شاعر وكاتب: لا شعر متطور بتجربة الشعر السوري بعد الحرب

القامشلي – نورث برس

قال وليد عبد الرحيم وهو شاعر وكاتب ومخرج سينمائي فلسطيني يقيم في دمشق، الجمعة، إنه لا شعر متطور بتجربة الشعر السوري بعد الحرب المستمرة منذ عشر سنوات.

وأشار إلى انشغال الذهن السوري بفوضى السياسة والمواقف والتأطر، “لنتخيل مثلا شاعراً أحترمه قام مؤخراً بمديح حكام الإمارات بعد منحه إقامة فيها.”

ووليد عبد الرحيم شاعر وكاتب ومخرج سينمائي فلسطيني مقيم في دمشق، يعمل في مجلات ثقافية متعددة.

وحاضر الأسبوع الفائت في ذكرى يوم الأرض وتحدثت عن نشوء أميركا استعمارياً وإبادة الهنود الحمر ودعم الإرهاب والذبح الصهيوني.

نشاط سياسي

وعن نشاطه السياسي والثقافي، قال عبد الرحيم لنورث برس: “مقاطعة النازية الصهيونية عمل أخلاقي بالدرجة الأولى، وأنا أستغرب كيف أن البعض يدعي الثورية وينشد الحرية ألا يقاطعها، بل يناضل ضدها.”

وأضاف: “شعوب المنطقة تقاطع الكيان تلقائياً بعكس الأنظمة التطبيعية، ثم إن هذا النوع من الحملات يستهدف توعية شعوب الغرب بالدرجة الأولى فحكوماتها هي من تغطي جرائم الكيان الصهيوني.”

ورأى أن “هيئات المقاطعة فشلت حتى الآن بتحقيق نجاحات مهمة، لأن المواطن العربي لا يعلم أهمية ما يجري في الغرب ولا يكترث لذلك فمشاكله تكفيه.”

وعن علاقته بالشعر، قال: “أظن بأنه من الخطأ اعتبار الغوص في الشعر علاقة، فالعلاقات تنتهي أو تتوقف، أو يحدث خصامنا معها، كما أعتقد بأن الشعر يختلط بيولوجياً بالممسوس به، وهو مس لا فكاك منه.”

وأضاف أن الشاعر “لا يختار أن يصبح شاعرا، تلك فضيلة الفطرة وربما سمة جينية، إشكالية الشعر أنه كالمتفجرات عبوة تنفجر فيك ولا تتوقف عن خوض تأثيراتها.”

وعن مجموعاته الشعرية، قال: “لدي ثلاث مجموعات شعرية (بدايات، بيارق، بكاء على صدر العراق)، والآن رواية تحت الطبع “لست حيوانا”.

وقال الكاتب إن “المجموعتين في البدايات ساذجتين تكتنف لغتهما وأجواؤهما الخطابة، وأنت لا تستطيع أن تفعل شيئاً حيال ذلك فتلك سمة البدايات في عالم صاخب ولدت فيه صدفة قسرية.”

وأشار إلى أنه “كتب معظم قصائده عن الهم الفلسطيني وثوراتها وفلسفة الثورة، لكن ديوان بكاء على صدر العراق أتى زمنياً في لحظة هجوم دولي يهدف لتدمير حضارة وتاريخ العراق، لا نظام صدام، هذا العراق الذي منح الإنسانية الكثير.”

وشدد على أن “الديوان ذاته يحتوي ما هو فلسطيني وسوري وعربي وإنساني، القصيدة مهما كان موضوعها ومفرداتها وفحواها فهي ذات جموح إنساني، بما فيها القصيدة السياسية.”

تصنيف الشعر

وحول الشعر العامي أو التفعيلة، قال “عبد الرحيم”، “القصيدة إيقاعها بذاتها، غير ذلك هو سكب كلام في قالب، وربما كان أكثر ما يسيئ للفن عموماً هو قولبة الشكل مما يخلق التشابه السلبي، شخصياً جربت الأشكال جميعها، لكل وقعه، أؤيدها جميعها، وأنكرها جميعا.”

وحول تصنيفه  للشعر في سوريا، قال: “الشعر في سوريا عامة يتمتع تاريخياً بفخامة لا أظنها قابلة للتلاشي، لكنها تقبل الانتكاس، الآن لا شعر متطوراً أو لائقاً بتجربة الشعر السوري إلا القليل.”

وعزا ذلك إلى “انشغال الذهن السوري بفوضى السياسة والمواقف والتأطر، لنتخيل مثلا شاعرا أحترمه قام مؤخراً بمديح حكام الإمارات بعد منحه إقامة فيها، وهو يزعم تبنيه للفكر الثوري، كيف يكون ذلك!؟.”

وأضاف: “هذا معبر جيد عن الأزمة التي طالت الشعر، كما كل شيء آخر في الذهاب نحو المديح والهجاء مقتلة للشعر، وخلط المصلحة الذاتية أو السياسية بالموقف الشعري يدمر القصيدة ذاتها وهي مقدمة لتدمير الشاعر أيضا.”

واشار إلى أن “هذا يعني تراجعاً في سوية الشعر في سوريا بتأثيرات ومفاعيل الأزمة.”

وعن كتابته للمسرح، قال: “المسرح أبو الفضاءات الفنية، تجربتي المتواضعة فيه أغنت شخصيتي أولا، في المسرح سر بنيوي أفشل في تفسيره، الكتابة أو الإخراج للمسرح خوض في عالم مختلف.”

