وسط أزمة المحروقات.. صناعيون بحلب يغلقون معاملهم وآخرون يخفضون الإنتاج

حلب – نورث برس

تعاني المنشآت الصناعية والمعامل في مدينة حلب، شمالي سوريا، من حالة شلل في الحركة الإنتاجية بسبب أزمة المحروقات التي تشهدها عموم البلاد، حيث خفضت  العديد من هذه المنشآت إنتاجها بنسبة غير مسبوقة، فيما فضل بعض الصناعيون إغلاق معاملهم وورشاتهم بشكل كامل.

وتشهد جميع المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق نقصاً في المحروقات وأزمة مواصلات، بالتزامن مع تقنين حاد في الكهرباء، وارتفاع أسعار المحروقات لأضعاف في السوق السوداء.

 منشآت متوقفة

وأوقف عبد الله حوري (50 عاماً)، وهو صاحب منشأة لصباغة الأقمشة في حي الشيخ نجار الصناعي في حلب، العمل في منشأته مع انقطاع توريدات مادتي الفيول والديزل (المازوت) التي كان يحصل عليها من غرفة صناعة حلب “ريثما تتحسن الأوضاع.”

وقبل تفاقم أزمة المحروقات، كان “حوري” يحصل شهرياً على ألف لتر من المازوت بسعر 625 ليرة لكل لتر كسعر خاص بالصناعيين لتشغيل المولدة الكهربائية وبعض الآلات، إضافة إلى 2000 لتر من مادة الفيول بسعر 250 ليرة للتر الواحد لتشغيل الحراق الخاص بالصباغة.

  فيما كان يقوم باستكمال النقص من المحروقات عبر السوق السوداء،  فاللتر المازوت كان سعره900  ليرة والفيول 400  ليرة للتر الواحد.

لكن لم يعد بإمكان الصناعيين في حلب الحصول حتى على هذه الكميات سواء المدعومة التي تقدمها غرفة الصناعة أو التي تم شراؤها من السوق السوداء.

فالحكومة قطعت الدعم الخاص بالصناعيين لإشعار آخر، وأسعار مادتي الديزل والفيول بالسوق السوداء وصلت “لأرقام خيالية” في حال توفرت، حيث يباع لتر المازوت بـ 2400 ليرة، فيما يباع لتر الفيول بـ1700 ليرة، بحسب “حوري”.

وأشار “خوري” إلى أن إغلاق المنشأة “لم يتسبب بخسارة لي وحدي، بل إن50  عاملاً توقف عملهم فلم يعد باستطاعتي تحمل أجورهم في ظل توقف العمل.”

لا كهرباء

وقال سعيد البرم (36 عاماً)، وهو صاحب ورشة متوسطة لصناعة الألبسة في حي القاطرجي الصناعي بحلب، إن معظم الورش في الحي أغلقت أبوابها، وأخرى خفّضت إنتاجها وساعات عملها بنسبة 80%.

 وأشار إلى أن الكهرباء النظامية لا تصل سوى لساعتين في اليوم إلى المحال الصناعية، “بالرغم من أن الحكومة وعدتنا بتيار كهربائي صناعي لمدة 12  ساعة متواصلة.”

وفي فترات سابقة كان بعض السكان ممن تتوفر لديهم القدرة المالية وأصحاب المحال الصناعية والورشات يعتمدون على شراء المحروقات من السوق السوداء لتشغيل المولدات الكهربائية الخاصة للاستمرار بعملهم.

ولكن في ظل عدم توفر المحروقات لم يعد حتى ذلك الخيار متاحاً، “إذا استمرت الأحوال على هذا المنوال ولم تقدم  الحكومة حلاً عاجلاً، الصناعة الحلبية لاسيما صناعة الألبسة ستصبح في خبر كان.”

والسبت الماضي، وعد حسين عرنوس رئيس الحكومة السورية، بنهاية قريبة لأزمة المحروقات في سوريا، وتحدث عن انفراج مرتقب مع نهاية الأسبوع.

وجاء ذلك، بعد أن نشر موقع “تانكر تراكرز” المتخصص بتتبع ناقلات النفط، أن مليون برميل من النفط الخام على متن باخرة إيرانية تقترب من قناة السويس في البحر الأحمر، وتتجه إلى بانياس السورية.

هجرة الصناعيين

ومع تلك الوعود بانفراج الأزمة، أقرت الحكومة، السبت الماضي، إيقاف العمل في مؤسسات عامة وتخفيض عدد العاملين في مؤسسات أخرى، وذلك “لتحقيق توفير حقيقي في استهلاك المحروقات.”

ومن المقرر وبحسب الكتاب الذي أرسله رئيس الحكومة السورية، حسين عرنوس إلى الوزارات وحصلت نورث برس على نسخة منه، فإن إيقاف العمل في “الجهات العامة التي لا يؤثر إيقاف العمل لديها في النشاط الاقتصادي”. سيستمر حتى الخامس عشر من هذا الشهر.

وقبل الأزمة السورية، كان حي الليرمون بحلب يضم حوالي 200 منشأة، لكن حالياً لا يتعدى عددها 25 منشأة.

وقال عماد الناشف (60عاماً)، وهو صاحب معمل للنسيج في حي الليرمون، إن معظم زملائه الصناعيين لاسيما أصحاب المعامل الضخمة  يفكرون بالهجرة ونقل أعمالهم إلى خارج سوريا.

ومؤخراً، نقل أكثر من ثلاثة صناعيين في حي الليرمون أعمالهم إلى مصر، بحسب “الناشف”.

 وأضاف: “الصناعي الذي ينوي الهجرة إما يبيع معداته أو يغلق منشآته ويحول أمواله ويسافر الى بلد آخر برفقة نخبة من العمال والحرفيين وأصحاب المهارات والخبرات العالية في منشآته.”

 وأشار “الناشف” إلى أن هناك عدداً من المنشآت تعمل حالياً في حي الليرمون، “لكنهم سيتوقفون عن العمل عند نفاذ مخزون المحروقات لديهم.”

وتأسف “الناشف” على فقدان حلب خيرة صناعييها “لا سيما صناعيو الصف الأول، بسبب عجز الحكومة عن النهوض بأحد أهم القطاعات الاقتصادية والإنتاجية في سوريا عامة وفي حلب خاصة.”

إعداد: نجم الصالح – تحرير: سوزدار محمد