مؤشرات على تأخر زواج الشباب في حلب وسط تحديات التكاليف الباهظة

حلب – نورث برس

يقول شبان ممن بلغوا ثلاثة عقود من حياتهم من مدينة حلب، شمالي سوريا، إن الظروف الاقتصادية المتردية في البلاد وارتفاع نفقات الزواج دفعتهم لتأجيل ارتباطهم بهدف الزواج وتكوين أسرة.

ويرى سكان في حلب أن تأخر زواج الشباب تعد “ظاهرة جديدة” طرأت على المجتمع الحلبي المعروف بمحافظته على الزواج المبكر للشبان والشابات.

“تكاليف فوق المستطاع”

وقال رامز عجنجي (37 عاماً)، وهو مهندس يعمل موظفاً في شركة خاصة لبيع قطع الكمبيوترات، إنه يرفض فكرة الزواج والارتباط حالياً، “لحين توفر ظروف أنسب.”

 ورغم أنه يجد في راتبه 300 ألف ليرة شهرياً “مبلغاً جيداً”، إلا أنه لا يستطيع تغطية نفقات الخطبة، “فشراء خاتم الخطوبة وحده يكلف أكثر من مليون ليرة، فكيف لي بتأمين تكاليف الزواج كلها؟”

وأضاف: “المهر وشراء الذهب وتأمين السكن وتكاليف العرس وغيرها من المصاريف، لم يعد بمقدور شاب مثلي تحصيل ولو جزء بسيط منها.”

وتشهد سوريا تفاقماً حاداً في الأوضاع المعيشية في ظل موجة ارتفاع الأسعار لمستويات غير مسبوقة على خلفية انهيار قيمة الليرة السورية.

وبلغ سعر صرف الليرة السورية، الأحد، 3700 ليرة مقابل الدولار الأميركي الواحد في أسواق مدينة حلب.

ورأى “عجنجي” أن المجتمع الحلبي لم يعد بشكل عام ينظر للشباب الذين تأخروا في الزواج على أنهم ” غير أسوياء أو أن لديهم مشكلات نفسية أو جسدية كما كانت النظرة سابقاً”، بحسب قول الموظف.

وأشار إلى أن الظروف الاقتصادية الراهنة التي نعيشها “تدفعني أنا والكثير من الشبان المقاربين لي بالعمر لرفض فكرة الزواج.”

ورغم عدم وجود إحصائيات رقمية دقيقة عن نسبة الشباب والشابات العازبين، إلا أن  مصدراً في نفوس حلب كشف لنورث برس أن طلبات الحصول على دفاتر العائلة انخفضت بشكل كبير في العام الحالي.

أحلام سفر

وينوي منصور كيالي (34عاماً)، وهو خريج جامعي أنهى خدمته العسكرية الاحتياطية قبيل أشهر، السفر لخارج البلاد لتأمين ظروف معيشية أفضل.

وأشار الشاب الثلاثيني إلى أنه يرغب أن يحذو حذو أقارب له “أمنوا ظروفاً معيشية أفضل خارج سوريا، وتزوجوا بعدها وأنجبوا الأطفال.”

ورأى أن تكوين أسرة في البلاد بات “صعباً وشبه مستحيل، فالمتزوجون وأرباب العائلات يقضون جل وقتهم في الوقوف على الطوابير لتأمين الخبز والمحروقات، حياتي كعازب أفضل من أكوّن أسرة وأعجز عن تأمين متطلباتها.”

وبحسب القاضي الشرعي الأول في دمشق، محمود المعراوي، فإن أكثر من 50 % من عقود معاملات الزواج أو تثبيتها تتم بموجب وكالات من خارج سوريا، مشيراً إلى أن هذا مؤشر على تزايد الهجرة.

وبحسب “المعراوي” فإن “نسبة العنوسة في سوريا ارتفعت إلى 70 % بسبب الحرب المستمرة.”

ورأت منى اليوسف (40 عاماً)، وهي مرشدة نفسية واجتماعية في مدرسة ابن البيطار الثانوية في حلب، أن “تمسك الكثير من عائلات حلب بالعادات التي تفرض على العريس تحمل نفقات باهظة للزواج من مهر وتأمين منزل وحفلة عرس وغيرها من الالتزامات الشرقية ساهمت في تفاقم نسبة العنوسة.”

وأضافت: ” بات تكوين أسرة حلم صعب المنال للفئات الشابة ذكوراً وإناثاً.”

وأثرت الحرب التي دخلت عامها الحادي عشر على التركيبة المجتمعية “فهي جعلت من الشبان مقاتلين أو قتلى أو مهاجرين”، بحسب “اليوسف”.

إعداد: نجم الصالح – تحرير: سوزدار محمد