وأشار إلى أنه “يصقل الروح والفكرة والتجربة والمتعة في ماعون واحد، الكتابة للمسرح أشبه بخلق فضاء، عالم مختلف في كل لحظة ومع كل عمل جديد. ولهذا تم سحقه، ولهذا حورب عالميا.”

 وشدد على أنه “تم فصل الدعم عنه، لأنه لا يتوافق مع الهيمنة الاقتصادية العالمية ولا مع رغبات وطبيعة الأنظمة، يبقى للمسرح متعة خاصة وفائدة جليلة ونكهة أسطورية، لكن للأسف فإن وقته قد ولى.”

إخراج سينمائي

وعن الإخراج السينمائي، قال: “لا يعني الإخراج للسينما شيئاً، إلا بقدر ما هو شكل من أشكال التعبير البصري والسمعي، السينما جهد فني متكامل يقوده المخرج ولا يصنعه فعلياً، يوجه الكاميرا والممثلين والإضاءة والديكور.”

وأضاف: “الإخراج في الواقع هو استغلال لجهود مجمل الطاقم الفني، لكنه استغلال إيجابي محمود ينتج جمالاً وفائدة ومتعة.”

وقال إنه ينجز حالياً “فيلما جديدا (زفير شهيق) ستعمل الكاميرا خلال أيام، في السينما والدراما التلفزيونية أنا أفضل لغة الصورة لا حشود الثرثرات الحوارية. حتى في التسجيلي أهرب من ذلك.”

وعن المعهد التعليمي، قال: “ليس معهدا، وإنما برنامج تعليمي هو ( برنامج التطوير الفني العربي) يعلم فنون السينما بطريقة ووسائل أكاديمية، وقد أثبت نجاحه خلال نحو خمسة عشر عاما، باعتمادنا طريقة مختلفة في المنهجية.”

وأضاف: “الفضل الأول في ذلك التأسيس للدكتورة منى الصبان، لسنوات طويلة خلت كان هناك اتفاق وتعاون مع المركز الثقافي الروسي بدمشق وقد نجح ذلك وطلابنا اليوم بعضهم من أهم المخرجين وكتاب السيناريو وبقية الاختصاصات.”

وأشار إلى أنه “بفعل الأزمة السورية إغلاق المركز الروسي وتوقفنا منذ العام ٢٠١٤، يستدعيني بعض الزملاء للتدريس فأدرس السيناريو والإخراج ومؤخرا دورة سيناريو في اتحاد طلبة فلسطين، وحالياً بالإخراج في مؤسسة فينوس.”

وعن عمله بالصحافة، قال: “خيار مهني أكثر منه عمل ثقافي أو إبداعي، وتكتنفها ميكانيكية إلى حد ما، كما أنها تشترط تقييد الرأي في غالب الأحيان بسبب ارتباط الوسيلة بمؤسسة أو دولة أو صحيفة.”

وشدد على أن “هناك منهجية متبعة ويجب الخضوع لها، تلك أولى إشكاليات العمل الصحفي، تجربتي الطويلة في مجلة الهدف ومركز الهدف الذي أنجزت فيه ستة عشر كتابا تختلف عن محطات العمل الأخرى التي خضتها صحفيا.”

 وقال إن “مجلة الهدف هي خياري الذاتي لنقل الإيديولوجي، لذلك لا أعمل بها امتهانا، هناك شيء يشابه حالة الشعر، أحتسي القهوة كل صباح مع غسان كنفاني وناجي العلي.”

وأضاف أن من “يقرأ مع كنفاني والعلي، ويتحاور ويختلف ويبكي معهم، الهدف سر نضج فلسطين وبوصلتهم.”

مخيم اليرموك

وعن مخيم اليرموك، قال: “يعاني من الدمار ومن استمرارية الوضع القائم والتقطير في حجم عودة الأهالي إليه من سوريين وفلسطينيين، كما من آلية موافقات العودة وشح أعدادها.”

وأشار إلى أن “المهجرين بمناطق دمشق يعانون، غالبيتهم لم يعودوا قادرين على سد احتياجاتهم من إيجارات البيوت، وحالات الوفيات بالقهر والجلطات، إضافة لمعاناة أية منطقية بسوريا سببها الحرب، وتبعاتها مثل قانون قيصر الإجرامي.”

وقال إن “لمخيم اليرموك سحر خاص، ذاكرة استثنائية، وكنت أظن بأن سكانه من الفلسطينيين فقط هم من يعتبرونه عنوانا للاجئين المهجرين قسرا، لا بل حتى السوريين الذين لم يسكنوا هذا المكان تراهم دامعين عند ذكره.”

وشدد على أن “اليرموك محفور في ذاكرة كل من عرفه باعتباره مكانا يعج بالثقافة والتنوع والحرية، فكيف إن كنت مثلي مولودا فيه وبيتك الآن مدمر هناك.”

وعن معاناته في اليرموك، قال عبد الرحيم: “شخصيا أنا وعائلتي فقدنا جمالية المكان منذ إخراجنا من بيتنا، خرجنا من مكان مميز وفقدنا حسا عميقا بالتنوع والفخامة، فمخيم اليرموك ليس أبنية اسمنتية، بل حالة نادرة في تاريخ الأمكنة.”

إعداد: بسام سفر ـ تحرير: معاذ الحمد