوذ والحظوة الذين لا ينتظرون على الدور هو المشهد “الأسوأ على الكازيات.”

ومع اعتماد البطاقة الذكية للحصول على الوقود، قال سامر معلا (40عاماً) وهو اسم مستعار لممرض، إنه لم يعد هنالك طوابير “وهذا أمر مهم ولكن الأهم أن الناس لم تعد ترى المتنفذين الذين يخترقون الدور بالسيارات المفيمة ودون أن يجرؤ أحد على الاعتراض.”

وفقاً لما ذكره عاملون في محطات الوقود، فإن المشاكل الناجمة عن سلوكيات من لا يلتزمون بالدور كانت كبيرة، وأنهم في مرات كثيرة كانوا يتوقفون عن العمل ريثما يتوصلون إلى حل مع أصحاب السيارات “المفيمة.”

قطع الرشاوى

ورأى سكان وأصحاب سيارات أن الآلية الجديدة وضعت حداً لعمليات الرشاوى، إذ كان بعض أصحاب السيارات يدفعون خمسة آلاف ليرة بالحد الأدنى للمسؤولين عن تنظيم الدور لكي يسمحوا له بالتجاوز.

ولم يخفي أصحاب سيارات تخصيص مبالغ إضافية للقائمين على العمل في المحطات، لأن المبالغ التي يدفعونها مهما كانت كبيرة ستبقى أوفر لهم من شراء الحر، حسب قولهم.

ويختلف الحال مع أصحاب تكاسي الأجرة، فمخصصات تكسي الأجرة هي أيضاً 20 ليتراً لكن لأربعة أيام وليس سبعة.

ويقول بعضهم إن هذه الكميات لن تكفيهم للعمل أكثر من يوم واحد كحد أقصى، ولذا أصبح أصحاب التكاسي يتقاضون أجوراً كبيرة جداً لا تتناسب مع المسافات التي يقطعونها، لأنهم يسعّرون طلباتهم حسب سعر البنزين الحر.

ويتسبب ارتفاع الأسعار بمشاكل يومية بين سائقي تكاسي يتحدثون عن التكاليف المرتفعة للبنزين الحر وبين أناس أرهقها الانتظار وقلة الدخل.

إعداد: ريتا علي – تحرير: سوزدار محمد