دمشق – نورث برس
يعاني مرضى في العاصمة دمشق من الازدحام في عيادات أطباء ممن لا يزالون يجرون المعاينات، حيث تبدو فكرة مراجعة الطبيب قبل شهر من حجز الموعد ضرباً من المستحيل.
وفي التاسع عشر من الشهر الماضي ومع بدء الموجة الثالثة من انتشار وباء كورونا، قررت وزارة الصحة السورية إيقاف جميع العمليات الباردة في المشافي الحكومية وتشغيل المشافي بالطاقة القصوى وكامل القدرات والإمكانات لصالح مرضى الجائحة.
حجز موعد
وتشهد مناطق سيطرة حكومة دمشق، ازدياداً ملحوظاً في أعداد المصابين بفيروس كورونا وسط تحذيرات من انهيار النظام الصحي في تلك المناطق.
وأمس السبت، أعلنت وزارة الصحة في الحكومة السورية، عن تسجيل 120 إصابة جديدة بفيروس كورونا في سوريا وشفاء 113 حالة، ووفاة 11 من الإصابات المسجلة بالفيروس.
وفي الأشهر الماضية، أودى ازدياد إصابات كورونا وعدم توفر وسائل الحماية الكافية بحياة العديد من الأطباء في مختلف المدن السورية، ما دفع أطباء آخرين للامتناع عن معاينة المرضى خوفاً من انتقال العدوى.
واقتصر بعضهم على معاينة الحالات التي تحتاج إلى عمليات، وسط عجز المشافي الحكومية عن استقبال المرضى بسبب ضغط مراجعي حالات الاشتباه بكورونا، ما أدى إلى تشكل طوابير في عيادات أخرى في العاصمة.
وقضى جاسم الطويل (56 عاماً)، وهو مزارع قادم من مدينة دير الزور، ثلاثة أيام يجول في دمشق قاصداً عيادات أطباء الأمراض العصبية محاولاً الحصول على معاينة طبية، لكن دون جدوى.
واقتصر الجواب الذي يسمعه المزارع المريض على ضرورة حجز موعد ومراجعة الطبيب وفقه.
وقدم “الطويل” من محافظة دير الزور لدمشق لمراجعة طبيب العصبية إثر إصابته في يده اليمنى نتيجة العمل.
وفي اليوم الرابع وبعد انتظار لتسع ساعات في عيادة أحد الأطباء، نجح المزارع في الحصول على المعاينة بعد أن شرح للطبيب أنه يستحيل الرجوع إلى دير الزور والسفر مجدداً بعد شهر.
لأكثر من شهر
وفوجئ لقمان غندور (34عاماً)، وهو مهندس يقيم في حي الصالحية، بتحديد الممرضة لموعد مراجعته بعد 40 يوماً من معاينته.
وقال “غندور”، الذي يعاني منذ مدة من مشاكل هضمية في المعدة، إنه تجادل كثيراً مع الممرضة التي أبدت عجزها عن وضع موعد مناسب بسبب ضغط المراجعين وانشغال الطبيب.
وأشار إلى أنه قصد إحدى الصيدليات وشرح للصيدلي ما يشعر به مع إبراز نتائج التحاليل “فنصحني بمجموعة من الأدوية لمعالجة حالتي المرضية.”
لكن ياسين راشد (58 عاماً)، وهو اسم مستعار لطبيب جراحة داخلية يقيم في حي العدوي، قال إن العديد من السكان يفضلون مراجعة أطباء معينين من “ذوي الصيت، ما يؤدي لضغط على عيادات قسم معين من الزملاء.”
وأضاف أن هناك العديد من الأطباء ينتشرون في بلدات الريف “لا يقصدهم الناس إلا نادراً.”
وقالت عبير الحاج (29 عاماً)، وهي مساعدة طبيب عظمية تقيم في حي باب مصلى، إن الطبيب أخبرها بضرورة إلغاء جميع المواعيد التي تحجزها للمرضى، وذلك مع عودة انتشار وباء كورونا.
وذكرت أن الطبيب حالياً يقوم بمعاينة الحالات الشديدة التي تحتاج إلى عمليات عاجلة فقط يجريها في المشافي الخاصة.
وأضافت أنها تعتذر من جميع المرضى الذين يراجعون العيادة، رغم كثافة عدد المرضى المراجعين.
ومع بداية انتشار وباء كورونا في البلاد، توقفت زينة كوركيس (62 عاماً)، وهو اسم مستعار لطبيبة نسائية تقيم في حي القصاع، عن استقبال أي حالة غير طارئة، واكتفت بإجراء العمليات الجراحية.
وذكرت الطبيبة أن وضعها الصحي من حيث إصابتها بمرض السكري إضافة لكبر سنها يفرضان عليها اتخاذ إجراءات وقائية مشددة.
وأضافت أنها لم تتمكن من أخذ اللقاح الذي تقدمه وزارة الصحة باعتبار أنها لا تعمل في المشفى، “الأولوية في اللقاح هي للعاملين في أقسام العزل في المشافي المخصصة لاستقبال المصابين بفايروس كورونا.”