ناشطون في دمشق: متنفذو الحكومة يستثمرون الأزمات والعقوبات تفرض ضغوطاً لا حلولاً

دمشق – نورث برس

يرى سكان وناشطون في العاصمة دمشق أن الحكومة السورية تستثمر الأزمات المعيشية والاقتصادية التي تشهدها المناطق الخاضعة لسيطرتها من أجل ترسيخ قبضتها الأمنية، وأن العقوبات الدولية تسعى لفرض ضغوط تؤدي لتنازلات من قبل الحكومة دون ظهور ملامح حل نهائي للأزمات المستمرة حتى بعد عقد من الحرب.

وتشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية أزمات لنقص الغاز والخبز والمحروقات، والتي شكلت، بحسب مراقبين، تحدياً كبيراً لحكومة دمشق.

استثمار للظروف

لكن حازم نعمة (32 عاماً)، وهو اسم مستعار لصحفي يقيم في العاصمة، يعتقد أن “هكذا أزمات تقوي النظام ولا تضعفه.”

وقال “نعمة” إن الحكومة رغم عجزها عن تأمين أبسط متطلبات الحياة للسكان، إلا أنها تدير هذه الأزمات وتستثمر أي ظروف لمصلحتها.

وأضاف: “إضافة للعقوبات هناك أسباب داخلية لهذه الأزمات، أبرزها تحكم رجال الحرب بمختلف مفاصل الحياة اليومية، ما يجعل من الصعب تكوين جبهة داخلية تشكل ضغطاً حقيقياً يهدد بنية النظام.”

ورأى “نعمة” أن جزءاً كبيراً من الأزمات التي تعانيها المناطق الحكومية “مفتعلة من قبل كبار مسؤولي الحكومة بهدف ترسيخ القبضة الحديدية على مصائر الناس.”

وأشار إلى أن “النظام يوهم الناس أن أي خطر يهدد وجوده سيعني أن جميع متطلبات الحياة ستختفي. فهو يربط وجوده بتوفير متطلبات العيش.”

وفي آذار/ مارس الفائت، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أن  سوريا لا تزال “كابوساً حياً” حيث يواجه حوالي 60 بالمئة من السوريين خطر الجوع.

وقال في مؤتمر صحفي حينها: “من المستحيل أن ندرك بشكل كامل حجم الدمار في سوريا، لكن شعبها عانى من بعض أسوأ الجرائم التي عرفها العالم هذا القرن. حجم الفظائع يصيب الضمير بالصدمة.”

“قوة ناعمة”

واستبعد شاهين التركماني (54 عاماً)، وهو اسم مستعار لناشط حقوقي في دمشق، أن تؤدي الأزمات التي تعيشها مناطق سيطرة الحكومة السورية إلى “إزاحة بشار الأسد عن سدة الحكم.”

وقال لنورث برس إن المجتمع الدولي “غير جاد” في إيجاد حل حاسم للملف السوري، إذ تتعامل الولايات المتحدة والدول الأوروبية مع دمشق “بالقوة الناعمة.”

وأضاف: “إذا كان المجتمع الدولي جاداً في إسقاط النظام، لأسقطه منذ زمن طويل، لكن عدم وجود بديل والجدل المثار حول ارتباط مجموعات المعارضة السورية بتنظيمات متشددة كلها عوامل تثير مخاوف الغرب.”

ومنتصف حزيران/يونيو من العام الماضي، بدأ فرض سلسلة العقوبات الأميركية “قيصر” على الحكومة السورية وشركاء وداعمين لها، بينما صدرت عقوبات أخرى عن الدول الأوروبية.

ومنتصف آذار/ مارس الفائت، قال مهند هادي منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، خلال حديث صحفي نشره موقع الأمم المتحدة، إن الحل في سوريا “ليس إنسانياً، بل يجب أن يكون سياسياً.”

وفي الذكرى العاشرة لانطلاق الاحتجاجات في سوريا، اتهمت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، ليندا توماس- غرينفيلد، الحكومة السورية بعرقلة أي حل سلمي “للأزمة السورية”.

وقالت خلال جلسة إحاطة لمجلس الأمن حول سوريا إن “هناك سبباً واحداً.. يمنعنا من تفعيل حل سلمي للأزمة، هو رفض نظام الأسد الانخراط بحسن نية.”

اعتبارات دولية

واعتبر فادي سيف الدين ( 28 عاماً)، وهو اسم مستعار لمتخرج من كلية الإعلام في دمشق، أن الموقف الأميركي حيال الملف السوري يعتمد على بعض الأسس “أهمها إبقاء الجبهة الجنوبية مع إسرائيل هادئة وإضعاف دور إيران ومنع النظام والروس من الوصول إلى حقول النقط والغاز شمال شرقي سوريا.”

وأضاف: “أي أمر خارج هذه الأسس هو خارج اعتبارات الإدارة الأميركية، وبالتالي أي حديث عن مؤشر لسقوط النظام ليس وارداً في المدى المنظور.”

وفي آذار/ مارس الفائت، قالت نائبة المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية جالينا بورتر، لنورث برس، إن الولايات المتحدة لا ترى أي حل للصراع السوري إلا عبر التسوية السياسية.

ونفت “بورتر” أن تكون لدى إدارة بلادها أي نية في رفع العقوبات عن سوريا.

ورجّح “سيف الدين” تزايد الضغوط الغربية على حكومة دمشق بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة التي من المقرر إجراؤها بين منتصف نيسان/أبريل الحالي ومنتصف أيار/ مايو المقبل وسط رفض أميركي وأوروبي.

وقال: “سيزيد المجتمع الدولي من ضغوطه على النظام السوري لا لإسقاطه، وإنما لدفعه نحو تقديم تنازلات ربما تدفع بدورها لحل سياسي بناء على قرار مجلس الأمن 2254.”

إعداد: وحيد العطار – تحرير: حكيم أحمد