اللجنة الدستورية نجاحٌ مرهونٌ بالمشاركة وتلكؤٌ في الحلّ وغياب أطرافٍ وتزامنٌ مع اجتماعات قمةٍ
NPA
لا تزال آليات اللجنة الدستورية الجديدة، محل جدالٍ ونقاشٍ بين الأطراف المعنيّة بالمسألة السورية، على الرغم من الإعلان عن اتفاقٍ حول الأسماء الستة العالقة، والذي جاء بعد عمليات صدٍّ وردٍّ بين المعارضة والجانب الحكومي وروسيا وتركيا والأمم المتحدة، لتبدأ العُقدة المستمرة منذ أشهر بالانحلال الفعلي.
إذ أكّدت وسائل إعلامٍ حكوميةٍ سورية، وصول المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في زيارةٍ إلى العاصمة دمشق، التقى خلالها الرئيس السوري بشار الأسد وتباحث معه المسائل المتعلقة باللجنة الدستورية.
هذه الزيارة جاءت في أعقاب التصريحات التي وصفت بـ"المتفائلة" لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف، حول قرب انطلاق أعمال الجنة الدستورية قبل نهاية أيلول / سبتمبر الحالي.
كذلك تتزامن عملية حلّ تعقيدات اللجنة الدستورية مع اجتماع اليوم في العاصمة التركية، أنقرة، بين رؤساء الدول الضامنة لمسار اتفاق آستانا ومساره، فلاديمير بوتين، وحسن روحاني ورجب طيب أردوغان.
فيما غاب ممثلو مجلس سوريا الديمقراطية عن المشاركة، على الرغم من وجود الدعم الكامل لهم من قبل التحالف الدولي والولايات المتحدة الأمريكية، ما اعتبره البعض تغييباً متعمّداً لأحد المكونات الرئيسية في المجتمع السوري وفي العملية السياسية.
طبخة بحص
ويرى الباحث والأكاديمي السوري مهيب صالحة في حديثه لـ"نورث برس" أنّ "عرابي أثلاث اللجنة لا يتورعون عن سوق ذرائع واهيةٍ تبرّر إضاعة الوقت في تشكيلها."، ويرى بأنّ الخلافات "السطحية" هذه تحاول "حجب الخلافات الرئيسية"، حسب وصفه.
وأوجز هذه الخلافات الأساسية بالقول إنّها تلك المتعلقة بعمل اللجنة الدستورية وصلاحياتها، والأساس الذي تستند عليه عملية التعديل فيما إذا كان دستوراً جديداً أم تعديلاً لدستور عام 2012 وآلية اتخاذ القرار فيها.
ويشير صالحة إلى أنّ "الخلافات ربما تعكس عدم التوافق السياسي بين الدول المتدخلة والفاعلة في المسألة السورية حول شكل وجوهر حلها".
فيما يشدّد على أنّ "الحوار الوطني على قاعدة المساواة وتكافؤ الفرص"، هو الوسيلة "الوحيدة" التي يمكنها بحسب الباحث الأكاديمي "إنتاج حلول وطنية يجسدها دستورٌ دائمٌ يعدّه السوريون وفق القواعد القانونية الراسخة والمعايير الدولية المتعارف عليها".
ويلفت النظر إلى أنّ الحل يجب أن يكون كما المذكور سالفاً "وليس مجرد طبخة بحصٍ دوليةٍ يُراد منها تكسير أسنان السوريين وايهامهم بالشبع".
ويوضّح صالحة بأنّ "وضع العربة أمام الحصان هو المسؤول عن التلكؤ في تشكيل اللجنة الدستورية"، معتبراً أنّ ما يُراد من الأخيرة هو "كسب الوقت من قبل أطراف أستانا وسوتشي".
وخصّص النقطة الأخيرة حول التوافق بين الاتحاد الروسي والولايات المتحدة الأمريكية، الذي يعتبره "كلمة المرور لأي حلٍّ للمسألة السورية" بما فيها العملية الدستورية من دستور وانتخابات ومؤسسات دستورية.
عقلنة المطالب والطرح
فيما قالت ميس كريدي لـ"نورث برس"، التي تشغل منصب أمين سر مؤتمر سوتشي، والناطق الرسمي لجبهة المعارضة في الداخل، أن "بوابة الحوار يجب أن تكون من بوابة الحكومة السورية لكن بعقلنة المطالب وعقلنةٍ في الطرح واستيعابٍ للواقع السياسي وللجغرافية السياسية".
كما ترى كريدي وجود استثمارٍ من قبل بعض الدول في ملف الخلافات بين الأطراف السورية، متمنية أن لا تكون هناك نهاية سوداوية وأن يجري التوصل فعلاً لحوارٍ جدي في هذا الاتجاه.
وتؤكّد على أنّ المشكلة تكمن في "تقدم المفاوضات العالمية حول انتاج واقع جديد يمر من سوريا." وتجد كريدي صعوبة ايجاد علاقة مع الجانب الحكومي السوري وهذا ما ينتج وفق رؤيتها "عدم رضا وصراعاتٍ قد تؤدي لمساحات من العقوبة، تبدأ بمنع السفر وتنتهي بالاعتقال".
دستورٌ مرهونٌ بالمشاركة
فيما يرى عضو الهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي آلدار خليل أنّه في حال "توفر القرار بخصوص الحلّ في سوريا، عندها يتطلب أن تكون جميع الجهات مشاركة في اللجنة الدستورية".
ويضيف لـ"نورث برس" أنّه "لا بد من اشراك الجميع وخصوصاً أنّنا ندير أكثر من 30 % من الأرض السورية، لذلك لا يعقل أن نبقى خارج اطار التفاهمات بخصوص اللجنة إن تمت، لذا نحن نلاحظ تأثير اللوبي التركي على الأطراف الأخرى".
ويشدّد خليل على أنّ نجاح الثورة مرهونٌ باتفاقٍ داخليٍ للسوريين فيما بينهم، معتبراً أنّ أي حلٍ يأتي من الخارج لن يمثل حقيقة الحل للقضية السورية، لأنّ الحلّ الأمثل يكون بتوافق السوريين".
ويردف بأنّ مجلس سوريا الديمقراطية "يسعى منذ فترةٍ لتقريب وجهات النظر بين السوريين، ولكن هناك أمورٌ تتسبب في تأخر الاتفاق السوري – السوري، كالتدخل التركي والتي تسعى لإحداث شرخ ما بين القوى الديمقراطية السورية".
وفي حال لم تتم المشاركة من قبل جميع الأطراف فإن الدستور -وفقاً لآلدار خليل- "لن يكون ممثلاً لجميع مكونات الشعب السوري، وبهذا لن ينجح مشروع الدستور السوري الجديد".