دمشق ـ نورث برس
يواجه سكان في دمشق مخاطر جمة ويتعرضون للابتزاز عند محاولتهم استلام حوالاتهم المالية القادمة من أقاربهم المقيمين خارج البلاد أو في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية.
وتمنع الحكومة السورية تداول الدولار أو أي عملة أجنبية أخرى أو استلام الحوالات القادمة من الخارج بغير العملة السورية، وتفرض عقوبات كبيرة بحق المتعاملين بالدولار تصل إلى السجن لأعوام وغرامات مالية تقدر بالملايين.
مخاطر جمّة
ويقول سكان في دمشق، إنه وسط الظروف الصعبة التي يمرون بها بسبب انعدام فرص العمل والرواتب المتدنية وجمود الحركة الاقتصادية وانهيار قيمة الليرة السورية، فإنهم “يواجهون تحديات كبيرة حين يحاول أقربائهم في الخارج مساعدتهم.”
وقال سامر العلي (48 عاماً)، وهو اسم مستعار لمدرّس في إحدى مدارس ريف دمشق: “إن فكّر أحد أشقائك أو أقربائك في الخارج التخفيف من وطأة معاناتك الاقتصادية، عبر إرسال مبلغ مادي متواضع، فلن تستطيع أن تهنأ فيه بسبب المخاطر التي ترافق استلام المبلغ.”
وأضاف: “إما أن تخسر ثلاثة أرباع المبلغ لصالح الحكومة أو تتعرض للابتزاز واستقطاع قرابة ربع المبلغ من قبل المتعاملين بالحوالات بطرق غير نظامية أو تتعرض للسجن.”
ولـ”العلي” شقيق مقيم في ألمانيا يرسل له مبلغاً شهرياً لإعالة عائلته وأطفاله.
وكل شهر، يواجه “العلي” هذا الموقف، إذ يقوم المتعامل بالتحويل في ابتزازه عبر تأخير تسليمه المبلغ واستقطاع أجزاء منه عبر تصريفه بسعر منخفض.
“خياران أحلاهما مر”
يقول سكان في دمشق أنه يتعين على الراغب بإرسال حوالة إلى داخل سوريا الرضوخ لخيارين أحلاهما مر.
وفي الخيار الأول، يتم إرسال الحوالة عبر قنوات رسمية كشركات الهرم أو ويسترن يونيون، التي تقوم بتحويل المبلغ إلى قيمة العملة السورية وفق سعر الصرف في البنك المركزي (1250 ليرة).
ووصل سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار في تداولات اليوم الخميس، (3940 للمبيع، و3830 للشراء)، وهو ما يتم تسعير البضائع والسلع والمواد الغذائية على أساسه.
وأما الخيار الثاني فيكون في إرسالها عبر قنوات غير رسمية، أي السوق الموازية (السوق السوداء)، المؤلف من أشخاص لهم صلات وارتباطات بأشخاص في الخارج ويعملون في تحويل الأموال بصورة غير رسمية.
استقطاعات وابتزاز
ولعلّ الخيار الثاني هو المحبب لدى السكان، رغم ما يحمله ذلك من مخاطر ومضايقات يتعرضون لها أثناء استلام حوالاتهم سواء من إمكانية تعرضهم للاعتقال أو للابتزاز واستقطاع مبالغ من الحوالة إضافة إلى ثمن التحويل.
وتعتمد سميرة العابد (26 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالبة جامعية، على شقيقتها المقيمة في هولندا في مصروفها الجامعي.
وقالت لنورث برس: “ترسل لي شقيقتي كل شهر قرابة 100 يورو، لكن عندما تصل إلى يدي يكون قد استقطع أجزاء كبيرة منها.”
وأضافت: “في المرة الأخيرة عندما أرسلت شقيقتي المبلغ لي كان سعر صرف اليورو (5150 ليرة) حوالي 515 ألف ليرة، لكن العامل في التحويل سلمني فقط 425 ألف. هو يعلم أنه لا بديل لنا سواه فيقوم بتصريف المبلغ على هواه.”
ويرفض وسطاء الحوالات تسليم العملات بالدولار أو اليورو بحجة عدم توفرها ويُلزمون أصحابها بتسليمها بالسعر الذي يحددونه هم بأنفسهم، ويكون غالباً أقل من السعر الحقيقي بكثير.
مخاطر التوقيف
وتعرضت غزال الحموي (23 عاماً)، منذ أشهر، للتوقيف بعد ذهابها لاستلام حوالة بقيمة 50 دولاراً أرسلها والدها المقيم في المغرب.
وقالت “الحموي” إن والدها أرسل المبلغ وأخبرها أنه سيتم التواصل معها في دمشق لاستلام المبلغ.
“فعلاً تواصل معي أحد الأشخاص في اليوم التالي وطلب مني المجيء إلى شارع الثورة وعند وصولي والتقائي به غافلتنا إحدى دوريات الأمن الجنائي وقبضت علينا متلبسين”، بحسب “الحموي”.
وفي وقت لاحق، وكّل والد “الحموي” محامياً تمكن من الحصول على إخلاء سبيل لها بعد 40 يوماً قضتها في السجن مع دفعها مبالغ طائلة كرشاوى.
وعلمتْ “الحموي” فيما بعد أن الشخص الذي كان ينوي تسليمها الحوالة، كان ينوي تسليم حوالة أخرى لشخص آخر في المكان والتوقيت نفسه وكان الأخير مراقباً من قبل الدورية.